الأحد، 26 أكتوبر 2008

الكهربا جات
523 قرية بالمناقل تودع الظلام والفقر2-2
تحقيق : بله علي عمر
لا زلت اذكر جيدا ذلك اليوم البارد من فبراير عام 1993 عندما ارسل لي ابن خالي احمد محمد الماصع العودة علي جناح السرعة الي القرية بالمناقل وذلك لامر ضروري وهام , كان السفر في تلك السنوات التي سبقت تعبيد طريق المناقل مدني عبر العريجة تمتد الرحلة لاكثر من (5) ساعات علي متن بصات الاوستن المعدلة , وكان قطعة من جحيم اضافة الي قسوة زمهريرشتاء فبراير, ظللت طيلة الرحلة قلقا بسبب استداعئي خاصة ان صحة الوالدة لم تكن بالمطمئنة وبعد وصولي للبيت وجدت مصطفي عند المدخل فحياني وعندما وقف علي ملامح القلق البادية علي وجهني عاجلني : لا تقلق الحاجة والجميع بخير وفي داخل المنزل حدثني الرجل قائلا : ( خالك ابراهيم يقود تمرد بين الاهالي بسبب خصم المبلغ الذي فرض علي المزارعين من ارباح القطن ) وعندما سالته عن سبب الخصم قال محدثي ان المزارعين قرروا عبر اتحاداتهم في اقسام المناقل اقامة صندوق لمشروع الكهرباء وهذا يعني ان الخصومات تهدف لاعمار البلد ولا نريد لآل الماصع ان يرفضوا دعك عن قيادة المجموعات الرافضة ) وبعد المغرب التقيت خالي الذي يقود التيار المناهض لاستقطاع حقوق المزارعين بعد التحية عاجلني الرجل بسبب عودتي السريعة خاصة انني كنت قد غادرت القرية قبل اسبوع فقلت له انت السبب ثم واصلت حديثه راجيا منه دعم المشروع لا التحريض علي رفضه فاجابني يا ابني ليست قريشات المزارعين هي التي تاتي بالكهرباء فالمشروع ضخم ويكلف مئات الملايين واذا اراد الاتحاد ادخال الكهرباء من قريشات المزارعين فان (مقطوعة الطاري) لن تصل ولو استمر الاستقطاع لخمسين عاما ) كان حديث الرجل منطقي وصحيح كما ان الحديث عن ايصال الكهرباء في تلك الايام نوع من الجنون فقد كان انتاج الكهرباء في تلك الايام هو ذاته كما تركته حكومة نميري والتي ارتبطت باغنية الاطفال ( الكهربا جات املوا الباقات ....هسي بتقطع يا جعفر يا جعفر!!)
(الكهرباء لا تعني بضع شمعات يذهبن بظلام البلدات الحالك في تلك القري وانما هي ثورة حقيقية تحدث تحولا وانقلابا اقتصاديا واجتماعيا وثقافيا يقلب كافة اوجه الحياة) هكذا ابتدرت الباحثة الاجتماعية محاسن السيد حديثها للصحافة ماضيا للقول : ( دعك من مناطق الجزيرة ولنبدا بالمدن الجديدة في الخرطوم وام درمان والخرطوم بحري ولنقارن واقهعا الراهن وحالها بالامس قبل وصول الامداد الكهربائي لنجد ان البيئة السكنية قد تغيرت وجاء تغيرها لمصلحة المواطن اذ غدت البيئة السكنية افضل بكثير وهذا تطور الحياة ان المواطنين يبذلون جهدهم ويدفعون الغالي والنفيس لاصح المساكن حتي يواكبوا التحول المرتقب كما ان الرصد لحركة الشباب يتغير كثيرا قبل وبعد وصول الامداد لان وصول التيار الكهربائي يؤدي لخلق فرص للعمالة عبر انشاء الورش وغيرها ) ياخذ بالحديث الرشيد الطاهر وهو حداد من حلة الشايب عمد مؤخرا الي اقامة ورشة حدادة بالقرية ونجح في شراء ماكينة لحام واشار الرشيد الي ان العمل بورشته اضطره الي الاستعانة ببعض العمال من القرية وفي حلة التوم شرقي المناقل قال احمد حسب الرسول المشهور بودالبحر بانهم بداوا يجنون ثمار وصول التيار الكهربائي وكشف ودالبحر انه سيقوم خلال الايام القليلة القادمة شراء قشارة صغيرة خاصة ان تجربته السابقة مع القشارات اليدوية كانت مجدية وذات جدوي اقتصادية واضاف حسب الرسول الي انه اقنع ابنائه تاج الدين وحسب الرسول والياقوت علي الاستقرار بالقرية خاصة ان دوافع بقائهم بالخرطوم قد انتفت فلم تعد الفدادين الاربع بالمشروع هي وحدها التي تتطلب الايدي العاملة وانما هنالك مشروعه المرتقب الذي يتطلب وجودهم بجواره ويتوقع ودالبحر بان يشهد دخل الاسرة تحسنا ملحوظا )
قرية كضيبات جنوبي المناقل والتي تقع شرقي ترعة الشوال وخارج القطاع المروي شهدت تغيرات ملموسة فاضافة للواطحين الاربع التي تعمل بالكهرباء فقد اقام المواطن اسماعيل علي جبريل ورشة للحداد كما اقام المواطن عباس ادم ابوشنب ورشة اخي فيما كشف التوم بشير ابراهيم كرمة والذي التقتيته بالمناقل بانه يعمل لاكمال مرابحة مع بنك المزارع بهدف حفر بئر في ارضه المطرية بمنطقة الرقل لاقامة مزرعة للخضر والمحاصيل وعندما سالت التوم ( هل قمت بعمل دراسة للجدوي الاقتصادية للمشروع ؟ فاجابني ( التجربة حققت نجاحا خاصة ان المساحة اقتصدية اذ تبلغ 40 فدانا )
سالت المهندس الزراعي عبدالماجد عبدالقادر المرشح السابق لادارة مشروع الجزيرة عن مدلولات اجتياز خطوط الكهرباء لهضبة المناقل فقال : ( ينظر الي هضبة المناقل كوحدة انتاجية منفصلة عن المنطقة المروية بالمشروع وياتي الفصل بسبب الوضع الطبوغرافي للمنطقة التي تتجاوز مساحتها (400) الف فدان وهذه المساحة تكاد تشكل (50%) من المساحة المزروعة في كل عروة بالمشروع كما انها تبلغ ايضا (50%) من مساحة امتداد المناقل وهذه الاراضي عينة ) KLAY CRACKING SOIL)
اي الاراضي الطينية المتشققة تمكن من زراعة المحاصيل التقليدية بالمشروع او التوجه للانتاج الحيواني ) ومضي المهندس عبدالماجد للقول : ( وصول التيار الكهربائي للمنطقة يعني ان قيام مشروع الهضبة بات اقرب للواقع خاصة ان المطلوب فصل ترعة عن ترعة الشوال عند منطقة ودياسين والتوجه بها غرب وعند توقف الانسياب الطبيعي يتم تركيب المضخات الكهربائية
في ترعة جديدة تتفرع هي الاخري الي قنوات مع استحداث وسائل جديدة لري كل وحدة انتاجية عن طريق الري المحوري لكل وحدة ) واختتم عبدالماجد ان وصول الكهرباء لمناطق الهضبة مؤشر لتحول اقتصدي يمكن من خلاله ان تساهم المنطقة في دعم الناتج الاجمالي شريطة الترويج للمشروع والذي يتوقع له ان يستقطب راس المال الاجنبي خاصة ان الازمة المالية العالمية وارتفع اسعار الغذاء تدفع للاستثمار في المشروع )
الفاتح مصطفي خبير زراعي حدثني قائلا : مشروع كهرباء المناقل يعني اجتثاث الفقر بمنطقة الهضبة خاصة ان(70%) من الاراضي الممتدة من المناقل وحتي حدود ولاية سنار هي اراض حكومية شق ترعة بالمنطقة يمكن من استزراع (400) الف فدان واذا منح كل مزارع عشرة افدنة فهذا يعني توزيع (40) الف مزرعة علما ان عدد مزارعي الجزيرة والمناقل معا لايتجاوز (180) الف مزراع كما ان طبيعة المنطقة قابلة لاستزراع محاصيل نقدية مثل الهوهوبا الذي يعتبر من اغلي المحاصيل النقدية خاصة ان زيته يستخدم في وقود الطائرات وبعض الصناعات الحيوية الاخري ) ولا يخفي الفاتح توقعاته بان تشهد المنطقة نهضة اقتصادية وزيادة في دخلها ليعيد حقبة الجزيرة في اربعينات وخمسينات القرن الماضي عندما كانت مصانع النسيج العالمية توفد اداراتها للجزيرة للحصول علي اقطانه الممتازة من الصنف طويل التيلة .
المهندس الكهربائي الصادق الحاج ثمن تنفيذ مشروع كهرباء المناقل مؤكدا انه جاء نتيجة توافر انتاج الكهرباء في اعقاب تنيفذ عدد من مشروعات التوليد الحراري وعلي راسها محطات الشهيد وقري وكوستي التي اكتمل بعضها فيما يتوقع دخول الاخري والمحطات الثلاث تنتج (1200) ميقاواط ويجري العمل حاليا في مشروعات محطات الفولة وبورتسودان والباقير لانتاج (1485) ميقاواط كما يجري العمل في محطة التوليد خزان الحمداب لتوليد (1250) هذا يعني ان انتاج الكهرباء سوف يقفز الي (3935) ميقواط علما ان اجمالي الانتاج لم يكن يتجاوز (450) ميقاواط قبيل سنوات , واذا كانت ابراج الضغط العالي قد امتدت حتي بورتسودان شرقا وحتي دنقلا وغربا فان الابيض علي مشارف الدخول ومنها ستواصل الابراج رحلتها الي دارفور كما تمتد الان الي الجبلين لذلك فليس بمستغرب ان تتمتع قري المناقل بالامداد الكهربائي , وعن الاثر المرتقب لوصول الامداد للمناقل اشار المهندس الصادق الي المناقل مدينة صناعية يمكنها ان تبرز كعلامة علي خارطة البلاد الصناعية خاصة في الصناعات التحويلية بيد ان ضعف الامداد الكهربائي للمدينة حجم التوجه للتصنيع غير ان الامداد الحالي واقامة المحطة الجديدة يمكنان في توفير الامداد الكافي للصناعة مهما كان ثقلها
تركت اهل القري بالمناقل ولجانهم علي مستوي القري تعمل علي قدم وساق لتكملة الشبكات الداخلية اما الاهالي في القري التي وصلها الامداد فهم مشغولون بالعمل في شبكات المياه والبعض يعمل علي تاهيل بيئته السكنية حتي تكون في مقام الوافد الجديد كما سنقوم في الاعداد القادمة لملاحقة التحولات في المناطق الاخري مثل شرق الجزيرة وقري تمبول والبطانة وقري غرب الحوش والتي تشهد هي الاخري ثورة علي مستوي القري لاكمال مشروعات انارتها .

الخميس، 23 أكتوبر 2008

بين هلال الامة ومريخ الوالي

لا يخفي الاهلة هذه الايام سخطهم علي الحكومة التي يذهبون الي انها تواصل تغييب اعظم العلامات في تاريخ السودان فاذا كانت حتي الامس القريب قد تجاهلت اكتوبر التي تعتبر من اعظم ملاحم الامة وكانت الانقاذ قبل ذلك قد جففت حنتوب وطقت ووادي سيدنا ووفقا لراي الكثيرون فان ذلك التوجه يهدف لاسقاط كل تلك المنارات من ذاكرة الامة , والانقاذ التي جففت سياساتها الاسرة الممتدة التي قوامها الحبوبة والخالة والعمة اجبرت عشا البايتات ومقنع الكاشفات علي اعلان افلاسه والزج ه في السجون بسبب اعساره نتيجة سياسات المجففين الجدد.
واذا كان اهل السودان عبر تاريخهم ظلوا يشجعون الهلال والمريخ فان تباينهم الرياضي لم يكن تضاد بل كان تباينا محببا كان الاهلة الذين يشكلون غالبية اهل السودان يداعبون اهل المريخ ويصفونهم بالجالية خاصة وان المريخ كما يري الاهلة قد ظل تاريخيا مرتبطا بالاشقاء من لجاليات الاجنبية فيما ارتبط الاهلال بالحركة الوطنية , كان المريخيون يتفاخرون باقليتهم ويرون انهم صفوة المجتمع , وقبيل انقلاب الاسلاميين في 1989 كانت لفظة هلالابي في القاموس السياسي للاسلاميين تعني اخو مسلم وذلك وفقا لما ظل يؤكده العديدين من اركان النظام , بعد سنوات من الحكم وفي اعقاب تدفق ثورة النفط كشفت الحكومة قد قناعها الجديد , صار وزراء الحكومة وكبار منسوبيها يعلنون مريخيتهم في افتقار تام لاسباب الدبلوماسية واللباقة بل ان احد الوزراء وصف الاهلة انهم الرجرجة والدهماء , ان هي الا شهور من محاولة النيل من الهلال حتي بدات ثورة التصحيح بالمريخ اذ تم صرف ملايين الدولارات علي ملعب استاد المريخ , قد يقول احدهم انها اموال جمال الوالي رئيس نادي المريخ , بيد ان ثمة تساؤل منطقي رغم ايمانا التام بان السيد رئيس نادي المريخ رجل فاضل ومن اسرة ممتازة وعلي خلق ولكنها لم تكن من الاسر التي عرفت بالثراء الذي يمكن ابنها جمال الوالي الذي هو في الاربعينات من العمر من توفير هذه الاموال الخرافية التي تمكنه من الصرف علي لمريخ علي هذا النحو مما جعل الاهلة يؤكدون بان الحكومة والمؤتمر الوطني هما من يوفر الموارد لبناء المريخ عبر ابنه (البار) .
علي الصعيد الاخر ورغم ان الحكومة قد جاءت بجمال الوالي عبر بوابة التعيين فقد ظللت تتفرج علي الهلال وتركته لصلاح ادريس الذي فشل في تنفيذ المشاريع التي وعد بها عند بدء الانتخابات التي جاءت به رئيسا , ورغم ان امة الهلال ظلت لا تبالي بالصرف علي المريخ بل تبارك ناي الهلال عن الحكومة وتري ان الهلال لن يدار الا ديمقراطيا – رغم افتقاد مجتمعه للديمقراطية – ولكنهم اي الهلاليون يرون ان بعد الحكومة الحالية ومؤتمرها الوطني عن الهلال دليل عافية لان بقاء الهلال قلعة للديمقراطية يعطي امته الامل في عودتها يوما , هذا الراي يخالفه الكثيرون من الاهلة الذين يذهبوبن الي ضرورة التصدي للمؤمرة التي تعمل لتجفيف الهلال غير ان اصحاب الراي اول يذهبون الي ان الهلال برز ليبقي وانه من نسيج امته التي تمكنت من تجاوز كل المتاريس التي حاولت سد طريقها في الحياة الكريمة وان اعداء الهلال من الانس والجن لو اجتمعوا علي ازالة البشارة فلن يفلحوا , صحيح قد يتعرض الهلال لبعض حالة الخسوف والعتمة ولو طال ليلها كما طال ليل السودان فانها الي زوال .
اما محاولات جمع الهلاليون من اركان النظام بغية خلق حالة من التوازن في الصرف فلا يتوقع له ذلك لان الانتماء الرياضي لغالبية اركان النظام واضحة وضوح رابعة النهار واذا كان بينهم اهلة فهم صامتون لاحد سببين اما لانهم عاجزون عن مواجهة الجانب الاخر او ان مصالحهم الشخصية تتطلب منهم الصمت وعدم الصدح بالحقيقة .
لقد اثارت صفقة اللاعب النيجيري ستيفن وارقو للمريخ مقبال صفقة تجاوزت الخمسة مليار جنيه وفق ما اعلن الكثير من علامات الاستفهام خاصة ان الصفقة تتم في بلد يعاني 90% من سكانه الجوع كما انها تتم في بلد تعجز فيه الدولة عن توفير مياه الشرب وكراريس التلاميذ وطباشير الكتابة للمدارس كما اضطرت بعض مناطقه لحمل السلاح للحصول علي الحد الادني من الخدمات وهذا الحد الادني لا يتجاوز نقطة غيار او دونكي . احد المقربين من ادارة المريخ اكد لي بان الصفقة القادمة ستكون بالتعاقد مع احد اميز اللاعبين من الفرقة الزرقاء وهذا التوجه ليس بمستبعد فالنفط في السودان موجه لشيئ واحد هو الخسف بالهلال للارضين السبع ولا حول ولا قوة الا بالله !

هذا التقرير تم حجبه من النشر بجريدة الصحافة من قبل الرقابة القبيلة بواسطة جهاز الامن ع
قضاة الدولية يطلبون تقديم الادلة .... المضمون القانويني والسياسي
تقرير : بله علي عمر
طالب قضاة المحكمة الدولية بلاهاي المدعي العام للمحكمة لويز مررينهو اوكامبو تقديم المزيد من البينات والادلة التي تؤكد ارتكاب جرائم حرب بدارفور كما جاء بصحبفة الادعاء التي تقدم بها اوكامبو في الرابع عشر من يوليو الماضي والتي طالب فيها بايقاف رئيس الجمهورية عمر حسن احمد البشير بدعوي ارتكاب جرائم حرب – حسب الاتهام - في الاقليم الذي شهد صراعا مسلحا ادي لهجر مئات الالاف من المواطنين قراهم والالتحاق بالمعسكرات حول المدن الكبري بالاقليم .

ماهي مدلولات ومعاني قرار القضاة بطلب المزيد من البينات ؟ وهل ثمة اياد سياسية وراء اعادة صحيفة الادعاء ومنح المدعي فترة شهر لتقديم بينات دامغة تؤكد صدق الادعاء ؟ (الصحافة) ايمانا منها باهمية الامر عمدت للجلوس مع الخبراء والقانونين لقراءة معاني القرار وما يتطلبه الامر خاصة ان قبول الادعاء ذي مغازي ومضامين خظيرة جدا يري الكثيرون من المراقبين انها نعطي اعداء السودان الفرصة لتمزيق البلاد
سالت الدكتور حسن مكي المفكر والمحلل السياسي المعروف عن ماهية قرار قضاة المحكمة ؟ ليجيبني قائلا : ( اولا المحاكمة لم تكم قانونية وانما كانت محاكمة سياسية ولو كانت قانونية لتم شطب الادعاء منذ بداية اجراءات الادعاء لعدم كفاية الادلة ) سالت محدثي : طالما كانت سياسية فلماذا طلب المزيد من البينات ؟ فاجاب دكتور حسن مكي : ( الاعادة قصد بها منح العمل السياسي المزيد الوقت لاستكماله خاصة ان الصين تقوم بهذا العمل السياسي ) وعن تقييمه للقرار يري مكي بانه دليل حكمة سياسية من ثلاثي المحكمة وذلك لتمكين مجلس الامن من المضي في مساراته السياسيه ) بيد ان للقانوني نبيل اديب رايا مخالفا لما ذهب اليه البروفيسور حسن مكي اذ يري نبيل اديب ان ما ذهب اليه ثلاثي قضاة المحكمة امر قانوني محض لان القضاة ينظرون للمسالة من منظور قانوني ووفقا لصحيفة الادعاء المقدمة من اوكامبو حسب ما اوردته الوسائط الاعلامية الدولية امس ان القضاة الثلاث طالبوا بيانات اضافية حول الاتهامات الواردة في صحيفة الادعاء وهذا اجراء قانوني محض اي ان القرار جاء وفق اطر قانونية وبالتالي فلا علاقة له باي توجه سياسي خاصة ان القاضيات الثلاث علي درجة من المهنية ولا تؤثر علي قرارهم اية جهة خارجية .
سالت اديب عن امكانية الاستفادة من القرار ؟ ليجيبني بان المطلوب الكف عن الضجيج السياسي وايفاد عدد من القانونيين الضالعين للمحكمة بهدف الرد علي الادعاء الوارد بالصحيفة المقدمة من اوكامبو وهذا ما يتيحه قانون المحكمة ولا زال الامر متاحا رغم ان الحكومة لم تسلك هذا الدرب واختتم اديب رايه بانه يمكن تدارك الموقف خاصة ان رد المدعي ربما جاء بعد الخامس عشر من نوفمبر القادم ما يعني ان الوقت متاح لمناهضة الادعاء لتدارك الموقف.
ومن القاهرة حدثني الدكتور ايمن سلامة استاذ القانون الجنائي الدولي بجامعة القاهرة والذي يعتبر اول قانوني يتحدث للوسائط الاعلامية عن ضعف الادعاء الذي تقدم به اوكامبو ضد الرئيس عمر البشير وعندما هاتفته امس متسائلا عن معاني ومدلولات قرار القضاة الخاص بطلب المزيد من الادله اجابني قئلا :القرار قانوني مؤسس علي ميثاق المحكمة الذي رخص لدائرة ما قبل المحاكمة مراجعة كل الادلة التي قدمها المدعي العام للدائرة , وبعد دراسة وتفحص دام لاكثر من اسبوعين خلص القضاة الي ان الادلة ليست بالكافية التي تؤيد الدعوي المقدمة من اوكامبو في الرابع عشر من يوليو الماضي ولهذه الدائرة الحق في رفض الادعاء كليا او الموافقة عليه كليا او ان تعيد تكليف وتوصيف الجرائم والاتهامات التي يزعم المدعي العام للمحكمة بحدوثها في دارفور . ويري الدكتور ايمن سلامة امكانية قيام السودان بدحض ونفي الاتهامات عبر فريق قانوني من الوطنيين او الاجانب بتقديم عريضة الدفاع امام هذه الدائرة خاصة ان المحكمة لن تصدر امرا الا بعد مضي بضعة شهور.
الخبير الاستراتيجي بمركز الاهرام الدكتور حسن ابوطالب جاء حديثه موافقا لنبيل اديب والدكتور ايمن سلامة وقال في حديثه (للصحافة) ان صحيفة الادعاء جاءت منذ البدء ضعبفة في بنائها القانوني لانها اعتمدت علي اقوال لاشخاص مجهولين كما لم تكن هنالك وقائع محددة يثبت من خلالها تورط السيد الرئيس في الاتهامات الواردة بصحيفة الادعاء كما انها مستندة علي فكرة عامة وهي ان القائد الاعلي مسئول عن كل كبيرة وصغيرة للاعمال التي يقوم بها المسئولون في المستويات الادني , كما ان المذكرة افتقدت لعناصر الادعاء القانوني السليم ويتضح من قرار القضاة الخاص بمنح المدعي العام للمحكمة شهرا اخر لتقديم المزيد من الادلة ان تلك الادعاءات لم تكن مقنعة وانها تفتقد للاساس القانوني المتماسك ما يعني ان المذكرة تحمل في طياتها اسباب بطلانها وتحتوي علي العديد من جوانب القصور القانوني . وعن الخطوة المطلوبة لتفنيد الاعاء يري الدكتور ابوطالب ان علي السودان استغلال الفرصة لتوجيه كافة الانتقادات القانونية الممكنة لتاكيد عدم قانونية الدعوي كما ان علي اتحاد المحامين العرب انابة السودان وتقديم المزيد من اوجه الطعن القانوني لقضاة المحكمة .
العضو الناشط في مجال حقوق الانسان كمال الجزولي قال : ( لقد تنبات بان تطلب المحكمة الابتدائية للمزيد من المعلومات) مضيفا انه من السهل للمحكمة الموافقة علي الادلة اذا كانت كافية في جرائم الحرب والجرائم ضد الانسانية لكن من الصعب ان تثبتها في جرائم الابادة الجماعية , وتوقع الجزولي في حديث اورته صحيفة الشرق الاوسط امس ان يكون الجدل الدائر الان داخل المحكمة الابتدائية للمحكمة حول جريمة الابادة الجماعية والادلة حولها مشيرا الي ان اتهام المدعي العام للبشير بارتكاب جرائم ابادة جماعية كان مفاجئا للجميع خاصة ان الاتهامات التي كان قد وجهها اوكامبو لهرون وكوشيب لم تشمل الابادة الجماعية وتابع الجزولي ( اتهام الابادة الجماعية ينسف التسلسل الذي وجهه اوكامبو لمتهمين في ذات القضية مشيرا الي ان لجنة التحقيق التي راسها انطونيو كاسيوس لم تشر لوقوع جرائم ابادة جماعية .
قراءات الخبراء القانونيين لقرار قضاة المحكمة الدولية اجمعت علي ان صحيفة الادعاء التي تقدم بها المدعي العام للعام والتي اتهم فيها رئيس الجمهورية بارتكاب جرائم ابادة جماعية تؤكد حملها لاسباب بطلانها شريطة ايفاد وفد قانوني ضليع الي لاهاي او اذا قام وفد اتحاد المحامين العرب فيما ذهب خبير واحد وهو الدكتور حسن مكي الي ان ثمة حكمة سياسية للقضاة وراء القرار ذلك بهدف اتاحة الفرصة لمجلس الامن لمواصلة مساره السياسي

الكهرباء جات ..523 قرية بالمناقل تودع الظلام والفقر (1)
تحقيق بله علي عمر
لا زلت اذكر جيدا ذلك اليوم البارد من فبراير عام 1993 عندما ارسل لي ابن خالي احمد محمد الماصع العودة علي جناح السرعة الي القرية بالمناقل وذلك لامر ضروري وهام , كان السفر في تلك السنوات التي سبقت تعبيد طريق المناقل مدني عبر العريجة تمتد الرحلة لاكثر من (5) ساعات علي متن بصات الاوستن المعدلة , وكان قطعة من جحيم اضافة الي قسوة زمهريرشتاء فبراير, ظللت طيلة الرحلة قلقا بسبب استداعئي خاصة ان صحة الوالدة لم تكن بالمطمئنة وبعد وصولي للبيت وجدت مصطفي عند المدخل فحياني وعندما وقف علي ملامح القلق البادية علي وجهني عاجلني : لا تقلق الحاجة والجميع بخير وفي داخل المنزل حدثني الرجل قائلا : ( خالك ابراهيم يقود تمرد بين الاهالي بسبب خصم المبلغ الذي فرض علي المزارعين من ارباح القطن ) وعندما سالته عن سبب الخصم قال محدثي ان المزارعين قرروا عبر اتحاداتهم في اقسام المناقل اقامة صندوق لمشروع الكهرباء وهذا يعني ان الخصومات تهدف لاعمار البلد ولا نريد لآل الماصع ان يرفضوا دعك عن قيادة المجموعات الرافضة ) وبعد المغرب التقيت خالي الذي يقود التيار المناهض لاستقطاع حقوق المزارعين بعد التحية عاجلني الرجل بسبب عودتي السريعة خاصة انني كنت قد غادرت القرية قبل اسبوع فقلت له انت السبب ثم واصلت حديثه راجيا منه دعم المشروع لا التحريض علي رفضه فاجابني يا ابني ليست قريشات المزارعين هي التي تاتي بالكهرباء فالمشروع ضخم ويكلف مئات الملايين واذا اراد الاتحاد ادخال الكهرباء من قريشات المزارعين فان (مقطوعة الطاري) لن تصل ولو استمر الاستقطاع لخمسين عاما ) كان حديث الرجل منطقي وصحيح كما ان الحديث عن ايصال الكهرباء في تلك الايام نوع من الجنون فقد كان انتاج الكهرباء في تلك الايام هو ذاته كما تركته حكومة نميري والتي ارتبطت باغنية الاطفال ( الكهربا جات املوا الباقات ....هسي بتقطع يا جعفر يا جعفر!!)

في منتصف سبتمبر الماضي كان علي حضور انارة ( حلة التوم) وسبقتها ( حلة الشائب التي تمتع سكانها بالامداد قبل حول من الزمان كما احتفلت رفاعة بالدخول في شبكة الكهرباء ) لقد تغير حال القري الثلاث فقبيل وصول شبكات الامداد الكهربائي اكتمل تشييد شبكات المياه ان التمتع بالهواء البارد الذي تدفعه المراوح امر ترفضه النفس الابية طالما النساء – شقائق الرجال – يعانين جلب المياه علي رؤسهن من الدونكي فكانت شبكات المياه التي باتت تنتشر في كافة القري
في اليوم التالي لزيارة للنطقة كان علي الانتقال من مجمع ام دغينات شرق المناقل الي الشوال علي تخوام النيل الابيض وطيلة الطريق كنت اشاهد خطوط الامداد الكهربائي ولا غرو فقد تحولت العنقاء الي واقع يعيش بين الناس
ابرز ملامح الحراك الاجتماعي الراهن بالمناقل هو قري المحلية المناقل تشهد هذه الايام اعمالا داؤوبة في كهرباء الريف علي مستوي لجان القري بعد اكتمال كافة خطوط الضغط العالي التي تجاوز طولها الالف كيلومتر بين خطوط (33) و(11) كيلوفولت وبعد اكتمال تشييد المحطات الرئيسية بالمناقل والعزازي و(24) القرشي ومعتوق , ويبلغ عدد القري التي يستهدفها المشروع (523)قرية امتدت خلالها الشبكة حتي مسعود الواقعة علي بعد (130) كيلومتر الي الشمال من مدينة المناقل حاضرة المحلية لتمتد الخطوط الناقلة الي اريطل الواقعة جنوب المناقل وعلي بعد (50) كيلومتر وفي القطاع الجنوبي الغربي استهدف المشروع قري منطقة الشوال التي تبعد اكثر من (130) كيلو متر والي مناطق الماطوري وابو ادم بطول (153) كيلومتر وفي القطاع الشرقي تمتد الخطوط بطول (50) كيلو متر لامداد مجمعات ام دغينات ومجمع قري الطليح وودمحمود .
المشروع يغطي كافة انحاء المحلية سواء للقري الواقعة داخل مشروع الجزيرة وتلك التي تقع خارج القطاع المروي والتي كانت الاكثر حاجة للامداد الكهربائي خاصة ان المنطقة الواقعة خارج مشروع الجزيرة ظلت تشهد تصاعدا في معدلات الفقر ما ادي لزيادة معدلات نزوح سكان القطاع المطري الي داخل المشروع بعد انتهاء الحصاد في القطاع المطري وذلك بسبب الجفاف وعدم توفر الموارد المائية الكافية وقد ادت حالة عدم الاستقرار بالمنطقة الي ارتفاع معدلات الفاقد التربوي وثمن محمد ابراهيم الحاج وهو خبير اقتصادي ومن ابناء المنطقة امتداد خطوط الكهرباء بالمناطق الواقعة خارج مشروع الجزيرة اذ باتت قابلة للاستثمار الزراعي خاصة ان مساحتها تتجاوز نصف المليون فدان كما ان توفير الامداد الكهربائي يعني الاستقرار ومناهضة الفقر وعودة التلاميذ للمدارس وفي ذلك يقول الاستاذ احمد الامام فضل المولي موجه بتعايم المناقل ان وصول الامداد للقري يعني خلق البيئة المواتية للاستيعاب خاصة ان تحصيل الصباح الباكر والتحصيل الليلي للتلاميذ هو الاكثر رسوخا في ازهانهم
سألت المهندس عمر عبدالرحيم احمد وهو من قيادات المنطقة عن المشروع ومدلولاته الاجتماعية والاقتصادية فاجابني قائلا : ( بدء لابد من الاشارة الي ان مشروع كهرباء المناقل كان حلم سكان المنطقة الذين يتجاوز عددهم المليون نسمة وفقا للاحصاءات الرسمية ويمضي عبدالرحيم للحديث : ( رغم ان امتداد المناقل يشكل اكثر من (52%) من المشروع ويساهم بحوالي (57%) من جملة انتاج المحاصيل بالمشروع نجد ان القري التي تتمتع بخدمات الامداد الكهربائي كانت حتي 1993 لا تتجاوز (18) قرية من عدد القري التي تتجاوز الستمائة قرية , في اواخر 1993 جلس نفر كريم من قيادات ريف المناقل وقرروا ضرورة النهوض بالمنطقة ولما كانت الكهرباء هي احدي اهم اليات محاربة الفقر فقد تقرر بعد الاتصال بالمزارعين عبر مجالس انتاجهم واتحاداتهم استقطاع رسم معين عن ارباح الاقطان ليبدا الاستقطاع منذ ذلك التاريخ ) وهنا ياخذ بالحديث الشيخ عبدالباقي علي رئيس مجلس محلية المناقلوعضو اللجنة العليا فيقول: ( كانت لدينا عزيمة لا تلين وكنا ندرك ان اهلنا يعانون العوز والفاقة وان هدفنا من المجيئ بالكهرباء هو تغيير واقعهم المرير ولكننا كنا مؤمنين بان ثمة رجال جلبوا علي تقديم ما ينفع الناس ودعم المستضعفين ومن يسمونهم بناس الهامش وذلك ما حدث جمعنا من المزارعين وفي هذا الوقت ظظلنا نسمع عبر الصحف عن استراتيجية الهيئة القومية للكهرباء والتي تهدف للوصول بالخطوط الي بورتسودان والابيض والرك ودارفور وغير , كنا نسمع عن اقامة محطات التوليد في كرري وكوستي وبورتسودان وقبل ثلاث سنوات قررت الهيئة القومية للكهرباء تغيير الخط الناقل لكهرباء المناقل واستبداله بالابراج من مارنجان الي المناقل فصار وصول الامداد واقعا وبعد ذلك وقفت وجدت اللجنة العليا لكهرباء المناقل الهيئة القومية ومنسوبيها علي مستوي المدير العام ومساعديه وفنني الهيئة وعمالها وآاليات الهيئة يقفون بجانبهم يقدون الدعم ويوجهون حتي اكتملت خطوط الضغط العالي وباتت الخطوط ملتفة بالقري ولم يبقي الا ان تستنفر لجان القري مواطنيها لاكمال هذا العمل غير المسبوق ليس علي مستوي السودان والاقليم وانما علي مستوي العالم , بل ان انتشار الكهرباء التي شهدتها مصر الشقيقة في اعقاب بناء السد العالي يقيف قزما امام انارة (523) قرية بالمناقل والتي تمت خلال سنوات لم تتجاوز اصابع اليد الواحدة .
سالت للدكتور احمد حاج الصديق وهو باحث اجتماعي من ابناء المنطقة عن مدلولات دخول الكهرباء فاجابني قائلا : ( ان ادخال الكهرباء لا يقف عند انارة القري والبلدات وانما يتجاوزها للتنمية المستدامة واجتثاث الفقر فالكهرباء تعني اقامة ورش الحدادة بالقري كما تعني تشييد وتشغيل قشارات المحاصيل وتعني اقامة المعاصر الصغيرة كما انها تعني اقامة مزارع الخضر والفواكه في القطاع المطري خاصة ان التربة بتلك الانحاء من عينة الطينية المتشققة والتي يري الزراعيون انها اكثر انواع التربة خصوبة – كنت قد شاهدت عددا من المزارع الخلوية تحيط بقرية ام دغينات علمت انها تروي بالمياه الجوفيه بعد وصول الامداد الكهربائي وتوقع الصديق ان تجذب منطقة الهضبة الواقعة خارج المشروع والتي تتجاوز مساحتها الخمسمائة الف فدان المشتثمرين الاجانب بعد عبرتها خطوط الكهرباء .
الاستاذ احمد الامام موجه تعليم بالولاية قال لي ان اكثر الفاقد التربوي بالجزيرة يوجد بمنطقة الهضبة نسبة لظروف المنطقة والتي يضطر سكانها للنزوح الي داخل المشروع مما يضطر الاسر الي استصحاب الابناء خلال تلك الفترة وعن الاثر المرتقب لدخول الامداد الكهربائي قال الامام ان الجولات الميدانية للمدارس في القري التي وصلها الامداد يشير الي ان نتائج امتحانات الدخول للثانوي الجامعات ستشهد قفزات غير مسبوقة في الاعوام القادمة فالانارة تشجع التلاميذ علي استذكار دروسهم خاصة في الصباح الباكر وهي الفترة التي يشير التربويون الي انها الاكثر رسوخا في ازهان التلاميذ عندما يستذكرون دروسهم ابانها كما ان اضاءة المدارس عادت ما يعني عودة التلاميذ للاستذكار في بواكير الامسيات

الخميس، 16 أكتوبر 2008

الرزيقات والمسيرية .. صلح بلا تنمية دعوة للدواس

الرزيقات والمسيرية .......التنمية اساس الصلح
تجاهل المركز وغياب الخدمات وتوفر السلاح عوامل تهدد بعودة الدواس

تحقيق : بله علي عمر

شهدت مدينة الابيض في العشر الاواخر من رمضان الماضي عقد مؤتمر الصلح بين قبيلتي الرزيقات والمسيرية وفي نهاية المؤتم اعلنت القبيلتين تجاوز تداعيات الاحداث الاخيرة ، وفتح صفحة جديدة ووقعتا اتفاقا بذلك ، علي ان تبدأ لجنة مشتركة من الطرفين تنفيد بنود الاتفاق .ووقدر المؤتمر الذي التأم لاربعة ايام برعاية رئيس البرلمان أحمد ابراهيم الطاهر ، القتلى من الرزيقات بـ «50» قتيلا ، ومن المسيرية بـ «21» قتيلا ، اضافة الى جرحى وبعض المسلوبات واتفق الطرفان على دفع الديات عن المتوفين بواقع 71 بقرة للفرد ، يدفعها الطرفان ، وستبدأ لجنة مشتركة من الجانبين عقب عيد الفطر تنفيذ الاتفاق وبموجب الاتفاق تدفع قبيلة المسيرية للرزيقات ديات تبلغ 1 ، 3 مليون جنيه، بينما تدفع قبيلة الرزيقات للمسيرية مبلغ 700 ألف جنيه .
وحدد الطرفان ديسمبر القادم كسقف نهائي لدفع الديات ، كما اتفق الجانبان في الاتفاق الذي وقع عليه من الرزيقات وكيل ناظر القبيلة محمود موسى مادبو، وعن المسيرية الامير اسماعيل محمد يوسف ، مندوب القبيلة للمؤتمر ، وواليا جنوب دارفور وجنوب كردفان والمعتمدون ، وشهد عليه رئيس البرلمان أحمد ابراهيم الطاهر ، على ترسيم الحدود بين الولايتين، وتحديد منطقة عازلة بعرض عشرين كلم، عشرة كيلومترات في كل ولاية ، وتغاضى الطرفان عن القبض على متهمين جدد، واعتمدا قائمة تقدمت بها حكومة جنوب كردفان لموقوفين علي ذمة الاحداث .
, المؤتمر المشار اليه قوبل بانتقادات واسعة لصلح غير مقنع لكثير منهم، بل كاد في كثير من الاحيان ان يعلن للملأ بنود الصلح قبل التئام جمع المختصمين، صلح يقفز على الاساسيات والمسلمات المنطقية لاي عملية تراضي وتصالح. فذكروا ان الصلح يوم 5 رمضان، ثم بدلوا الى 10 رمضان ثم استدكوا بان الصلح سيكون بعد شهر رمضان للنتفجأ بان مؤتمر الصلح عقد يوم 25 رمضان.
ورغم التاكيد علي اهمية مؤتمر الصلح الا ان بعض منتقديه يرون فيه التعجيل اذ كان من الضرورة بمكان لاي متخصمين ان يتعرفا اولا على الاسباب التي ادت الى الخصام والجفاء قبل القفز الى المصالحة وذلك على مستوى ابسط انواع الخصامات ناهيك عن قتال مرير زهقت فيه ارواح الابرياء ويذهب هؤلاء الي ضرورة البحث عن الاسباب الحقيقية ومعالتجها قبل الجلوس الي مؤتمر التصالح لضمان استدامته .
الصحافة في هذه المساحة تعمد الي تسليط الضوء علي اسباب الصراع خاصة ان الصحيفة كانت قد انتقلت الي المنطقة في معية المهندس ابراهيم موسي مادبو رئيس مفوضية اعادة التاهيل واعادة التوطين بالسلطة الانتقالية باقليم دارفور .

اولي الحقائق التي تلفت الزائر لمنطقة ام حرز التي شهدت الاحداث الماساوية بين بين اولاد ابوسلمة من قبيلة الرزيقات واشقائهم الفيارين من بطون المسيرية يجد ان المنطقة حدودية تقع بين ولايتي جنوب كردفان وجنوب دارفور وهذه الميزة التي كان من الواجب ان تنال قسطا وافرا من الخدمات من الولايتين جاءت عكس ذلك اذ باتت مهملة من الجانبين كما ان غياب رسم الحدود والذي تتم وفقه تحديد مسئوليات الولايات في تقديم الخدمات ادي للافتقار لهذه المقومات الاساسية , وابلغ دليل علي ذلك افتقارها للمياه خاصة انها تقع في حوض البقارة الجوفي الذي يعرف وفقا لتصنيف الجيولوجيون بان مياهه عميقة ما يتطلب تقنيات معينة لضخ مياهه الجوفيه ولما كانت سمة مواقف حكومتي الولايتين اللامبالاة فقد ظل اهل المنطقة يعانون العطش , لقد ظللنا طيلة الرحلة البرية من الضعين الي ابوجابرة – والتي امتدت لاكثر من ابرع ساعات ذهابا وعودة نحلق في القري والفرقان ونادرا ما كنا نرصد صهريجا يؤكد ان ثمة حياة هناك ليبقي التساؤل كيف لهؤلاء الناس الحصول علي الماء الذي جعل الله منه كل شيئ حي , لقد توفرت مقومات الصراع بالمنطقة خاصة ان الاسلحة متوفرة بصورة تري الناس يحملونها داخل القري وذلك ما حدث صباح ارباعء الحادي والعشرون من اغسطس الجاري عندما وقع ا(72) قتيلا من الطرفين وجرح (40) فردا من المجموعتين ,
اسباب الصراع كما شخصها المهندس ابراهيم محمود موسي مادبو رئيس مفوضية اعادة التوطين تتمثل في غياب التنمية والخدمات بالنطقة مما دفع المفوضية لتبني مشروع توطين الرحل الذي وضعت دراسته العلمية جامعة الجزيرة وسيبدا تنفيذ المشروع في محلية الضعين بحفر (19) بئر سيبدا العمل فيها خلال الايام القادمة بعد ان وصلت الحفارات الي حاضرة المحلية فيما سيبدا العمل بالمدارس عقب الانتهاء من حفر الابار مباشرة مؤكدا ان اولي الابار ستكون جاهزة لضخ المياه في اوائل رمضان المقبل وقال مادبو ان المفوضية التي تلقت (7%) من مال السلطة قد وجهته لانجاز اعمال ضخمة ممت يتطلب من الدولة دعم جهود المفوضية وعتبارها الزراع الرسمي لتنفيذ مشورعات المياه في المناطق الادارية التابعة لولاية جنوب دارفور.
لنقطع المسافة شرقي مرحال المسيرية الشرقي حيث ابناء عمومتهم الفياريين من بطون المسيرية يقول الامير مختار نمر من قيادات قبيلة المسيرية : اذا كنا نريد تشخيص اسباب الصراع فلا بد من الوقوف عند الشريحة التي سببت حالة الانفلات هنا وهناك لنجدهم من الشريحة العمرية التي لا تتجاوز العشرين عاما وهي شريحة كان يجب ان تكون في مراحل التعليم ولكن لان الدولة عمدت الي تجفيف داخليات المدارس دون استصحاب خصوصية الرحل فكان النتيجة ان ترك هؤلاء الابناء التعليم وباتوا يتحركون مع الثروة الحيوانية كما ان المنطقة الفاصلة بين القبيلتين تمتد الي اكثر من (100) كيلومتر تفتقر لاي نوع من اسباب ان العابر لهذه الوهاد لايجد اثرا للدولة الخادمة فلا دونكي للمياه و نقطة غيار وكان الدولة قد اقتنعت بان تلك الادغال من افريقيا لا تستحق اي نوع من الخدمات وقال نمر ان الحل له شقان هما التنمية وتوطين الرحل فيما يتمثل الحل العاجل في اعادة الداخليات للمدارس لمواجهة الفاقد التربوي المصاحب للماشية مستدلا علي ان الوزراء من ابناء العرب الرحل الذين حضروا المؤتمر هم من الذين حرصت الدولة علي توفير بيئة التعليم لهم بما فيها الداخليات في كافة المراحل وذلك قبل اكثر من (40)عاما , من جانبه يذهب مريدة محمد حمدين عضو المجلس الاستشاري للادارة الاهلية الي ان الصلح بين القبيلتين امر يتطلبه بسط الامن والابقاء علي اواشج القربيخاصة ان الطرفين اشقاء وابناء عمومة بيد ان المطلوب من الدولة العمل علي ازالة الاسباب التي تؤدي لهكذا اقتتال ومن الاسباب ندرة المياه ما يدفع الرعاة من الطرفين الاحتكاك عند مداخل مصادر المياه المتمثلة في بحر لعرب ولمعالجة الموقف لابد من تنفيذ مشروعات استقرار الرحل التي قوامها الابار والحفائر الكافية لكميات الثروة الحيوانية مع رسم الحدود الادارية بين الولايتين وتوجيه الولايتين لاقامة المشروعات التنموية الداعمة للاستقرار وحتي تكتمل هذه المشاريع المطلوب في الوقت الراهن تحديد المسارات المؤدية لمصادر المياه مع تقوية الوجود الاداري وتحديد السلطات للادارات الاهلية مع اعادة نظام الضباط الاداريين الرحل المرافقين للادارة الاهلية كما ان الوجود الكثيف للدولة ممثلا في الاجهزة المعنية بضبط القانون والادارة يبقي امرا حيويا)
الصحافة التي انتقلت في معية وفد المواساة قبيل مؤتمر الصلح تابعت لقاء الوفد بمشائخ وعمد الرزيقات بمنطقة ابوجابرة وورغم ان جميع المشاركين في اللقاء كانوا حريصين علي ضرورة التصالح بما فيهم ذوي عدد من الشهداء الا ان الجميع شددوا علي ضرورة قيام الدولة بما يليها من ازالة اسباب الصراع وقال رئيس مجلس شوري الرزيقات محمد عيسي عليو ان العلاقة بين القبيلتين راسخة تدعمها اواصر القرابة ووشائج الدم بيد ان تجاهل الدولة رسم الحدود بين ولايتي جنوب دارفور وجنوب كردفان اضافة الي ضعف الضبط القانوني والاداري ادي الي حدوث حالات من التفلت اخرها تلك التي شهدتها المنطقة
الدكتور محمد الخاتم مصطفي اكاديمي حدثني قائلا ان استدامة السلام بتلك المناطق يتطلب ( اطالة ) زراع الدولة لتلك المناطق من البلاد خاصةخاصة ان زراع الدولة ظل غائبا لا يحسه المواطن اذ يلاحظ العابر لتلك الجهات افتقارها لكافة انواع الخدمات التي تشعر المرء بوجود الدولة بدليل انه اي المواطن بات لا ينتظر خدمات الدولة والخطورة تكمن في انه بات يعتمد علي ذاته ومتقوقعا داخل البناء القبلي الذي يوفر له اهم المقومات وهي امنه واملاكه وقد ساعد انتشار كافة انواع السلاح في ديومة الصراعات القبلية بدليل ان مناطق دارفور وجنوب كردفان شهدت عشرات الاحتكاكات القبلية يتعامل معها المركز بصورة غير مسئولة وتتحدث الالة الاعلامية الحكومية علي انها احتكاكات عابرة بين الرعاة علما ان بداية ازمة دارفور كانت هي الاحتكاكات بين الرعاة والمزارعين ويري دكتور الخاتم ان الدولة تملك من الموارد المادية ما يمكنها من اقامة مشروعات التوطين وتحقيق التنمية بهذه المناطق النائية كما ان وجود النفط وتخصيص حصص لمناطق الانتاج يساهم بصورة قاطعة في اقامة مشروعات التنمية شريطة توفر الارادة السياسية والرغبة لدي المركز .