الأربعاء، 16 يوليو 2008

نقص حاد في دواء البهارسيا وتصاعد في معدلات الاصابة

رغم تراجع معدلات الاصابة بفضل العلاج الجماعي
المرض يحكم قبضته بالجزيرة وسنار و(221) اصابة في قرية واحدة!
تحقيق : بله علي عمر
اعادت وفاة علي ابراهيم الماصع (ود قديم) من قرية ام دغينات شرقي المناقل فتح جراحات كنا نحسب انفسنا قد طويناها ... صحيح ان الخلود والبقاء لله وحده , ولكن تستمر الغصة خاصة عندما يكون سبب الوفاة الجهل وعدم الوعي والافتقار لاسباب الفحص والدواء لمرض البلهارسيا الناجم عن تجاهل ولاة الامر بالبلاد لسبب واحد وهو ان الفئة التي يصيبها المرض بعيدة عن ثكناتهم الاسمنتية و البلهارسيا ليست مثل الملاريا واذا كانت الاخيرة تتطفل علي الجميع في الريف والحضر متي وجدت البيئة الموائمة فتصيب ابن الخفير والوزير معا فان البلهارسيا تبقي بعيدة لا تصيب الا من يصل اليها من اولئك الذين يعمدون للاستحمام في المياه الملوثة او يضطرون لشربها ومما يزيد الماساة والحسرة ان المرض يتطور من الاصابة الي تضخم الطوحال وما يصاحبة من انتفاخ للبطن كما يصل في مراحله المتقدمة الي ما يسميه الاهالي بالاستسقاء والدوالي حتي مرحلة تليف الكبد
واذا كانت ( الصحافة ) قد قامت باجراء سلسلة من التحقيقات الصحيفة ارادت من خلالها عكس الماساة كما قامت برصد التراجع الملموس لنسبة الاصابة بالمرض في كافة القري علي امتداد المناطق المروية بسبب جدوي مشروع العلاج الجماعي الذي ابتدعته منظمة الصحة العالمية وتم تطبيقه بالبلاد بواسطة البرنامج القومي لمكافحة البلهارسيا التابع لوزراة الصحة بعد ان قامت وزارة المالية بتوفير العلاج فتراجعت نسبة الاصابة بالمرض من 90% في بعض قري المناقل الي اقل من 20% , البرنامج كان يمضي علي خطي التجربة المصرية التي نجحت في كبح المرض وخفض نسبته الي اقل من 5% اذ كانت فرق العلاج الجماعي تجوب القري ومدارس الاساس حتي ظن الاهالي انهم لن يعانوا بعدها (شكات ) طفيل المرض وعلاماته فنسوا المرض لدرجة ان عبدالله البعيو بائع (اللالوب) اكد لي في احدي زياراتي للمناقل كساد تجارته التي انفض سامرها بعد اختفاء البلهارسيا - ولمعلومية القارئ الكريم فان نقع اللالوب في الماء دواء بلدي يلجأ اليه الاهالي لمواجهة المرض- بيد ان زيارتي الاخيرة للجزيرة وسنار كشفت لي عن عودة للمرض الذي بدات نسبته في التصاعد مرة اخري واجمع المواطنين الذين التقيناهم ان المرضي وذويهم افتقدوا حملات العلاج المجاني فحملت ادراجي الي مقر البرنامج القومي لمكافحة المرض بالجزيرة وجلسنا الي الدكتور عبدالحافظ عبدالله مدير البرنامج الذي تحدث قائلا : (لابد من الاشارة الي ان استراتيجية المشروع القومي لمكافحة البلهارسيا قد اسهمت في خفض معدلات الاصابة بسبب مشروع العلاج المجاني الذي وفر للمواطنين بمناطق سكنهم كما شمل البرنامج كافة طلاب مدارس الاساسخاصة بمحلية المناقل باعتبارها الاعلي في معدلات الاصابة بالمرض اذ شملت حملات العلاج المجاني (457) مدرسة بالمحلية كما تم اجراء الفحص التقييمي لمدارس الاساس بشرق الجزيرة تمهيدا لصرف العلاج ) وقبل ان يواصل الدكتور عبدالحافظ حديثه قاطعته : ولكن هنالك شكوي من توقف حملات العلاج الجماعي يصاحبها ندرة وشح في الدواء ؟ فاجابني : ( صحيح ان العلاج غير متوفر في الوقت الراهن ولكننا نتوقع ان تزول الحالة الراهنة بعد وضع وعود مدير عام الصحة بولاية الجزيرة موضع التنفيذ خاصة انه كان قد وعد بتوفير (4) مليون جنيه كما ان الوسائط الاعلامية تصدرها قبل فترة خبرا مفاده ان السيد وكيل وزارة الصحة الاتحادية قد وعد بتوفير (6) ملايين دولار لتوفير العلاج ) .
في ولاية سنار لم تكن الصورة افضل من تلك التي وجدتها بالمناقل بل انها بدات اكثر قتامة وماساوية خاصة اذا وقفنا علي حقائق الارقام التي تشير الي ان عدد المرضي الذين توافدوا علي مستشفي سنار خلال الشهرين الماضيين بلغت (441) حالة اصابة بالمرض وجاء معظم الوافدين من محلية شرق سنار وحدة ودتكتوك الادارية اذ ان هنالك قري كاملة ضربها المرض مثل ام حجر ومهلة وفيلة التي بلغ عدد المصابين منها بالمرض خلال الشهرين الماضيين (221) مريضا تقول الدكتورةدرية هرون محمد مديرة برنامج مكافحة البلهارسيا بولاية سنار (لقد بدانا عمل المسوحات للمرض بالولاية منذ العام (2005) كانت متوسط نسبة الاصابة بالمرض تبلغ (73%) وبسبب جهود البرنامج وتوفير العلاج الجماعي انخفضت نسبة الاصابة في منطقة سكر سنار الي (40%) وواصلت انخفاضها حتي بلغت 12% وبين تلاميذ مرحلة الاساس تراجعت معدلات الاصابة الي (3%) وهي نسبة متدنية غير ان انقطاع انسياب الدواء الراهن يهدد النجاح الذي تحقق بل ان المرض برز بصورة مزعجة خاصة في محلية شرق سنار في مناطق ودتكتوك خاصة قري مهلة وام حجر وفيلة اذ تشير اعمال المسوحات وحالات التردد علي الوحدات العلاجية الي ان هنالك ارتفاع ملحوظ في الاصابة وربما تكون الصورة اكثر ماساوية ان لم تتخذ التدابير بتوفير العلاج حتي ابريل المقبل وقد اسهمت التصريحات التي ادلي بها وكيل الوزارة في توفير (6) مليون دولار لتوفر الدواء في رفع الروح المعنوية للمرضي . سالت مدير البرنامج القومي لمكافحة البلهارسيا بولاية سنار ماهو دور الولاية فاجابتني : ( حكومة الولاية وفرت سبل التثقيف الصحي وتوفير التمويل لاعمال المسح للمرض غير ان توفير الدواء مسئولية البرنامج القومي .
سالت احد ابرز الاطباء الاستشاريين المتخصصين في مجال الطب الباطني فضل عدم ذكراسمه فقال : ( داء البلهارسيا، داء قاتل يفتك باهم الشرائح المنتجة مما يعني انه ضار باقتصاديات الدول لانه يعطل الشريحة المنتجة كما انه يعطل نمو الاطفال مما يعني ضرورو مناهضته التي ترتكز علي التثقيف الصحي وتوفير المياه غير الملوثة وعلي المستوي الدولي انخفض معدل انتشار البلهارسيا الدموية من 58.9 إلى 5.8% ، كما انخفض أيضاً معدل تواتر حدوث العدوى الثقيلة الوطأة من 40.0% إلى 18.9%. كذلك، نتج عن جلسات التوعية والتثقيف الصحي انخفاض كبير في تكرار التَّماس مع المصادر المائية، وامتثال أكبر للتدابير الوقائية. وقد اتضح أن أسلوب المعالجة الكيميائية الجموعي، بالإضافة إلى جلسات التوعية والتثقيف الصحي، يُعَدُّ طريقة مجدية وفعَّالة لخفض الإصابة بعدوى البلهارسيا الدموية. ويمكن أن يكون استخدام الأشرطة الكاشفة والبيلة الدموية المرئيـَّة بالنظر، وسيلة فعَّالة لقاء التكلفة، في المناطق النائية، التي تكون إمكانية الوصول إلى الخدمات الصحية فيها محدودة غير ان الصورة الراهنة لحالة السودان تشير الي تفاقم مرتقب بعد نفاذ كميات الادوية اذ لا يوجد دواء في الوقت الراهن علما ان السيد وكيل وزارة الصحة الاتحادية اعلن في احد مؤتمراته الصحفية عن توفير (6) مليون دولار لاستيراد الدواءورغم مضي فترة من تصريحات الوكيل الا انها لم تري النور وربما يكون للامر علاقة بالتغييرات التي حدثت في وزارة المالية ويقيني ان الوزارة في وجود وزيرها الجديد الدكتور عوض الجاز الذي انحاز من لحظات مجيئه الاولي لجانب الشرائح الفقيرة عندما اعاد سعر رغيف الخبز لاسعاره القديمة وهذا التوجه يجعلنا نستبشر بان يري وعد الوكيل الدعم من وزير المالية علما ان البلاد لم تدخلها حبة علاج واحدة طيلة عام 2007)

ليست هناك تعليقات: