الثلاثاء، 15 يوليو 2008

بعد دخول كهرباء مروي هل تتحقق التطلعات ام تتبدد الامال ؟


تحقيق:بله علي عمر

* ظلت البلاد طيلة حقبة ما قبل التحرير الاقتصادي تعتمد سياسات الدعم لمستهلكي الطاقة الكهربائية وعلي سياسات محلية في التعريفة وذلك لدواعي وضرورات اجتماعية وسياسية- غير ان التحولات الاقتصادية العالمية الناجمة عن سياسات البنك الدولي وصندوق النقد ممثلة في التركيز والخصخصة وحرية السوق الغت دور الدولة التي غدت مجرد رقيب على الحراك الاقتصادي مما انعكس سلباً على قطاع الخدمات عموماً ومن بينها قطاع الكهرباء ليتراجع التوليد وتدني الخدمة لترتفع أسعار الكهرباء خلال حقبة تسعينات القرن الماضي بنسبة كبيرة بلغت في القطاع السكني 32% عندما رفعت الدولة يدها في 1999م وبلغت الزيادة في كهرباء القطاع الصناعي 103% مما تسبب في توقف اكثر من 70% من القطاع الصناعي العامل.ورغم أن قطاع الصناعة هو اكثر القطاعات تأثراً بارتفاع فاتورة الكهرباء التي تهدد باخراجه من المنافسة في الاسواق العالمية إلا أن بدء العمل في مشروع خزان مروي الذي يعتبر المشروع الاستراتيجي لإنهاء ازمة الكهرباء بالبلاد من خلال انتاج (1250) ميقاواط يعطي الأمل بازالة جزء كبير من تكلفة الانتاج الصناعي يقارب الـ 25% ظلت تذهب لفاتورة الكهرباء.. ومما زاد من الامل بتنامي القطاعات الصناعية والزراعية ان كهرباء مروي من نوع التوليد المائى وهو أقل المصادر الكهربائية تكلفة.حلم ام سراب!* غير أن تطلعات الاقتصاديين وأهل الصناعة والزراعة قد خيبت عندما تحدث المدير العام للهيئة القومية للكهرباء المهندس مكاوي محمد احمد في الورشة التي ناقشت تعريفة الكهرباء التي عقدت بقاعة الشارقة بالخرطوم مؤخراً عن استراتيجية الهيئة لخفض أسعار الكهرباء مشيراً الى أن فاتورة الكهرباء سترتفع من 8 سنت امريكي وهو سعرها الراهن الى 12 سنت وذلك وفقاً لشروط الممولين.. وهذا يعني أن كهرباء خزان مروي ستكون عبئاً اضافياً على القطاعات الانتاجية في الصناعة والزراعة وربما قضت تماماً على ما تبقى من مؤسسات صناعية حيث حديث مدير الهيئة القومية للكهرباء عن ارتفاع أسعار الكهرباء حال دخول كهرباء سد مروي مفاجئاً للجميع وادى لبروز التساؤل عما اذا كان الهدف من مشروع خزان مروي هو دفع التنمية ام هو مجرد مشروع استثماري لانتاج الكهرباء بأسعار تجارية يعود ريعها للمستثمرين؟الممولين واستغلال ظروف الحصار* دكتور الامين حموده- كلية الهندسة جامعة الخرطوم يقول أن مشروع خزان مروي ليس مشروعاً تنموياً جديداً بل ورد ضمن استراتيجيات البلاد من مدة طويلة في السنوات الاخيرة كان هنالك خيارين احدهما تعلية خزان الروصيرص والاخر اقامة خزان مروي.. كانت لتعلية الروصيرص فائدتان هما زيادة الرقعة الزراعية مما يساعد على تأمين الأمن الغذائى اضافة لزيادة انتاج الكهرباء اما خزان مروي فتنحصر فائدته اكثر في انتاج الكهرباء التي تصل الى 1250 ميقاواط.ويمضي دكتور الامين حمودة للقول ان تنفيذ المشروع جاء في ظل الحصار الاقتصادي مما اوقع الحكومة تحت رحمة وشروط الممولين خاصة ان المشروع ذو تكلفة عالية جداً واضطرت الحكومة لقبول شروط الممولين وفق ما ذكر المهندس مكاوي محمد احمد مدير الكهرباء في حديثه بقاعة الشارقة عندما اشار لاضطرار الهيئة لزيادة تعريفة الكهرباء عند دخول كهرباء السد في شبكتها في 2007 بل ذهب مدير الكهرباء الى ابعد من ذلك عندما اشار الى ان الزيادة القادمة ستكون بنسبة 50% ويرى دكتور حمودة أن المشروع بذلك التوجه سيكون خصماً على كافة القطاعات المنتجة التي تعتمد على الكهرباء مثل قطاعات الصناعة والزراعة بالطلمبات وذلك نقيضاً لما كان متوقعاً من هذا المشروع في أن يسهم في خفض تعريفة الكهرباء المعمول بها حالياً.البترول وكبح مغالاة التمويل* ميرغني ادريس- اقتصادي، قال أن حديث مدير الكهرباء حول زيادة فاتورة الكهرباء عند دخول سد مروي للانتاج الكهربائى له اثر سلبي مضيفاً ( كان يجب ان يكون مشروع بهذا الحجم الضخم مشروعاً استراتيجياً يتم توفير جزء من تمويله من عائدات البترول خاصة ان هنالك آثاراً ايجابية لمثل ذلك التوجه منها ان الممولين سيضطرون للتخفيف من الشروط القاسية كما أنه يساهم في امتصاص الآثار السالبة لضخ كل الايرادات المالية القادمة من ناتج البترول مما يساهم في الحد من التخضم ويساعد في احداث حراك اقتصادي بالبلاد.الحصار يؤجل المشروع!* دكتور محمد التجاني- اخصائى اقتصاديات الطاقة قال ان خزان مروي مشروع قومي هام للاقتصاد حيث يوفر طاقة كهربائية تبلغ 1250 ميقاواط ويعطي 4500 ميقاواط ساعة سنوياً وهى ضعف ما تعطيه الشبكة القومية الحالية كما ان كهرباء مروي تتميز بانها مولدة من مصدر مائى غير مكلف وصديق للبيئة ويعتبر مروي اضافة لخزانات الروصيرص، سنار، خشم القربة.وقد وضع المشروع ضمن اتفاقية مياه النيل عام 1959 وشرعت وزارة الري والهيئة القومية للكهرباء في وضع الدراسات الفنية اللازمة في ثمانينات القرن الماضي وكان من المفترض ان يتم تنفيذ المشروع قبل نهاية القرن الماضي، إلا ان الظروف الاقتصادية للبلاد وما صاحبها من حصار اقتصادي ادى لتأخير المشروع لاكثر من عقد علماً ان البنك الدولي كان قد قام بتمويل دراسات الجدوى واعد لاجتماع تمويلي في باريس في مطلع 1988م وكان متوقعاً ان يتم التمويل بواسطة البنك والسوق الاوروبية والدول الفنية على شكل قروض ميسرة طويلة الامد وفوائد رمزية.
التمويل الراهن والأسس التجارية* ويمضي دكتور محمد ان التمويل الراهن الذي قدم للمشروع تم على أسس تجارية اكثر منها تنموية للبنية التحتية مقارنة بالتمويل سالف الذكر حيث قدمت الصناديق العربية وجمهورية الصين الشعبية معظم التمويل بالشروط متوسطة المدى وبفائدة اعلى وبشروط اوردها مدير الهيئة القومية للكهرباء في ندوة تعريفة الكهرباء حيث اشار الى ان التمويل لمشروع خزان مروي يفرض على الهيئة رفع تعريفتها من 6ر8 الى 4ر12 سنتاً امريكياً بزيادة تبلغ حوالى 50% حيث يعتبر هذا التمويل هو المسؤول المباشر عن رفع تعريفة الكهرباء لأن تكلفة التوليد المائى صفرية.الهيئة القومية ماذا تقول؟* (الصحافة) سعت للهيئة القومية للكهرباء لتطرح على ادارتها هذا الموضوع وتعرض عليها كل الاستفهامات التي يتناقلها الرأى العام فكان خطابنا التالي للهيئة:-جريدة الصحافةالتاريخ: 5/1/2005مالسيد/ المدير العام للهيئة القومية للكهرباءالموضوع: المردود الاقتصادي لسد مروي وقضايا الطاقةبالاشارة للموضوع أعلاه فان صحيفة الصحافة بصدد عمل تحقيق صحفي متكامل حوله- عليه رجاء التكرم بتسهيل مهمة الصحفي بله علي عمر ومده بافادتكم حول:- اثر دخول سد مروي للشبكة القومية.- ماهي شروط الممولين وأثرها على التعريفة بعد دخول الخزان مرحلة الانتاج.- الوضع الفني الراهن للخطوط الناقلة وقدرتها على استيعاب الاضافة التي يشكلها الخزان.- استراتيجية الهيئة للوصول بالانتاج الى 4500 ميقاواط في 2010.- مقدرة الانتاج على تلبية احتياجات كافة القطاعات المنتجة (زراعة، صناعة، خدمات).وشكراًعادل البازرئيس التحريروجاء رد الهيئة:الهيئة القومية للكهرباءالنمرة: م ع/54/أ/5/17التاريخ: 10/1/2005مالسيد/ رئيس التحرير- صحيفة الصحافة الموقرةلعناية السيد/ عادل البازالسلام عليكم ورحمة اللهالموضوع: المردود الاقتصادي لسد مروي وقضايا الطاقةبالاشارة الى خطابكم بتاريخ 5/1/2005 بدون نمره والخاص بالموضوع أعلاه ارجو ان افيدكم بأن الاسئلة المطروحة بخصوص الموضوع أعلاه لا تخص الهيئة القومية للكهرباء وان مشروع مروي جهة قائمة بذاتها ويمكنكم التعامل معها مباشرة.وتفضلوا بقبول فائق الشكركمال أحمد يسمدير إدارة الاعلاموالعلاقات العامة بالانابة* خطاب الهيئة تجاهل تماماً الاجابة على بعض الاسئلة التي هى من اختصاص الهيئة القومية- الصحافة لم تيأس بل واصلت سعيها وذهبت لادارة السد ورغم ترددنا عليها لاكثر من مرة لم نحصل على الاجابة الشافية وهى هل اشترط الممولون تحرير فاتورة الكهرباء ورفعها الى 12 سنت- نحن في انتظار افادة وحدة سد مروي طالما ان الهيئة القومية للكهرباء قالت إنها ليست جهة الاختصاص!

ليست هناك تعليقات: