الثلاثاء، 15 يوليو 2008

رفض واسع لقانون العمل الطوعى


خبراء وقانونيون: القانون يتضمن نصوصاً ًمناهضة للدستور وقواعد العدالةأثار مرسوم قانون تنظيم العمل الطوعى الانسانى رفضا غير معهود وسط الدوائر العاملة والمهتمة بمنظمات المجتمع المدنى وذهبت الكثير من الجهات الى نعت القانون الجديد بمناهضة دستور السودان الانتقالى وبالمخالف لقواعد العدالة، وفى هذه المساحة تعمد (الصحافة) الى تسليط الضوء على القانون الجديد واهميته والنقاط المثيرة للجدل داخل القانون.إعداد: بله على عمرماهية العمل الطوعى وأهميته:لابد من الاشارة الى ان العمل الطوعى يقصد به العمل الانسانى الموجه للمحتاجين وذلك الذى يخدم مصالح اعضاء المنظمة المجتمعيه مثل النقابات التعاونيات ومجالس الآباء والامهات والكيانات الثقافية والرياضية كما يشمل العمل الطوعى مجالات حقوق الانسان وحماية البيئة والمستهلك . ويشير عمر عبدالرحيم الباحث في قضايا المجتمع المدنى الى ان منظمات المجتمع المدنى بدأت اكثر اهمية فى ظل تراجع الدولة الخادمة اذ صارت منظمات المجتمع المدنى تقوم بدور الدولة الخادمة فى مجالات تشييد المدارس والمراكز الصحية وغيرها من خدمات اجتماعية كما اسهم تصاعد وتنامى الفقر فى قيام منظمات المجتمع المدنى فى العديد من المناطق بدور تكافلى ولعل مساهمة منظمات المجتمع المدنى فى التدافع لتوفير الغذاء والملبس لنازحى اقليم دارفور اعظم مثال على الدور المتعاظم الذى باتت تلعبه منظمات المجتمع المدنى الوطنيه وكان حرى بالدولة ان تعمل على دعم المجتمع المدنى وان تطالب اذرعها التنفيذية تسهيل مهام المجتمع المدنى، كما ان على الدولة حصر منظمات المجتمع المدنى التى يتجاوز عددها 10 الف منظمة وجماعة طوعية المسجل منها محدود جدا.المجتمع المدنى وسلام السودان:وحول دور منظمات المجتمع المدنى فى اتفاقيات السلام يذهب دكتور عبدالرحيم احمد بلال وهو من الخبراء الوطنيين الذين عملوا على نشر ثقافة واهمية ا لمجتمع المدنى ودوره الحيوى فى ظل اندياح ثقافة حقوق الانسان يذهب الى ان المجتمع المدنى لم يساهم فى مفاوضات سلام السودان بين الحركة الشعبية والحكومة لاسباب عملية وفقا لرؤية الوسطاء وقد وجدت هذه الرؤية قبول الحكومة والحركة - غير ان دور المجتمع المدنى بدأ اكثر تعاظما من محادثات السلام الخاصة بدارفور عبر لقاءات منبر ابناء دارفور برئاسة الفريق ابراهيم سليمان بممثلى الحركات المسلحة وذهب بعض ممثلي المجتمع المدنى الى ابوجا مما اتاح لهم عقد لقاءات مع طرفى النزاع والوسطاء وداخل دارفور قام المجتمع المدنى بتبنى عدد من المبادرات المحلية مثل مبادرة كوليوبى للسلام التى قادها سلطان القمر ومبادرة المساليت التى قادها السلطان بحر الدين ومبادرة ديمنجاوية للسلام الاجتماعى وظلت هذه المبادرات تهدف لازالة الاسباب الجذرية للصراعات واقامة مجتمعات خالية من السلاح اضافة لرتق النسيج الاجتماعى واعادة التعمير ومساعدة النازحين في العودة لمناطقهم وكان حرى بالدولة دعم هذه المبادرات وتوفير التمويل اللازم للمجتمع ا لمدنى واستصحاب رؤيته فى كيفية اقامة التنمية المستدامة والتي تعتبر اهم محاور للسلام المستدام لان قلة الموارد الطبيعية وعدم قيام مشاريع تنموية سيقودان لنشوب النزاع مجددا.وحول دور المجتمع المدنى فى نشر ثقافة السلام واستدامته تذهب فاطمة احمد حسن المحامي الى ان طبيعة وايدلوجيات الانظمة الشمولية التي حكمت السودان من 1956م (عبود، نميري، وطيله العشر سنوات الاولى من عهد الانقاذ كان المجتمع المدنى يجد صعوبة بالغة فى نشر ثقافته المناهضة للحرب والاقتتال وظل الوعى السودانى تحت سيطرة النعرات القبلية التى تمجد فرسان القبائل بتشجيع من الانظمة الحاكمة وقد اسهم اضفاء حالة من القداسة للحرب الاهلية فى السودان فى تراجع مساهمات المجتمع المدنى فى نشر ثقافة السلام التى كادت ان تغيب تماما فى بعض المراحل التى صادفت شددا وقبضة فولازية للنظام الحاكم وترى ماريا عبادى الناشطة في قضايا النوع - الجندر - ان المجتمع المدنى السوداني استطاع منذ منتصف التسعينيات ان يستفيد من الايقاع المتسارع عالميا فيما يتصل بمواثيق حقوق الانسان وبرزت بعض المنظمات النسويه في شمال السودان ومناطق جبال النوبه والجنوب وكانت ابرز هذه الشبكات شبكة نساء المجتمع المدنى للسلام وبدأت هذه المنظمات تعمل على نشر ثقافة السلام، واقامة الدورات التدريبية فى فض النزاعات حول الموارد الطبيعية التى كانت مدخلا للصراع باقليم دارفور قبل ان تتحول لنزاع بين المركز والهامش تقوده حركتا العدل والمساواة وتحرير السودان.وتذهب ماريا عبودى الى القول انه ورغم اهتمام المواثيق الدولي بالمجتمع المدنى باعتباره شريكا اصيلا فى التنمية واستدامة السلام الاجتماعى وان مشاركة المجتمع المدنى اهم مقومات الحكم الراشد كما اكدت على ذلك اتفاقية كوتونو التى وقعتها دول الاتحاد الاوروبى ودول الجنوب الفقيرة.. الا ان منظمات المجتمع ا لمدنى فى السودان لم تدرك حتى الآن اهميتها وخطورة دورها فى المرحلة المقبلة اذ لا زالت هذه المنظمات تفتقر لعنصر الاتصال الجماهيرى وتحتاج للتدريب والتأهيل وكان ذلك دور الدولة - خاصة وان الدولة السودانية فى امس الحاجة لمجتمع مدنى ناشط وفاعل لاجل سلام مستدام وحكم راشد.عراقيل امام المجتمع المدنىوفى وقت كاد المعنيون ببروز مجتمع مدنى معافى يتوقعون فيه ان تتجه الدولة نحو التمكين للمجتمع المدنى فوجئوا بقانون وصف بانه احتوى على مواد مخالفة للدستور وقواعد العدالة وفقا لرؤية مولانا احمد الطاهر النور المحامي والقاضي السابق بالمحكمة العليا الذي يرى ان القانون صدر بموجب المادة 109/1 من الدستور بواسطة رئيس الجمهورية بمرسوم مؤقت علما ان الدستور يشترط في اصدار المراسيم المؤقته ان لم تكن الهيئة التشريعية فى حالة الانعقاد ولامر عاجل فيحق لرئيس الجمهورية اصدار مرسوم مؤقت ولاتوجد اية مسألة مستعجلة تستلزم اصدار قانون العمل الطوعى بمرسوم مؤقت وهذه مخالفة صريحة للمادة 109/1.المادة (4) من القانون التى تتحدث عن تفاسير جاء فى تعريف منظمات المجتمع المدنى انه يقصد بها المنظمات والاتحادات والجمعيات والمنظمات الطوعية غير الحكومية او شبه الحكومية الوطنية وهذه الاخيرة بها غموض فى تعريف المنظمات الوطنية شبه الحكومية يتبادرإلى الذهن السؤال: هل هنالك منظمات شبه حكومية غير وطنية؟- في تفسير الهيئات الدولية تم استعمال تعبير المنظمات التابعة للحكومات وكان يجب ان تكتب الحكومات الاجنبية ويضيف احمد الطاهر النور المحامي ان القانون تحدث عن منظمات المجتمع المدنى الاتحادية ولم يتحدث عن احكام لمنظمات المجتمع المدنى الولائية سوى باشاره فى المادة 14 .ومآخذ أخرىويقول احمد الصديق المحامي انه في المادة 8 منح القانون المنظمات الشخصية الاعتبارية وكان يجب ان يقترن ذلك بإن يكون لهذه المنظمات قيمتها الخاص كما ان المادة 10 الخاصة بالغاء التسجيل فهنالك مخالفة السياسات العامة للدولة في شأن العمل الطوعى الانسانى وهذه عبارة مفتوحة وغير دقيقة تجعل منظمات المجتمع المدنى عرضة لالغاء تسجيلها بجانب ذلك فمن مآلات الغاء التسجيل توقف المؤسسين عن النشاط لمدة عام علما ان عدد المؤسسين 30 شخصاً وقد لايكون المؤسسون مستمرون فى المنظمة وهذا النص يتجاهل الموجودين.كما ان المادة 11 الخاصة برفض التسجيل اذا تعارض النظام الاساسى للمنظمة مع السياسات العامة المقررة فى شأن العمل الطوعى والانسانى.وبالنسبة للمؤسسات والمنظمات الخيرية الوطنيه فان القانون عرف المنظمات الخيرية، اما الوطنيه فتعطى الانطباع بوجود خيرية غير وطنية وهذا ليس من سلامة التشريع وفقا لرؤية احمد الطاهر النور الذى يمضى الى ان القانون تجاهل الجهة المسؤولة عن تسجيل الجمعيات الخيرية ومن ناحية الاموال فالقانون اقر بأن اموال منظمات المجتمع المدنى والمنظمات اموال عامة وهى ليست كذلك بل هي اموال افراد خاصة الجمعيات الخيرية كما ان القانون منع اعتماد النزاعات كموارد علما انه لا توجد مسوغات قانونية تشير الى ان اموال المنظمات اموال عامة تؤول للدولة فى حالة الغاء التسجيل - كما ان القانون اعطى الوزير الحق في مصادرة هذه الاموال اذا ثبتت الادانة بواسطة محكمة مختصة - علما ان مصادرة الاموال لا تتم الا وفق قرار قضايا وليس من الحكمة مصادرة الاموال بواسطة اجهزة تنفيذية وفقا للمادة 2.43 من الدستور الانتقالي.واختتم مولانا احمد الطاهر والمحامي احمد الصديق افادتيهما للصحافة بان القانون الجديد احتوى على مواد مخالفة للدستور وقواعد العدالة ووافقتهما دكتورة سعاد ابراهيم عيسى رئيسة مجموعة المبادرات النسائية والتي طالبت بضرورة مراجعة القانون لتحقيق المصلحة العليا للوطن خاصة ان العديد من منظمات المجتمع المدنى باتت تقوم بدور الدولة نحوالمجتمع ومطالبة بضرورة قيام الاتحاد العام لمنظمات المجتمع المدنى وانشاء صندوق للعمل الطوعي تتجمع فيه كل المبالغ التي ترصدها مؤسسات القطاع الخاص للعمل الاجتماعي.الخروج من الأزمة:المحامي عمر الفاروق شمينا يرى ان نشاط المجتمع المدنى امر شائع فى اغلب بلدان العالم وفى البلاد الديمقراطية حيث تسود حقوق الانسان وحكم القانون فان ضبط هذا النشاط لا يستعمل لاجهاض الحق في التنظيم والمرسوم المؤقت منح ترخيصا مطلقا للسلطات الادارية لتقييد هذا الحق مقترحا ان يكون حق التنظيم حقا للمجتمع المدني لايخضع الا للقيود الوارده فى الدستور والعهود الدولية ومن ثم يستبدل نظام التسجيل بنظام الايداع الذي يعنى ان القانون يطلب توفر معلومات معنية لانشاء المنظمة ومتى توفرت هذه المعلومات تودع المستندات مع اعادة النظر فى السلطات الادارية وان يكون تنظيم العون الانسانى والاغاثة والجماعات الثقافية والفنية والدينية تحت قانون واحد يطغى فيه الاهتمام بالجوانب الامنية التي يتطلبها وجود النشاط الاجنبي.الصحافة سعت للاستماع لوجهة نظر وزارة الشؤون الانسانية ومفوض العمل الطوعى ولم نجد من يستمع الينا بدعوى ان المسؤولين مشغولون بامر التسليم والتسلم ويبقي التســاؤل هل يصمــد القانـــــون امـــام حـالة الرفض الراهنة؟

ليست هناك تعليقات: