الأربعاء، 16 يوليو 2008

برنامج الغذاء العالمي يهدد بوقف الامداد لدارفور

بداية مبكرة لازمة الغذاء بالبلاد
تحقيق : بله علي عمر
هدد برنامج الأغذية العالمي للأمم المتحدة من ان سلسلة عمليات قطع الطرق باتت تهدد الإمدادات الغذائية لأكثر من مليوني شخص بدارفور، وقال كينرو أوشيداري، ممثل برنامج الأغذية العالمي بالسودان في تصريحات صحفية تلقت الصحافة نسخة منها الثلاثاء الماضي "نحن قلقون جداً من تأثير ذلك على المستضعفين بدارفور"، مضيفا أن البرنامج قلق أيضا إزاء مصير السائقين المفقودين الذين بلغ عددهم (18) فردا .ومضي أوشيداري للقول "ترفض الآن شركات النقل الرئيسية التي تعمل معنا إرسال المزيد من الشاحنات بسبب ارتفاع معدل عمليات قطع الطرق، وبالتالي ليس لدينا من يقوم بتوصيل حوالي نصف احتياجاتنا من الإغاثة الغذائية الشهرية. وإذا استمر الوضع هكذا، فإننا سنضطر إلى تخفيض الحصص الغذائية في بعض أنحاء دارفور بحلول منتصف فبراير". و يوم الخميس امس الاول تصدر صحافة الخرطوم ووسائطها الاعلامية الاخري خبرا مفاده ان برنامج الغذاء العالمي قد هدد بتعليق عماله الاغاثية بدارفور بسبب تنامي الاعتداء علي شاحنات الاغذية وسائقيها داخل الولايات الثلاث فما هي مدلولات التهديد واثاره ؟
( الصحافة) عبر التحقيق التالي تحاول ايجاد الاجوبة و قبيل البحث عن الاجابة هاتفت من القاهرة خالد منصور مدير مكتب الاتصال باقليم الشرق الاوسط ببرنامج الغذء العالمي للوقوف علي عدد المواطنين الذين يعتمدون علي برنامج الغذاء العالمي في توفير قوتهم بدارفور وكميات الاغذية التي يحتاجونها وتكلفة توفيرها فاجابني قائلا ان البرنامج وفر الغذاء لعدد (5,5) مليون شخص بالسودان خلال العام الماضي 2007 بينهم (2,1)مليون شخص من المتاثرين بنزاع دارفور فيما بلغت تكاليف الغذاء (685) مليون دولار اما عن خطة البرنامج للعام 2008 فانها تستهدف (5,6) مليون نسمة بكلفة تبلغ (700) مليون دولار

قلت للدكتور محمد ابراهيم الحاج خبير الاقتصاد الزراعي ان تهديد برنامج الغذاء العالمي تعليق اعماله ياتي في وقت تضمنت فيه تقارير الفاو السودان كاحد الدول المرشحة لمعايشة ازمة غذاء في السنوات الثلاث المقبلة فماذا يعني ذلك ؟ فاجابني : (برنامج الغذاء هو الذي يقوم حاليا بتوفير الغذاء للنازحين بينما لا تقدم الحكومة شيئا يذكر مقارنة بخدمات البرنامج الذي ظل يشكو مؤخرا ارتفاع معدلات الهجمات على الشاحنات التي تحمل إمدادات الأغذية من بورتسودان لنازحي دارفور، وصاحب ذلك اختطاف سائقي الشركات المتعاقدة لترحيل الحبوب مما دفع برنامج الأغذية العالمي مطالبة الحكومة ضمان سلامة الطرق الرئيسية بدارفور ووفقا لتقارير البرنامج فقد تمت سرقة أو مهاجمة اجمالي 13 شاحنة خلال الفترة من سبتمبر الى ديسمبر 2007، قتل فيها ثلاثة سائقين وهرب ثلاثة وأطلق صراح 7 سائقين آخرين. فيما تم استرجاع ثلاثة فقط من الشاحنات المختطفة) ويمضي دكتور محمد للقول : (ان خطورة الامر تبدو واضحة اذا علمنا بان هنالك اكثر من مليوني شخص من سكان دارفور يعتمدون بصورة كاملة علي مساعدات الاغذية التي يقدمها لهم البرنامج خاصة ان هؤلاء النازحين كانوا يساهمون قبل الحرب في توفير الغذاء بالبلاد من خلال استزراع اكثر من (2,5) مليون فدان بمتوسط انتاج يقارب (700) الف طن في العام واختتم الحاج حديثه ( ربما تكون المسئوليات الضخمة الواقعة علي عاتق البرنامج والمتمثلة في توفير الغذاء لاكثر من (90) مليون نسمة حول العالم قد دفعته لحث الحكومة اتخاذ تدابير تساهم في سد الفجوات الناجمة عن تهرب شركات الشحن من التوجه نحو الاقليم وذلك بدلا عن الاعتماد علي اعمال البرنامج لوحده خاصة ان الحكومة مسئولة بصورة مباشرة عن توفير الغذاء لرعاياها بدارفور كما ان علي الحكومة التحرك بصورة فعالة لضمان توفير الامداد الغذائي من الداخل خاصة ان السودان يتصدر قائمة للدول التي ستشهد تراجعا في انتاج الحبوب الحبوب وفقا لمنظمة الاغذية والزراعية العالمية .
قلت للدكتور ابراهيم موسي مادبو رئيس مفوضية اعادة التاهيل واعادة التوطين بالسلطة التنفيذية تعملون لخلق البيئة الموائمة لعودة النازحين في وقت يهدد فيه برنامج الغذاء العالمي تعليق اعماله بدارفور بسبب الاعتداءات علي شاحنات الحبوب مما يهدد بحدوث ازمة غذاء بالاقليم فقال : (لقد قامت مفوضية اعادة التاهيل واعادة التوطين بترحيل كميات كبيرة من الخيام الي نيالا والفاشر والجنينة خلال الايام الماضية وقد تم الترحيل بسلاسة تؤكد سلامة النقل الي دارفور , كما تلقت المفوضية عروضا كثيرة من شركات النقل البري لنقل الدفعة الثانية من معونة البنك الاسلامي للتنمية من الاغذية اضافة للمعينات التي وفرتها المفوضية من بطاطين ومشمعات وستتم تسمية الشركات الفائزة بعقود الترحيل قريبا , كل ذلك يؤكد عدم صحة الادعاء بان هجمات قطاع الطرق تسد المنافذ نحو دارفور بصورة تعيق تدفق الغذاء ) ومضي مادبو للقول ان سد الطرق امام الشاحنات لايبرروقف شحنات الغذاء واذا تم فلماذا لا يعمد المانحون الي نقل الاغذية من اوربا الي دارفور بواسطة طائرات الشحن العملاقة مثل اليوشن ؟ علما ان الترحيل عبر الطيران المباشر اقل تكلفة كما اكدت ذلك العروض التي تلقتها مفوضية اعادة التوطين من شركات النقل الجوي لنقل المباني الجاهزة التي تنوي المفوضية تركيبها بالقري المختارة لاعادة التوطين ) سالت الدكتور مادبو : تهديد برنامج الغذاء العالمي تعليق اعماله بدارفور يهدد بنسف جهود المفوضية الخاصة باعادة التوطين فما هي رؤيتكم لتجاوز المشكل ؟ فاجابني : هنالك جهات تقع علي عاتقها مسئولية توفير الغذاء مثل وزارة الشئون الانسانية ووزارة المالية الاتحادية وهيئة المخزون الاستراتيجي ورغم ذلك فان المفوضية ستواصل مساعيها خاصة نحو المواطنين الراغبين في العودة الطوعية وستقوم المفوضية بتوفير بعض الامدادات الغذائية كما سيتم توزيع الدفعة الثانية من مساعدات لبنك الاسلامي .
الدكتور محمد ابراهيم الحاج -اقتصاد زراعي – قابل اسئلتي عن مستقبل الغذاء بالبلاد في ظل التقارير غير المبشرة الصادرة عن الفاو وتهديد برنامج الغذاء العالمي بوقف امداده لدارفور باتسامة لم ادري كنهها وعندما افصح قال ( السودان بعيد عن الفجوات الغذائية اذا اتخذت الحكومة التدابير الجادة لمواجهة الموقف فانتاج البلاد من الذرة للعام الماضي كان في حدود (5) مليون طن وفقا للاحصاء الزراعي وجملة استهلاك البلاد من الذرة في حدود (2,4) مليون طن وما تم تصديره لا يتجاوز (1,5) مليون طن البقية اما بالمخازن او بمستودعات هيئة المخزون الاستراتيجي وانتاج العام 2007 جاء في حدود (4,99)مليون طن وعليه سيكون هنالك ازمة في الاسعار تستوجب تدخل الدولة واعادة السكك الحديدية لنقل الامداد الغذائي نحو دارفور , واذا كان سوق الغذاء العالمي قد شهد ارتفاعا كبيرا قفز باسعار القمح من (180) دولارا للطن العام الماضي الي (485) طنا فلا اتوقع ان مستشاري الحكومة ومخططي سياساتها في معزل عن العالم وتطورته , وهذا يعني انهم سيتبنون دعم انتاج القمح المداري في الجزيرة وحلفا والرهد كما ان تدفق المياه في قنوات سندس وزراعة (8) الف فدان في العروة الشتوية الراهنة تعطي مؤشرا ايجابيا باضافة (100) الف فدان لقطاع القمح المداري ) .
خلاصة ما خرجنا به من هذا التحقيق ان اي توجه لتعليق اعمال برنامج الغذاء العالمي سيكون مردوده خطيرا جدا مما يحتم علي الدولة واجهزتها التحوط المبكر لمواجهة الموقف ويعتبر تسيير السكك الحديدية الي نيالاهو الحل الامثل وقبل ذلك تمكين جهاز المخزون الاستراتيجي من توفير الحبوب خاصة ان استهلاك الاقليم يبلغ (40) الف طن متري في الشهر الواحد كما ان علي الدولة تذليل كافة العقبات التي تعيق انتاج الحبوب والتوسع في زراعة لقمح المداري بالقطاع المروي .

ليست هناك تعليقات: