الثلاثاء، 15 يوليو 2008

اثار صحية سالبة لمحطتي بحري وكيلو 10 -2


التمدد العمراني يتطلب مراجعة مواقع المحطتينعلى متخذي القرار إستصحاب رؤى الخبراء والفنيينهنالك مقومات اساسية لقيام دولة الرفاهية التي تنشدها الشعوب والحكومات.. واذا كانت الموارد المادية والطبيعية من كهرباء ومياه واراضٍ زراعية عناصر رئيسية لقيام الدولة الحديثة القادرة على تحقيق الرفاهية فان الموارد البشرية تأتي بمثابة «لحم وسدى» اي توجيه تنموي.في الفترة الأخيرة ثار جدل واسع حول خطر وجود محطات التوليد الحراري داخل المدن وما تحدثه من آثار صحية وبيئية خطيرة على المجتمع المحيط بهذه المحطات. ورغم أهمية تشييد محطات الكهرباء ودورها المحوري في النهضة الاقتصادية بكل ما تتركه من آثار ايجابية في القضية الاجتماعية إلا أن هنالك تساؤلاً هل لهذه المحطات آثارها الضارة وما هو نوع هذه الآثار؟ وهل يمكن معالجتها بصورة تدرأ الخطر عن مجتمعنا؟ «الصحافة» تواصل في هذه الحلقة استنطاق الخبراء والباحثين بهدف المساعدة في اتخاذ التدابير والقرارات التي تضمن سلامة المجتمع.تحقيق: بله علي عمرجاء التفكير في إقامة محطتي كيلو «10» لانتاج «630» ميقاواط في العام 2007م، تقع احدى المحطتين وهي محطة كيلو «10» جنوب شرق الخرطوم بسعة «257» ميقاواط والاخرى تتمثل في توسعة محطة بحري الحرارية الى «380» ميقاواط، وهذا القدر من التوليد سيتطلب حرق حوالى «24» الف برميل اي «3400» طن من الوقود يومياً.. كما يحتاج لكميات كبيرة من المياه تستخدم في التوليد يتطلب معالجتها وحدة معالجة خاصة قبل التفكير في استخدامها مرة اخرى، كما ان قيام المشروعين له آثار صحية وبيئية تجعل التلوث النتيجة الحتمية، خاصة ان هنالك كميات من الوقود ستتسرب جراء المناولة مما يؤدي لتلوث التربة، كما ان بعض الكميات المتسببة تغسلها الامطار سنوياً وتصبها في النيل وتشير خلاصة دراسة الاستشاريين «ELDS Consult-Malaysia» الذين شاركوا في اعداد دراسة تقييم التأثير البيئي لمحطة كيلو «10» ان معدل الضوضاء الحالي «noise level» يزيد عن «70» ديسييل ومعدل الجسيمات المجهرية «particulates Mp10» عالياً من حركة المرور وحدها في الموقع المقترح للمحطة بما يفوق المعدلين المسموح بهما عالمياً اذ ان اقصى معدل للضوضاء في المناطق الصناعية وفقاً لمقاييس هيئة الصحة العالمية هو «7.DBA» وما زاد عن ذلك واستمر لمدة 24 ساعة يعثر بالصحة وما زاد عن «DBA.3» يقلق النائمين.هذه المقارنة:إن إقامة المحطتين يهدد برفع معدلات الجسيمات المجهرية المسببة للسرطانات واذا كان المدافعون عن المشروعين يتحدثون عن محطات كهرباء بوسط المدن في تونس والقاهرة وغيرهما فلا بد من الاشارة الى ان محطات الكهرباء بالمدن المذكورة كلها محطات توليد تحرق الغاز الطبيعي «الميثان» الذي ينتج عن حرقه ثاني اكسيد الكربون وبخار الماء فقط وهي ليست انبعاثات ضارة مثل الجسيمات المجهرية والمواد البترولية الطيارة.. ثم ان القاهرة وتونس خارج المدارين وتهب عليهما رياح تجارية معظم السنة مما يخفف من تركيز ثاني اكسيد الكربون واثره الموضعي في زيادة الحرارة اما في اوربا والمناطق غير الصحراوية فيوجد كساء اخضر وغيوم وامطار على فترات طويلة من السنة ورياح تجارية وهي كلها عوامل تخفف من التلوث الناجم عن تواجد محطات الكهرباء القريبة من المدن وتستخدم الوقود «الاحفوري» «الفحم او البترول وهي عوامل تفتقر لها العاصمة القومية.هذه الملوثات:تشمل الانبعاثات والغازات السامة الناتجة عن تشغيل محطتي بحري وكيلو «10» اول اكسيد الكربون الذي ينتج عن الاحتراق غير الكامل للوقود وهو غاز سام لاتحاده مع الهيموتلوين اتحاداً مستديماً بدلاً عن الاكسجين وهنالك غاز ثاني اكسيد الكبريت واكاسيد النتروجين ويعتبر الاحتراق اهم مصادر هذا الغاز السام، كما ينتج الاوزون نتيجة تفاعل النتروجين مع الهيدروكربون في وجود اشعة الشمس، ويعتبر الاوزون احد مكونات الضباب الدخاني.هذه الامراض:الضجة والرفض المتواصل لقيام وانشاء محطتي كيلو «10» وبحري ناجم عن انتشار بعض الامراض الناجمة عن الانبعاثات والغازات، فمثلاً لاول اكسيد الكربون آثاره على الجهاز العصبي، كما انه يؤدي لاحداث قصور في الدورة الدموية، فيما يؤثر ارتفاع معدلات ثاني اكسيد الكربون على القلب والجهاز التنفسي ويسبب ضعف الرؤية، فيما يؤدي انتشار ثاني اكسيد الكبريت واكاسيد النتروجين للاصابة بأمراض الربو وعموم أمراض الرئة والحساسيات والصدر ولا يسلم الغطاء النباتي من هذه الغازات.رؤية جمعية حماية البيئة:بروفيسور سعاد محمد الحسن مستشارة البيئة والصحة أشارت في حديثها لـ «الصحافة» لضرورة التنسيق واشراك الجهات المتأثرة والمستفيدة كافة من التخطيط حتى يمكن المحافظة على البيئة وتلك رؤية واستراتيجية الجمعية السودانية لحماية البيئة. وفيما يتعلق بمحطتي كيلو «10» وبحري فلابد من الاشارة الى ان التصديق الذي حصلت عليه الهيئة لتشييد المحطتين كان سابقاً للإمتداد السكني امتد لمنطقة المحطات وبات الامتداد السكني متأثراً بالمشروع وترى ان عدم التنسيق وغياب الشفافية ادى للوضع الراهن.ان الجميع في انتظار اقامة وتشييد محطات التوليد الكهربائي لسد النقص في الامداد ولكن يجب ان لا تكون هنالك آثار سالبة لهذه المشاريع.ان الدراسات حول العالم تشير الى وجود آثار صحية وبيئية سالبة على البيئة ناجمة عن اقامة محطات الكهرباء وهذه الاضرار ناتجة عن توليد غازات ضارة مثل ثاني اكسيد الكربون، كما ان اقامة المحطات يعني تلويث المياه، ويعني وجود مجال كهرومغنطيسي، وأثر هذه الملوثات قد لا يكون آنياً في بعض الحالات اذ يمتد لسنوات من خلال ارتفاع معدلات الاصابة بامراض السرطان والصدر وغيرها. وطالبت بروفيسور سعاد التي تحدثت إنابة عن الجمعية السودانية لحماية البيئة بضرورة اشراك الخبراء والمعنيين كافة الحادبين على المصلحة العامة عن اتخاذ القرارات ذات البعد الفني مناشدة السلطات السيادية ومتخذي القرار عدم اتخاذ اي قرار لا يتضمن رؤية المختصين الفنيين.وحديث لحماية المستهلك:مولانا سوسن سعيد شندي القانونية المعروفة ورئيس الجمعية السودانية لحماية المستهلك طالبت بعدم الإضرار بالبيئة وصحة الانسان عند اقامة اي مشروع قومي وقالت إن من حقوق المستهلك التي اقرتها الامم المتحدة في 1985م العيش في بيئة صحية معافاة ولما كانت لحماية المستهلك علاقة وثيقة بالتنمية الاقتصادية والاجتماعية، كما اشار لذلك المجلس الاقتصادي للامم المتحدة لذلك فقد عملت الجمعية السودانية لحماية المستهلك وفي ظل توفر معلومات تؤكد وجود آثار بيئية وصحية سالبة لمحطتي كيلو «10» وبحري على مناقشة الموضوع في ابعاده القانونية خاصة ان المادة «17» من قانون حماية البيئة لسنة 2001 تنص على «كل من يرغب في الدخول في اي مشروع يؤثر سلباً على البيئة والموارد الطبيعية ان يتقدم بدراسة جدوى بيئية موقع عليها من قبل لجنة التقويم والمتابعة التي يشكلها المجلس الاعلى للبيئة وتوضح هذه الدراسة الاثر البيئي المتوقع للمشروع على البيئة وتلك التي يمكن تفاديها عند تنفيذ المشروع والبدائل المتاحة للمشروع المقترح والتحوطات المتخذة لاحتواء الآثار السالبة للمشروع والحد منها.. واشارت مولانا سوسن للمبدأ الذي اقره مؤتمر الارض والبيئة بالبرازيل 1992م وهو لتحقيق حماية البيئة فانه يجب تطبيق الاسلوب الاحترازي على نطاق واسع من قبل الدول حسب امكاناتها. مولانا سوسن اختتمت حديثها لـ «الصحافة» مشيدة بجهود الهيئة القومية في زيادة انتاج الكهرباء بصورة انعكست إيجاباً على التنمية الاجتماعية والاقتصادية، فيما ذهب معتصم الامير يوسف المحامي منسق شبكة حقوق الانسان رئيس اللجنة القانونية للجمعية السودانية لحماية البيئة للقول إن قانون حماية البيئة لسنة 2001م تحدث في المادة «18» عن ما يسمى بالجدوى البيئية ومفهومها ان اي مشروع تزمع اية جهة القيام به ويحتمل ان تكون له آثار بيئية ضارة لابد من أخذ الموافقة من لجنة التقويم والمتابعة التابعة للمجلس الاعلى للبيئة والموارد الطبيعية وفي حالة قيام اي مشروع لا يحمل الموافقة اعلاه تكون هنالك مخالفة صريحة للقانون.وفي قانون الكهرباء لسنة 2001م فان المادة «7» تلزم الهيئة القومية للكهرباء انه عند الشروع في اقامة اي مشروع يتعلق بالكهرباء فعليها اتباع ما ورد النص عليه في قانون حماية البيئة.. وفي المادة «15» لذات القانون نص على ضرورة تعويض الطرف الثالث المتضرر من مشاريع الكهرباء وتلزم الهيئة بتعويضه.واذ سبق للمجلس الاعلى للبيئة منح موافقة لقيام اي مشروع يرى عدم وجود آثار بيئية سالبة له.. ثم ظهرت مستجدات اخرى، فعلى المتضررين من قيام المشروع الطعن في القرار الصادر من لجنة التقويم والمتابعة عن طريق الطعن في القرارات الادارية.واذا كانت آراء الخبراء في مجالات البيئة والصحة قد حذرت من وجود آثار صحية وبيئية لاقامة محطتي كيلو «10» وبحري تبدأ بالحساسية والربو وتنتهي بالسرطان وتلوث التربة والمياه فان تقرير الجهاز الفني لتنظيم ورقابة الكهرباء قد اشار لعدم وجود مبررات تنموية او علمية لانشاء المحطتين داخل العاصمة فقد اشار التقرير للاجحاف المالي على الدولة والتعريفة المتعاقد عليها عالية وستزيد من تكلفة سعر الكهرباء.وقد اعتمدت الصحيفة تقرير الجهاز وفقاً لسلطات الجهاز الفني لتنظيم ورقابة الكهرباء في المواد «ج»، و«د»، و«هـ» من سلطات الجهاز التي تقول:ج/ ضبط العلاقة بين الاطراف المعنية بصناعة الكهرباء وتنظيمها في مجال التوليد والنقل والتوزيع والاستهلاك.د/ مراعاة حقوق الاطراف المعنية وواجباتهم وفقاً للشروط والضوابط التي يحددها.هـ/ مراقبة الانشطة المتعلقة بتوليد الطاقة الكهربائية ونقلها وتوزيعها بما في ذلك التوسعات أو التمديدات التي تقوم بها الجهات المعنية للتأكد من انها تتم وفقاً للتعليمات التي يصدرها والتعليمات التي اوصى بها في شأن المحطتين تقول «ان انشاء محطتي كيلو 10 وتوسعة محطة بحري سيكون لها آثار بيئية واجتماعية ضارة بأجواء العاصمة ضرراً سيستمر لعشرات السنين في مجال الصحة البشرية ومياه الشرب واصحاح البيئة والتخطيط العمراني والضغط على البنية التحتية».واننا إذ نشيد بجهود الهيئة القومية للكهرباء في انتاج الطاقة راجين ان تراعي الهيئة الآثار الصحية والبيئية التي اجمع على تأثرها السالب الخبراء والمختصون.

ليست هناك تعليقات: