الثلاثاء، 15 يوليو 2008

لماذا يطبع الكتبا المدرسي بالخارج ؟



أخطاء في الصور الإيضاحية

فاقد مادي يتجاوز المليارات

تحقيق : بله علي عمر

يعتبر قطاع الطباعة من القطاعات الصناعية المهمة، فاضافة لاهميتها الاقتصادية لاسهامها في الناتج الاقتصادي الاجمالي من خلال الحراك الاقتصادي الذي تحدثه، فهي ايضاً الوسيط الاعلامي الاكثر فاعلية بين الوسائط المسموعة والمرئية، خاصة في المجال التربوي اذ يعتبر الكتاب المدرسي اخطر هذه الوسائط على الاطلاق خاصة لشرائح التلاميذ، وظل الكتاب المدرسي في السودان يجد العناية والاهتمام على مستوى ادارة المناهج وادارة النشر التربوي التي تشرف على الكتاب المدرسي بدءاً بالتأليف مروراً بالوسائل الايضاحية وانتهاء بتوزيعه. في السنوات الأخيرة، اتجهت الجهات المشرفة على الكتاب المدرسي بطباعته في الخارج، الامر الذي تسبب في اخطاء كثيرة صاحبت عملية طباعته خارج السودان اذ حفل باخطاء غريبة في الصور الايضاحية وطالت هذه الاخطاء حتى علم السودان، وعند سؤالنا عن الاسباب وقفنا على الكثير من الحقائق اهمها ان الكتاب المدرسي السوداني بات يطبع خارج السودان، مما دفعنا للتساؤل لماذا؟ هل فاقت حاجتنا للكتاب المدرسي قدرات القطاع الوطني المعنى بالطباعة عن تلبية حاجة البلاد؟ فكان هذا التحقيق الذي نحاول من خلاله الوصول لاجابة مقنعة عن هذا السؤال.

تجفيف! يقول خليفة ابو زيد خليفة رئيس غرفة الطباعة باتحاد الصناعات السودانية، ان عدد المطابع بالسودان «450» مطبعة تستأثر الخرطوم بحوالي «400» مطبعة تعمل منها حالياً «70» مطبعة فقط، وتتجاوز قيمة قطاع الطباعة بالبلاد المائة مليون دولار ورغم هذا الكم الهائل من المطابع، نجد ان ما يطبع خارج البلاد يمثل «80%» من جملة المطبوعات، رغم ان السودان من الدول الرائدة في مجال الطباعة اذ ان فرز الالوان دخل السودان عام 1967م، اي قبل سوريا ومصر. واضاف رئيس غرفة المطابع ان اللجوء للطباعة بالخارج وراء خروج اكثر من «300» مطبعة عن دائرة العمل. الطباعة بالخارج ومعيقات أخرى ويضيف محمد توفيق من غرفة المطابع انه ورغم قدرة هذا القطاع علي تلبية حاجة البلاد سواء على مستوى الكتاب المدرسي او المطبوعات الاخرى، فاننا تجده قد أُثقِلَ بالاعباء، فاضافة لطباعة الكتاب المدرسي ومطبوعات المؤسسات الحكومية بالخارج نجد ان اغلب مدخلات الانتاج والتي تأتي من الخارج تعامل برسم عالي يصل الى «30%» رغم انخفاض الجمارك الى 6% على القطاع الصناعي، الا ان هناك رسوما وجبايات اخرى لتأتي ثالثة الاثافي عبر زيادة فاتورة الكهرباء الى «56%». هذه المهددات محمد حمدنا الله نائب الامين العام لغرفة المطابع قال ان هنالك استثمارا ماليا ضخما في قطاع المطابع، والتي تعتبر رائداً صناعياً مهماً خاصة ان الطباعة حول العالم تحتل المرتبة الخامسة بين الصناعات من حيث رأس المال والعمالة، والتي تتجاوز بالسودان الالفين من المهندسين والفنيين والعمال. ومضى بالقول ان هذا القطاع يحتاج للتدريب المهاري والاكاديمي المتواصل لمواكبة احدث التقنيات، ونسبة لارتفاع اسعار المدخلات باتت الصناعة مكلفة مما يتطلب انتاج كميات كبيرة مثل الكتب المدرسية حتى تستطيع مطابع القطاع العام والخاص ان تحقق الارباح. رغم الكفاءة والجودة! ويمضي نائب الامين العام لقطاع المطابع انه ورغم توفر الكفاءة والجودة العالية، الا ان سوق طباعة الكتاب المدرسي يكاد يكون محتكراً للمطابع الحكومية التي لا تتجاوز «10%» من طاقة المطابع بالسودان، ووصل الامر لطباعة الكتاب المدرسي خارج السودان وكأن الدولة لا تريد تفعيل قطاع المطابع الوطنية. ويمضي محمد حمدنا الله قائلا ان المشكلة التي تواجهها المطابع هي طباعة الكتاب المدرسي بواسطة القطاع العام في الخارج رغم غياب ما يبرر ذلك التوجه على كافة المحاور الفنية والزمنية والتكلفة المادية، اذ ارتفعت تكلفة طباعة الكتاب الى «15» مليار جنيه، ومحاربة القطاع الوطني الخاص رغم مجاهداته في طباعة الكتاب المدرسي لمدة ثلاث سنوات دراسية على التوالي، وتتواصل هذه المجاهدات في الصبر على الدولة حتى يتم السداد باقساط مريحة. توجيه النائب الأول ويشير نائب الامين العام للمطابع ان النائب الأول لرئيس الجمهورية قد وجه بطباعة الكتاب المدرسي داخل السودان، كما ان وزير التربية والتعليم اصدر ذات التوجيه وذلك ما اكده الاستاذ محمد فضل مدير مؤسسة التربية للطباعة والنشر في الاجتماع المشترك بين اعضاء الغرفة ومسؤولي مؤسسة التربية للطباعة والنشر. وقد اشادت الاستاذة فتحية محمد الحسين من مؤسسة التربية للطباعة في ذات الاجتماع بدور القطاع الخاص في طباعة الكتاب المدرسي في الفترات السابقة رغم وجود السيولة لفترات طويلة ماضية للقول ان القطاع الخاص قام بدور وطني كبير في الفترات السابقة. على الطريقة المصرية عبد الرحمن عثمان من غرفة المطابع قال اننا نتوقع تفعيل توجيهات النائب الأول لرئيس الجمهورية بطباعة الكتاب المدرسي داخل السودان فقط، مشيراً الى قرار الرئيس المصري حسني مبارك الذي سبق ان اصدر قراراً منع بموجبه طباعة الكتاب المدرسي خارج البلاد عندما علم ان المطابع المصرية قادرة على القيام بذلك، مؤكداً ان توجيه النائب الأول وجد اشادة من كافة المعنيين بالقطاع الصناعي. مضيفاً: «في الحديث عن الطباعة لابد من الاشارة للتجربة السورية في هذا المجال، اذ قامت الحكومة هناك باستلام كافة المطابع وتطويرها واعفائها من الضرائب والرسوم الاخرى، مما ساعد في نمو هذا القطاع بصورة اسهمت في انعاش الاقتصاد السوري ، وفي مقارنة مع السودان نجد ان هناك قرارات باعفاءات منحت لمدخلات الطباعة، الا انه يتم التحايل عليها بطريقة او باخرى مثل قانون خدمات الطباعة الذي يصل الى «10%» في بعض الاحيان. كل ذلك والبلاد تستشرف عام 2005م الذي اختيرت فيه الخرطوم عاصمة للثقافة العربية. الخروج من الأزمة للخروج من الازمة التي اقعدت قطاع المطابع، يرى ابو زيد خليفة ابو زيد رئيس غرفة المطابع ضرورة تشجيع الاستثمار في مجال الطباعة ودعمه، مع رفع رسوم الجباية وتسهيل الاجراءات وتبسيطها والعمل على طباعة الكتاب المدرسي محلياً باعتباره مورداً ضخماً وتوزيعه بين مطابع القطاع العام والخاص، والغاء الضريبة على القيمة المضافة على الكتاب المدرسي والزام القطاع الحكومي بالطباعة في المطابع السودانية على ان تراعى هذه المطابع شروط الجودة والالتزام بالمواقيت والأسعار المنافسة. ويختتم محمد حمدنا الله بقوله اضافة للفاقد الاقتصادي المالي الناجم عن طباعة الكتاب المدرسي خارج البلاد وما يمثله من دعم للطابع الاجنبي خصماً على الطابع الوطني، فإن هنالك الاخطاء الكثيرة التي وردت في كتاب التلميذ المطبوع بالخارج وما يشكله من ترسيخ للمعلومة الخاطئة، بينما الطباعة بالداخل تجعل ادارة المناهج اكثر قرباً من المطابع بصورة تساعد على المتابعة اللصيقة لتفادي الاخطاء.. وفي حال وجودها، تتحمل المطابع المسؤولية كاملة. الصورة الايضاحية للبنت السودانية كما يراها المشرف الفني وهي اقرب للسورية المهندس (سامر ممدوح غيور ) .. المشرف الفني - أين أبناء السودان

لا نطبع بالخارج يقول التربوي محمد فضل مدير مؤسسة التربية للطباعة والنشر ، وهي الجهة المناط بها توفير الكتاب المدرسي والاشراف على توزيعه ، ان المؤسسة لا تقوم بالطباعة خارج السودان وانها ملتزمة بالتوجيهات العلىا الخاصة بوقف طباعة الكتاب المدرسي خارج السودان ، وإن المؤسسة تقوم بطرح عطاءات طباعة الكتاب للطابعين داخل البلاد ، وقبل فتح العطاءات تقوم المؤسسة بمعاينة المطابع المتقدمة للتنافس للوقوف على امكانياتها الطباعية قبل فرز العطاءات للتأكد من الامكانيات الفنية لهذه المطابع . ويمضي الاستاذ محمد فضل للقول اذا كان هنالك من يطبع بالخارج فعلى الطابعون ان يجيبوا على التساؤل المشروع وهو لماذا يلجأ البعض للطباعة بالخارج . اخطاء طبيعية ! وحول الاخطاء المصاحبة لكتاب الاساس في القراءة الجزء الاول والذي طبع بسوريا يقول مدير مؤسسة التربية للطباعة والنشر ان ذلك الكتاب قد قامت بطباعته المؤسسة العامة للطباعة والنشر (انتشار) بسوريا وذلك في العام 2000م ليصل للمدارس في العام الدراسي 2001م وان الكتاب قد حمل اخطاء وصفها مدير مؤسسة التربية بانهاء اخطاء طبيعية والاخطاء الطبيعية واردة حتي في تلك المطبوعة بالداخل ، وقد قامت المؤسسة بطباعة الكتاب في العام الدراسي 2003م وهي طبعة منقحة وهو المتوفر الآن بالمدارس وبمخازن المؤسسة . التنقيح ومعاناة العلم الصحافة وقفت على الطبعة المنقحة الثانية ووقفت على التصحيح اذ صارت الرسوم الايضاحية سودانية مائة بالمائة بيد ان الخطأ في علم السودان تكرر مرة ثانية في الصحفة (ز) والصفحة (64) ويبدو ان العلم الذي يقف له اجلالا كل تلاميذ وأهل السودان يعيش معاناة حقيقية في هذه السنوات ولا ندري لماذا العلم بالذات . مخاطر المعلومة الخاطئة وحول اثرالمعلومة الخاطئة في الكتاب المدرسي يقول دكتور خالد ابراهيم الكردي المتخصص في علم النفس بجامعة النيلين ان المعلومات نظام دقيق حيث يتسلم الفرد المعلومة وينقلها للذاكرة سواء كانت هذه المعلومة صحيحة ام خاطئة . المعلومات الاكاديمية تحتاج للتخزين لفترات طويلة ولابد ان تكون صحيحة لذلك لابد من وجود لجان مختصة في التربية وعلم النفس لكل مادة حتي تنقحها من اجل ترسيخ المعلومات الصحيحة . ويضيف دكتور خالد ان الأثر النفسي لترسيخ المعلومات الخاطئة لتلاميذ الاساس خطير جدا مما يتطلب معه ان تقوم ادارة المناهج بدورها المتكامل في التصحيح والتنقيح . الاثر على الاطفال احمد محمد بله الاستاذ بجامعة الاحفاد حذر من تضمين المعلومات الخاطئة في المنهج خاصة لتلاميذ مرحلة الاساس فالانطباع لدي الاطفال يكون بصورة سريعة ذلك ان الطفل في هذه المرحلة المبكرة يخزن المعلومة التي يلتقطها في هذه المرحلة ويتم ترسيخها بقوة لذلك لابدان تكون المعلومة او الرسم الايضاحي في هذه المرحلة صحيحة مائة بالمائة وللاسف فأن بعض الكتب المدرسية ترسم علم السودان بصورة خاطئة خاصة ان الطفل في هذه السن ينتبه بشدة للالوان ورسم العلم على وجه الخصوص . وعلى سبيل المثال فإن المعلم قد يقرأ السورة بصورة خاطئة في بعض الاحيان فيلتقط الطفل هذا الخطأ وعندما يذهب للمنزل ويقرأ السورة لوالده او والدته يكرر ما قرأه المعلم او المعلمة بذات الطريقة ولا يقبل تصحيح الوالد او الوالدة ولذلك فاننا نناشد بوضع المعلومات واشكال الصور بصورة صحيحة لان الطفل في هذه المرحلة سريع الاستيعاب مما دفع القدماء للقول «التعلىم في الصغر كالنقش في الحجر» . الرسم الايضاحي والبيئة وشاركت زحل الريح الاستاذة بروضة الاطفال التابعة لجامعة الاحفاد الاستاذين في المردود النفسي والتربوي للمعلومة الخاطئة مطالبة بضرورة تضمين المنهج المعلومات الصحيحة والرسوم الايضاحية الصحيحة خاصة ان الرسوم والاشكال التي يريد المعلم ان يستخدمها في ترسيخ المعلومة يتطلب معه ان يأتي الرسم الايضاحي من البيئة . لماذا التربويون وعلماء النفس الصحافة ارادت من خلال الوقوف على رأي علماء النفس والتربويين ان تبرز مخاطر المعلومة الخاطئة والتي يمكن التغلب علىها من خلال الطباعة داخل البلاد التي تضمن تفاديها عبر بند الجزاءات والتي اشار لها الاستاذ محمد فضل مدير مؤسسة الطباعة والنشر في حديثه للصحافة عندما قال : (لقد ابعدنا بعض الكتب لانها لم تلتزم بالمواصفات المطلوبة وطبقنا على طابعيها الشرط الجزائى الوارد في العقد) . المردود الاقتصادي دكتور محمد التجاني الخبير الاقتصادي قال ان المطبوعات الحكومية سواء الكتاب المدرسي أو الاصدارات الدورية للوزارات والمؤسسات الحكومية كبيرة جدا وقد تصل الى المليارات ومعظمها تطبع بالخارج رغم ان قطاع الطباعة بالسودان قادر على تلبية احتياجات البلاد من المطبوعات بدليل ان مطابع القطاعين الخاص والعام ظلت تلبي احتياجات كافة المؤسسات . ويضيف دكتور محمدين ان المرحلة الحالىة والدولة على اعتاب العولمة تتطلب دعم قطاع الطباعة الوطني من خلال تفضيل الطباعة بالداخل على اللجوء للطابع الاجنبي وهذا ربما يتطلب بعض التضحية المحدودة في مجال الجودة والتكلفة لعام واحد او بعض عام لنجد ان هذا القطاع قد انطلق وقد تجاوز وضع الطباعة بالمنطقة سواء كانت مصر او سوريا او غيرها خاصة ان عدد المطابع بالبلاد يكفي لتلبية احتياجات الدولة من المطبوعات كما اننا ندرك ان هنالك العديد من المطابع الوطنية تفوق المطابع بالخارج من حيث الجودة والكفاءة والمهارات في العمالة . وتساءل دكتور محمدين بما ان النائب الاول لرئىس الجمهورية وبحسه الوطني وغيرته على الانتاج الوطني قد وجه بوقف طباعة الكتاب المدرسي بالخارج فأين الجهات المعنية في سلطات الجمارك وغيرها من الاجهزة الحارسة من تنفيذ هذا القرار كما ان على وزارة الصناعة ان تتمسك بالقرار وان تقوم بتكوين آلية لانفاذه بالتعاون مع الجمارك السودانية ووزارة المالىة خاصة وان قطاع المطابع تابع لوزارة الصناعة كما ان تشغيل هذا القطاع يعني دخول موارد مالىة لوزارة المالىة من خلال الرسوم والحراك الاقتصادي الناجم عن تشغيل القطاع اضافة الى ان تفعيل هذا القطاع يهم كافة القطاعات والخدمات الاخرى . ونواصل

ليست هناك تعليقات: