الأحد، 13 يوليو 2008

عندما تمنعت لوزات القطن عن التفتح !

تقرير: بله علي عمر الاتهامات المتبادلة بين شريكي نيفاشا - الحركة الشعبية والمؤتمر الوطني - كانت ابرز ملامح الاحتفالات بالذكرى الثانية للسلام والتي اقيمت بحاضرة الجنوب امس الاول - جوبا - كما ان كثافة اعلام الحركة الشعبية وغياب علم السودان اعطي انطباعا سالبا للوحدويين في الشمال والجنوب الذين باتوا يخشون ضياع الوحدة ، فهل يمكن اعتبار ما حدث بجوبا مؤشرا يؤكد ان الانفصال بات امرا مقضيا ، وهل انتفت كافة مقومات الوحدة ؟ ، تلك الاسئلة باتت منذ خطابي رئيس الجمهورية ونائبه الاول تدور في اذهان السواد الاعظم من اهل السودان مما حتم علينا محاولة البحث عن معاني ومدلولات ما حدث بجوبا.قبل الاجابة لابد من الاشارة للدراسة التي اعدها الدكتور سراج الدين عبدالغفار عمر بعنوان «جنوب السودان خيارات الوحدة والانفصال» التي أكدت أن الجنوبيين يرغبون في الانفصال عن الشمال وتكوين دولة خاصة بهم، يعضد ذلك التوجه ان الوجدان الجنوبي لم تتعزز ثقته فى الشمال اذ ان حركة النزوح نحو الشمال لم تؤد إلى اندماج أبناء الجنوب في مجتمع الشمال بالقدر المطلوب والمتوقع، كما أن أبناء الجنوب سيختارون الانفصال مهما جلب لهم من متاعب ومشكلات، وإن المستقبل لا يحمل أي بوادر للوحدة بين الشمال والجنوب رغم ان العوامل الديموغرافية والجغرافية والاقتصادية والدولية تصب كلها في خانة الوحدة وتجعل انفصال الجنوب أمرا صعب التحقيق على «أرض» الواقع العملي. كما أن الانفصال سيؤدي إلى خلق مشاكل جديدة بمسميات وأجندة جديدة. وخير لأهل السودان أن تقوم وحدتهم على معطيات تحقق أكبر قدر من المشاركة والمساواة بين المواطنين، وتوزع فيها الثروة بين أقاليمه المختلفة.تدعم دراسة سراج الدين رؤية هاني ارسلان - الخبير بمركز الاهرام للدراسات الاستراتيجية ،الذي يذهب ان الطرح الوحدوي للحركة الشعبية ليس اصيلا وانما جاء استمساك مؤسس الحركة الراحل جون قرنق به لاسباب تكتيكية تتعلق بوعيه ان الدعوة الصريحة للانفصال ستضيق عليه من مجالات المناورة والحصول علي الدعم في النطاقين الاقليمي والدولي ، فالدول الافريقية لن ترحب بمثل هذه الدعوة طبقا لمبدأ الحفاظ علي الحدود السياسية الموروثة من الاستعمار ، الذي اقرته منظمة الوحدة الافريقية ، كما ان دول الجوار السوداني لن تكون سعيدة بالدعوات الانفصالية التي قد تنتقل اليها عدواها بسبب التداخلات الاثنية والعرقية العابرة للحدود .ويمضي هاني ارسلان في تحليله اسباب رفع جون قرنق لشعار الوحدة الي ان المطالبة الانفصالية ربما ادت لاستنفار القوي المؤيدة لمناوئيه ،اضافة الي ان نظام منقستو الذي كان يقدم الدعم للحركة ماكان ليقبل اية دعاوي انفصالية حتي لا تنتقل العدوي لاثيوبيا .ويختتم ارسلان، بانه يمكن المحافظة علي الوحدة اذا استطاعت القوي السياسية ان ترتقي بسلوكها ورؤيتها وتحالفاتها من اطار التكتيك والمناورات الي مصاف الاستراتيجية القائمة علي التعدد وقبول الاخر.فهل جاءت احتفالات السلام وما صحبها من احداث لتؤكد حتمية الانفصال ام هي مجرد غيوم ما تلبث ان تتبدد ليجد الوحدويون الطريق ممهدا لبلوغ غاياتهم ؟ وجهت السؤال للدكتور بشير ادم رحمة المسؤول السياسى فى حزب المؤتمر الشعبي ، فاجابني قائلا « لقد بانت لي ملامح الانفصال منذ توقيع اتفاقية الخرطوم للسلام في1997 ، وقلتها لاحد الصحفيين علي اهل السودان ان يستعدوا لدولة في الجنوب ،لان اهل المثلث الصفوي سنار - الابيض - دنقلا يريدون ذلك ، وكما جاء في ورقة المؤتمر الوطني التي قدمها عبدالرحيم حمدي وزير المالية السابق قبل عدة اشهر واثارت لغطا حينها فهذه هي السياسة المعتمدة لمجموعة المثلث ، لذلك لم استغرب ان لم تنفذ نيفاشا وسوف يؤدي التباطؤ وعدم الايفاء بالاتفاق الي ان يزهد اهل الجنوب في علاقة دونية مع الشمال وبالتالي يقررون الانفصال ، وربما جاء ذلك الانفصال قبل الاستفتاء .اما الانتقادات المتبادلة بين الرئيس ونائبه الاول ، فيرى الدكتور رحمة بانها « ظاهرة صحية حتي يعلم الشعب السوداني الحقيقة وهل هي مع المؤتمر الوطني ام الحركة الشعبية وما اضر السياسة السودانية غير الحديث في الغرف المغلقة الذي لا يعمد الي طرح مواضيع الخلافات السياسية علي الملأ وهو النهج الذي ادي لانغلاق الحركة الاسلامية .الدكتور عبد النبي علي احمد نائب رئيس حزب الامة القومي حدثني امس قائلا « لم استغرب لما حدث فقد كانت هنالك خلافات بين الشريكين ، وما ذكره سلفاكير ميارديت تكرار لاشياء سابقة سواء في محور ابيي او المليشيات او الخلافات في قضايا الاقتصاد والبترول والتفلتات الامنية الاخيرة بالمدن الكبري وجيش الرب وغير ذلك من القضايا الخلافية، واكد حزب الامة ان الشعب السوداني هو الاحق بالتحكيم وتفسير ما ورد في اتفاقية السلام ، واتفق الدكتور عبد النبي مع الدكتور بشير ادم رحمة من ان الوحدة في خطر في ظل المساجلات والخلافات الراهنة ، غير ان الجانب الصحي في تبادل الاتهامات بين الرئيس ونائبه - وفقا للدكتور عبد النبي علي احمد - هو انهما اختزلا المشكل في امر المحاصصة حتي يعلم الشعب السوداني حقيقة الامر، مؤكدا ان معالجة الامر لا تتم الا وفق ملتقي جامع لاهل السودان يقوم بدعم الاتفاقية وتكميلها ومن ثم الباسها ثوب القومية شريطة ان يتم كل ذلك وفق حكومة قومية تنتهي باجراء الانتخابات. واذا كانت معظم الاراء التي وقفنا عليها تؤكد ان امر الانفصال صار الارجح بسبب عوامل كثيرة منها بروز تيار شمالي قوي يتبني الانفصال ووضع كافة انواع المعوقات امام اتفاقية السلام الشامل حتي يزهد ابناء الجنوب في الوحدة ، فان الدكتور حسن مكي المحلل السياسي المعروف يري ان الخلافات التي ظهرت بين الرئيس ونائبه الاول لا تعني ان خيار الانفصال هو الغالب، معتبرا هذه الخلافات بانها نوع من التنفيس ، وعما اذا كانت القضية الاقتصادية بما تشمله من بترول وموارد مدعاة للوحدة ام الانفصال؟ سألت الدكتور بابكر محمد توم الرئيس المناوب للجنة الاقتصادية بالمجلس الوطني فاجابني «رغم ان روح العنصر غير الوحدوي كانت طاغية للاحتفالات الا ان كافة المؤشرات الاقتصادية تقول ان ابناء الجنوب سيكونون اكثر حرصا علي الوحدة ، المثقفون منهم والعامة ، واذا كان البعض يتحدث عن البترول فهو ثروة ناضبة واسعاره في حالة تراجع متواصل وهو موجود في الشمال والجنوب معا ، اما الموارد الزراعية والمشاريع الزراعية الضخمة التي توفر فرص العمل فهي في الشمال ، كما ان الشمال اكثر ثراءً اذ تتعدد مصادر ثرواته مما يجعله الاكثر قدرة علي خلق فرص العمل مما يدفع بتغليب المصالح ودعم التوجه الوحدوي بين ابناء الجنوب .

ليست هناك تعليقات: