الأحد، 13 يوليو 2008

تدني مساحات القطن بالجزيرة لادني مستوي بتاريخ المشروع


تراجع مساحات القطن بالجزيرة لأدنى مستوى في التاريخ..!! تحقيق: بله علي عمربرز للسطح الحديث عن تراجع انتاج البلاد من الاقطان، خاصة ان القطن ظل هو المحصول الرئيسي الذي عرفته البلاد وأمن احتياجاتها ومتطلباتها من النقد الاجنبي حتى إلى وقت قريب، بل كان الضمان المأمون للمعاملات التجارية للدولة، فبضمان محصول القطن تتدفق السلع الحيوية وعلى رأسها المواد البترولية للبلاد. وظل ذلك الوضع منذ بروز اسم السودان وتصدره لقائمة الدول المنتجة للقطن في عشرينيات القرن الماضي حتى حقبة تدفق النفط في التسعينيات، ثم تراجع الانتاج بصورة وصلت حد التدهور، ففي الجزيرة التي تعتبر اعظم مزرعة عالمية لانتاج الاقطان، تشير الارقام الى تراجع المساحات والانتاج والانتاجية، فبينما كانت المساحات المزروعة قطنا في الجزيرة لعام 1970-1971 «588372» الف فدان انتجت «3183087» قنطارا بمتوسط انتاجية «6,113» قنطار شعرة من العينتين بركات والاكالا، وفي عام 1975-1976 بلغت المساحة المزروعة قطنا «603364» فدانا، كان متوسط انتاج الفدان من القطن شعرة 4,129 قنطارا، وفي عام 1982 -1983 تم استزراع 484315 فداناً انتجت 2275796 قنطارا بمتوسط انتاج بلغ 5,310 قناطير للفدان. ومنذ عام 82- 83 بدأت الانتاجية في التصاعد وتجاوزت خمسة قناطير من القطن شعرة، ومنذ عام 93-94 وهو التاريخ الذي غدت فيه شركة الاقطان قطاعا خاصا، ومنذئذٍ بدأ التدهور، ففي العام الاول للتغيير لم تتجاوز المساحة المزروعة 149الف فدان انتجت 574,476 الف قنطار، كانت انتاجية الفدان 4,339 قنطارا، وفي 1999م تم استزراع 259 فدانا انتجت 583864 الف قنطار بمتوسط انتاجية بلغ 2,54 قنطارا للفدان، وهي بذلك تعتبر اسوأ انتاجية في تاريخ المشروع الذي تجاوز السبعين عاما. وفي عام 2007 لم تتجاوز جملة المساحات المزروعة قطنا 91 الف فدان بالمشروع.ومخاطر تدهور الانتاج وملامح تجفيفه لا تقف عند شريحة المنتجين من المزارعين، خاصة ان لزراعة الاقطان ابعادها وآثارها الاقتصادية المباشرة على الحراك الاقتصادي والاجتماعي، ليس على مستوى الجزيرة وحسب، وانما تمتد الآثار لمجمل الانشطة الاخرى، خاصة ان العمليات الزراعية لمساحة 500 الف فدان تعني خلق الوظائف الموسمية لمئات الآلاف من عمال الهندسة الزراعية وجني المحصول وترحيله وحلجه، كما ان هنالك المنتجات الاخرى من زيوت خالية من الملوثات والاعلاف، ايضا كل ذلك يجعل من القطن احد اهم المحاصيل ذات الصلة المباشرة بالامن الاجتماعي، مما حتم على «الصحافة» فتح ملف القطن وترك الامر للخبراء والباحثين والمزارعين ليشخصوا لنا أصل العلة، ومن هم الذين يسعون لتجفيف هذا المنتج الاستراتيجي، وسنعمل على ايصال صوت التشخيص للمسؤولين لتجاوز حالة الـ «لا ارى.... لا اعلم .... لم اسمع»، علهم يحركون ساكنا لتدارك الموقف.كانت البداية بمكتب النصيح قسم المكاشفي عندما وقفت على قرار المزارعين بعدم زراعة القطن في 6 ترع هي الاولى بالمكتب، وللذين لا يعملون مساحات الترع وما تحويه من نمر وحواشات، نقول ان متوسط الترعة 15 نمرة، وكل نمرة تتكون من 90 فدانا، اي ان الترعة الواحدة تشمل 1350 فدانا، وبعملية حسابية لصغير في الاساس، فإن هنالك اكثر من 8160 فدانا في اول تفتيش النصيح قاطعوا زراعة القطن، علما بأن المساحات التي ظلت تزرع قطنا في الترع الست تبلغ 2015 فدانا في الدورة الرباعية، عندما كان المزارع اكثر حرصا على انتاج القطن، قلت «لود الماصع» وهو مزارع لماذا تقاطع القطن؟ فاجابني وما جدوى الزراعة؟ ومن اين لي توفير كل متطلباتها، لقد كنا نزرع في السابق لأن الدولة كانت توجه بتوفير المدخلات والسلفيات لكل العمليات الزراعية، وتخصم كل تكاليف التمويل عند صرف الارباح. وقبل هذه وذاك فقد كان هنالك التزام بمراعاة الحزم التقنية، فقد كانت سلفيات الزراعة والحش والشلخ واللقيط وازالة المخلفات يتم تقديمها في وقت مبكر، وكان المزارع يقدم للعمال الوافدين من خارج المشروع ما يسمى بالبلاش وهو عبارة عن سلع غذائية تشمل الحبوب والسكر والزيت، يقدمها مجانا للعمالة الوافدة تشجيعا، اما الآن فلا اثر لكل ذلك. واختتم مصطفي حديثه «لن نزرع قطنا حتى ينصلح الحال». ويتفق مع مصطفى في مسألة اصلاح الحال المزارعون في ود نعمان وود يومة ورزق الله بقسم الحوش، وتتفق معها رؤية المزارعين في سابع دليب وود فقده وكمر الشدايدة في القسم الجنوبي، التي تتمثل في قيام ذراع خاص بمزارعي الجزيرة تعني بتسويق الاقطان، مع الاستفادة من الخبرات التراكمية للخبراء والعلماء من ابناء الجزيرة في مجال التسويق، مع توفير سلفيات العمليات الزراعية بضمان المحصول. واكد المزارعون ان ذلك هو السبيل الوحيد للعودة لزراعة القطن، اما في ظل الواقع الراهن فلا عودة لزراعته.البروفيسور الامين دفع الله رئيس اللجنة الزراعية والحيوانية بالمجلس الوطنى، قال في ندوة اقامتها لجنته أخيراً بحضور عدد كثيف من الخبراء والمتخصصين، ان منافع القطن متعددة، فاضافة لكونه محصولا نقديا فهو يستخدم فى الصناعات الكبرى مثل الزيوت والصابون والغزل والنسيج، وتمثل مخلفاته مصدرا للاعلاف ذات القيمة الغذائية العالية، كما يمكن استخدام سيقان القطن مصدراً من مصادر الطاقة، اضافة الى توفيره لفرص كبيرة للتشغيل فى مراحل انتاجه وتصنيعه وتسويقه. وأشار الامين الى ان القطن اعترته الكثير من المشكلات فى الآونة الاخيرة ادت الى تدنى الانتاجية، الامر الذى قلل من رغبة المزارعين فى الاستمرار فى زراعته، واضر بالسوق الخارجى للأقطان. ولخص دفع الله اهم المشكلات فى ضعف الحزم التقنية لانتاج المحصول بالطريقة الموصى بها من هيئة البحوث. وعزا ذلك الى محدودية التمويل وعدم اتاحته فى الوقت المناسب، مما حال دون توفر المدخلات الزراعية باسعار مناسبة وتدفق التمويل النقدى بصورة منتظمة، اضافة الى اختلال نظام التوازن الحشرى نتيجة للاستخدام غير المرشد لمبيدات الحشرات، اضافة الى قابلية الاصناف المزروعة للاصابة بانواع مختلفة من الآفات، مع تفاقم مشكلات الرى فى ظل تهالك بنيات الرى الاساسية، وتنافس المحاصيل المختلفة على المياه، بجانب تدني اسعار الاقطان السودانية نتيجة لتفشى اللزوجة الذى ادى فى ظل تكاليف الانتاج العالية الى تقليص الميزة التنافسية لصادرات القطن، مع عدم ارتباط المزارع بالارض فى كثير من الحالات. ومن جانبه يرى الدكتور ابراهيم محمد الشيخ الخبير المتخصص في الاقتصاد الزراعي، ان احد اهم عوامل افقار الريف وتراجع التنمية فيه، يعود للتدهور الذي لازم الزراعة عموماً والقطن بصفة خاصة، مشيرا الى أن السياسات التمويلية في البلاد ومنذ سنوات اهملت القطن، وتركت امر التمويل للمصارف التي لا يهمها غير ارتفاع سعر الفائدة، في الوقت الذي تتجه فيه الدول الكبرى الى دعم منتجي الاقطان. وعلي سبيل المثال فإن الاتحاد الاوروبي في اطار اهتمامه برفع مستوى حياة منتجي الاقطان ودخولهم، رصد مبلغ 350 بليون يورو. وحتى الولايات المتحدة الاميركية حذت حذو الاتحاد الاوروبي في دعم سلعة القطن واتخاذ السياسات التي تساعد على تشجيع المزارعين. في وقت تجاهلت فيه الدولة الاثر الاجتماعي لتدهور انتاج الاقطان، وتركت الامر لمؤسسات ادمنت الفشل، بدليل ان الواقف على الارقام لن يبذل عظيم عناء في معرفة اسباب العلة. اضاف الدكتور ابراهيم «الغريب انني لم ألحظ اي احتجاح مهني او نقابي يوجه في شكل تجمعات للمزارعين للدولة، بسبب تجاهلها لما يجري من تجفيف صريح لزراعة القطن بالجزيرة، في وقت كانت فيه تجمعات المزارعين امام مقار بعثات الولايات المتحدة في اوروبا حديث الوكالات، عندما تمسكت اميركا بدعم منتجي الاقطان،فامريكا تدعم والحكومة السودانية تجفف». ويري الدكتور ابراهيم محمد الشيخ ان على القائمين بأمر الزراعة في السودان، إعطاء سلعة القطن الاهتمام المناسب من حيث فرد سياسات تمويلية ومراجعة السياسات التي تنتهجها شركة الاقطان التي أسهمت بصورة واضحة في التدهور الراهن اذا لم تكن السبب المباشر. والادعاء بأن الشركة معنية بالتسويق دون غيره امر لا يستقيم، فالشركة وبنك السودان معنيان بتوفير سلفيات العمليات الزراعية بضمان المحصول، وكيف يقف دور الشركة عند ابداء اسفها وهي ترى سيقان القطن تمكث في الغيط سنين عددا كما قال مدير الاقطان، والسيقان هي السبب الرئيسي لمرض الساق الاسود. وحتى في مجال الوعود التي قطعتها الشركة بتوفير التمويل لتحديث قطاع المحالج، فقد اتضح ان وزارة المالية كانت قد وقعت محضر اجتماع مشترك مع البنك الاسلامي والصندوق السعودي، لتوفير تمويل لتحديث قطاع المحالج، ليخرج الموقعون ولم يعودوا حتى تاريخه، ولا زالت الاقطان تعدنا باستراتيجيتها.عبد الباقي الريح رئيس المجلس التشريعي بولاية الجزيرة، واحد ابرز قيادات المزارعين، قال لـ «الصحافة»: «هنالك دواعي منطقية دفعت المزارعين لمقاطعة زراعة الاقطان، ولا توجد مسوغات قانونية تلزم المزارع بزراعة منتج لا يعود عليه ولا على اسرته الممتدة بالخير. وعلى الجهات المعنية بحث الاسباب التي ادت لتراجع المساحات المزروعة قطنا، ان كانت تريد المحافظة على الاقطان من خلال تحرير تسويق الاقطان، اما المزارعون فقد حقق لهم قانون مشروع الجزيرة حرية اختيار التركيبة المحصولية، وسينعكس اثر القانون في المواسم الزراعية القليلة القادمة، لان المزارع اكثر حرصا على تجويد الاعمال الزراعية التي يرغب فيها» واضاف عبدالباقي الريح في حديثه لـ «الصحافة»: «ان مقاطعة المزارعين جاء نتيجة تراكم المشاكل والمعوقات في فترة ما قبل اجازة القانون، خاصة في ظل ضعف خدمات الادارة والتمويل والتسويق والفراغ القانوني، وعدم وضوح العلاقات والنظم المفيدة للمزارع، والخلل في التركيبة المحصولية المثلى». ولم يخف عبد الباقي الريح تفاؤله بالمستقبل قائلا: «لقد تمكنت الجزيرة من توفيق اوضاعها بقانون الحكم المحلي وقانون مشروع الجزيرة، وان اهل الجزيرة قادرون على العودة للانتاج الكثيف، شريطة التزام الدولة بوضع السياسات المشجعة والدافعة للانتاج».المهندس عمر عبد الرحيم احمد من قيادات اتحاد مزارعي الجزيرة، اكد ضرورة مراجعة نهج التسويق في ظل عجز شركة الاقطان عن القيام بدور ايجابي يدعم الانتاج. وابدي عبد الرحيم خلال حديثه لـ «الصحافة» كيل الدولة بمكيالين، فكيف لها ان تتبنى سياسة للتحرير وفي ذات الوقت ترفض تحرير تسويق الاقطان، مؤكدا ان الرؤى قد تبلورت وسط قيادات المزارعين بضرورة خلق ذراع تسويقي خاص، مؤكدا انهم سيكثفون في القريب العاجل الاتصال باحدى الشركات الاستثمارية الاجنبية التي لم تخف استعدادها للاستثمار. وتحفظ عبد الرحيم على اعطاء مزيدٍ من التفاصيل عن المشروع الصناعي المرتقب الذي أكد بانه سيعيد القطن ذهبا ابيض وداعما رئيسيا للقضية الاجتماعية.(الصحافة) جلست للدكتور عابدين محمد علي مدير عام شركة الاقطان وطرحت امامه كل الاسئلة التي تصل لدرجة تجريم الشركة واعتبارها اس البلاء ،فاجاب على تلك الاستفهامات على النحو التالي:- عن اتهام الشركة بالفشل في توفير السلفيات للعمليات الزراعية قال مدير الاقطان : مهمة الشركة الاساسية تسويقية والتركيز في الحصول على أعلى الاسعار العالمية حتى تعم الفائدة ، لم تكن الشركة قبل وبعد التأميم معنية بتمويل العمليات الزراعية كان ذلك مسئولية وزارة المالية ثم تولى ذلك البنك المركزي وبعد التحرير جاءت محفظة البنوك ، لم تكن هنالك مشكلة في حقبة ما قبل التحرير باعتبار الدولة هي المسئولة وعند قيام الشركة وايلولتها للمزارعين قدمت الشركة ضمانات لموردي المدخلات وقد ادى ذلك لتحملها مبالغ ضخمة لم تتمكن المشاريع من دفعها بسبب بعض المزارعين الذين لم يوفقوا في الانتاج.- اتهام الشركة بالفشل في استنباط عينات موائمة للبيئة تلك مهمة البحوث التي يقع عبء تمويلها على الدولة ورغم ذلك فقد مولت الشركة ابحاث القطن ووفرت كل المعينات والآليات لقسم ابحاث القطن بالهيئة كما تم دعم المعمل المركزي للقطن بمدني - بالنسبة لمبلغ (600) مليون دولار فهي جملة كانت جملة ضمان المدخلات التي ضمنتها الشركة منذ العام 93-1994 وقد قامت بدفعها كاملة.- أما الحديث عن الفشل في ترحيل الاقطان في مواقيت مبكرة وتركها للشمس والاتربة فمهمة الاقطان حسب الاتفاق مع مجالس الادارات دفع قيمة الترحيل بصورة فورية للمرحلين وفق نظام متفق عليه وقد انساب ترحيل الاقطان ولم تحدث الا اخطاء محدودة بالمناقل ولا علاقة للشركة بتلك الاخطاء.- وعن العمل التجاري للشركة فذلك لا يتعارض مع النظام الاساسي للشركة والذي سمح لها العمل في تجارة الاقطان وكل مجالات التجارة الاخرى التي يرى مجلس الادارة اهميتها ورغم ذلك لم تخفق الشركة في تسويق الاقطان وفق السياسة المتبعة وقد دخلت الشركة في العديد من الاعمال التجارية فهي شريك في شركة روينا التي اسهمت في فك اختناقات تأهيل قنوات الري بالجزيرة وغيرها كما ان الشركة شريك في الشركة العربية للبذوروقطاع المحالج ورغم ذلك فإن الشركة قادرة على تسويق اية كميات تنتجها البلاد من الاقطان.- وحول مخاطر تجفيف زراعة القطن يرى دكتور عابدين ان القطن يمر في السودان بمنعطف في المساحات والانتاجية ، خلال العشرين عاما الماضية زاد الانتاج الكلي للقطن في العالم بنسبة 273% وصارت الدول المصدرة هي الصين والهند وامريكا وباكستان وتركيا والبرازيل وازبكستان واذا تحررت التجارة العالمية فإن الفرصة للسودان مواتية خاصة ان البلاد لا تشهد رداءة الطقس من امطار اثناء جني المحصول او صقيع المطلوب مكننة انتاج القطن وتقليل التكلفة مع رفع الانتاجية وعندها نجد ان لا بديل للقطن إلا القطن.

ليست هناك تعليقات: