الثلاثاء، 15 يوليو 2008

حوار محمد ابراهيم كبج مع الصحافة (1)




سياسات الدعم التي تتبعها المالية وراء تأجيج الحرب

حوار: بله علي عمر

اذا كنا نريد لوطننا الحبيب ان يخرج من حالة المخاض الراهن سليماً ومعافى لابد لنا من العمل على فتح كافة الدمامل المرضية في جسده والعمل على استئصال الخلايا الميتة وتلك الملتهبة القابلة للانفجار.(الصحافة) وايماناً منها بضرورة ان تأتي حالة التشريح الراهنة لقضايا الوطن شاملة حتى تعود العافية لجسد الوطن وينعم اهله بالاستقرار كان لابد لنا من تسليط الضوء على الكيفية التي كانت توزع بها عائدات الثروة في السنوات القليلة الماضية حتى يمكن تلافي الاخطاء التي كادت ان تعصف بالبلاد جراء الغبن الاجتماعي الذي لحق بعدد من ولايات واجزاء البلاد وذلك عبر الحوار التالي الذي تجريه مع المراقب للشؤون الاقتصادية محمد ابراهيم عبده كبج.. وكان مدخلنا للحوار تلك الرؤية التي قدمها كبج في إجتماع المانحين باللجنة المشتركة (جام) لتقدير احتياجات مابعد السلام.* استناداً على رؤيتكم التي استمعنا لها في الاجتماع الذي عقده المانحون برئاسة البنك الدولي في مقر اللجنة المشتركة لتقدير احتياجات ما بعد السلام والتي جاء حديثكم فيها بلغة الارقام نريد بداية ان تطلعونا بشئ من التفصيل على تحويلات الحكومة الاتحادية للولايات؟- نتحدث هنا عن اربعة أعوام 2000- 2003 وهى الاعوام التي شهدت دخول عائدات البترول للموازنة الاتحادية والذي يعني ان الموازنة الاتحادية اصبحت تتمتع بمبالغ طائلة من عائدات البترول فمثلاً اجمالي الانفاق الحكومي للبلاد بلغ في العام 1998 (175) مليار دينار وهى سنة سابقة لمرحلة ما قبل البترول بينما نجد ان الانفاق قد قفز الى (2ر736) مليار دينار في عام 2000 التي شهدت دخول عائدات النفط من الموازنة مما يعني أن الانفاق الحكومي قد تضاعف (4) اضعاف ونصف ولكن على النحو الآخر نجد أن الصرف الحقيقي الذي وجه للولايات من الحكومة الاتحادية يساوي 4ر8% من جملة الانفاق الاتحادي في عام 2000 وانخفض الى 6% من عام 2001 ليرتفع قليلاً الى 4ر6% في عام 2002م ثم ارتفع مرة اخرى الى 7% في 2003 وذلك نقلاً عن تقريري بنك السودان لعامي 2001-2003 اللذين اشارا الى ان هذه الارقام نقلت عن وزارة المالية والاقتصاد الوطني ونود ان نشير هنا الى ان بلداً مثل نيجيريا تعطي الولايات 40% من جملة الانفاق الحكومي وترتفع نسبة عطاء اثيوبيا للولايات الى 65% من جملة الانفاق الحكومي وقدم البنك الدولي دعماً لاثيوبيا قدره 400 مليون دولار امريكي تشجيعاً لهذا الاداء الممتاز تجاه الولايات.* هل كان الصرف على الولايات يستصحب الظروف الخاصة لكل ولاية، بمعنى هل هنالك مساواة بين الولايات؟- ان الامر الواقع عكس ذلك تماماً إذ اننا نجد ان الدعم الاتحادي يتم توجيهه للولايات المتطورة نسبياً مقارنة ببقية الولايات ومن الامثلة التي توضح ذلك استناداً الى المعلومات الرسمية ان ولايتي الشمالية ونهر النيل اللتين يبلغ اجمالي عدد سكانهما المليون ونصف المليون مواطن قد نالتا ما جملته 5 مليارات و106 مليون دينار عام 2001 في حين ان ولاية غرب دارفور التي يقطنها مليون و600 ألف مواطن قد تلقت دعماً اتحادياً لم يتجاوز المليار و160 مليون اي اقل من 23% من الدعم الاتحادي لولايتي نهر النيل والشمالية رغم ان غرب دارفور تتفوق في عدد سكانها على ولايتي الشمال بأ كثر من 100 ألف نسمة ومثال آخر ولاية الجزيرة التي يبلغ عدد سكانها اكثر من 5ر5 مليون وهى اكثر من ثلاثة اضعاف سكان الشمالية ونهر النيل نالت دعماً اتحادياً بلغ مليارين و22 مليون دينار وهذا المبلغ اقل من 40% من المبلغ الذي حظيت به الشمالية ونهر النيل ونالت ولاية شمال كردفان وعدد سكانها مساوٍ لنهر النيل والشمالية دعماً اتحادياً لذات العام 2001 بلغ مليار و486 مليون دينار وهو يساوي 29% من الدعم الموجه لولايتي الشمال كما نالت ولاية القضارف دعماً إتحادياً بلغ مليار و501 مليون دينار وهى مساوية في عدد سكانها لجملة ولايتي نهر النيل والشمالية وفي عملية حسابية بسيطة نجدها قد حصلت على حوالي 29% مما نالته ولايتا الشمالية ونهر النيل كما ان ولاية كسلا وعدد سكانها 5ر1 مليون شخص ايضاً قد حصلت على مليار و652 مليون دينار وهذا يساوي حوالي 32% مما حظيت به ولايتا نهر النيل والشمالية وعام 2001 ليس استثناء إذ أن ما حدث في عام 2002 يمثل ذات التوجه فقد نالت ولايتا الشمالية ونهر النيل مبلغ 6 مليار و794 مليون دينار مقارنة بولاية كسلا التي نالت (2) مليار و404 مليون دينار اي انها حصلت على 35% مما نالته ولايتا نهر النيل والشمالية كما أن غرب دارفور التي تدور فيها رحى الحرب الحالية نالت مليار و811 مليون دينار اي انها حصلت على اقل من 27% مما نالته ولايتا نهر النيل والشمالية بالرغم ان عدد سكان الولاية كما اسلفنا يفوق عدد سكان نهر النيل والشمالية مجتمعتين بحوالي 100 ألف مواطن وشمال كردفان نالت في 2002م حوالي 43% من نصيب الشمالية ونهر النيل رغم تساوي عدد السكان.واذا ما دلفنا نحو عام 2003 ونار الحرب تشتعل في اطراف السودان مجتمعة غرباً وشرقاً فقد نالت الشمالية ونهر النيل في هذا العام 7 مليار و 968 مليون دينار في حين ان ولاية غرب دارفور التي يزيد سكانها عن نهر النيل والشمالية بمقدار 100ألف نسمة إذ نالت دعماً اتحادياً مقداره 2 مليار و254 مليون دينار اي 28% مما نالته الشمالية ونهر النيل وهكذا فان الحرب ليست صدفة وإنما تشعلها وزارة المالية والاقتصاد الوطني بمحاباتها لبعض الولايات خصماً على ولايات اخرى ولكن هذا التصرف الذي يعتبره البعض في الادارة شطاره قد افضى ويفضي للحرب التي تستنزف الجميع بما فيها المناطق التي تستأثر بهذه الرعاية (الخمسة نجوم!).اننا ندعو لقلب هذه الصورة وبما يسمى بالتمييز الايجابي الذي يجعل من المركز مميزاً للمناطق المهمشة ويعطيها نسبة من التحويلات اعلى من تلك التي يعطيها للولايات في اواسط شمال السودان وهذا هو عنصر هام لبناء السلام المستدام وإيقاف نزيف الحرب وازالة المرارات المتراكمة عبر عشرات السنوات والوحدة الطوعية على اساس حديث.{ربما تكون ظروف وإيرادات الولايات التي تحظى بهذا الدعم اكثر فقراً مما يعني عدالة توزيع الثروة؟- هذا سؤال جيد ولكن الاجابة توضح أن إجمالي الايرادات الذاتية وهى مؤشر لمستوى التطور النسبي لهذه الولاية عن تلك في عام 2003 لولايتي الشمالية ونهر النيل 3 مليار و421 مليون دينار بينما بلغت الايرادات الذاتية لغرب دارفور 585 مليون دينار لذات العام وهى حوالى 17% من ايرادات الشمالية ونهر النيل، واذا مضينا في طريق الاحصاءات نجد ان الايرادات الذاتية لشمال كردفان في نفس العام بلغت 2 مليار و21 مليون دينار اي ما يساوي 59% من الايرادات الذاتية لولايتي الشمالية ونهر النيل رغم تساوي عدد السكان بينما ولايتي الشمال مجتمعتين وفي قراءة للايرادات الذاتية لشمال دارفور نجدها تبلغ مليار و387 مليون دينار وهى تشكل 41% من إجمالي الايرادات الذاتية لولايتي الشمال رغم ان عدد السكان متساوٍ وعند قراءتنا لواقع ولايتي القضارف وكسلا اللتين يساوي كل عدد سكان منهما عدد سكان ولايتي الشمالية ونهر النيل إلا ان ايراداتهما الذاتية تساوي 71% للقضارف و78% لكسلا مقارنة بولايتي الشمال.وهذا يعني ان اقتسام عائدات الثروة لم تكن على النحو المطلوب بمساعدة الولايات الفقيرة والاقل نمواً من غيرها في اواسط شمال السودان.* البعض يتحدث عن استثناء العاصمة بصورة اكبر في ظل هذا التباين في المساواة بين الولايات لدى متخذي القرار المالي؟- اود ان اشير الى حقيقة هامة متعلقة بولاية الخرطوم إذ يشير الاحصاء المركزي ان عدد سكانها يساوي 5ر22% من عدد سكان الولايات الشمالية كما ان الاحصاءات توضح ان اجمالي المصروفات لولاية الخرطوم في عام 2002م يساوي 45 مليار و792 مليون من جملة مصروفات الولايات الشمالية والتي تقدر بما يزيد عن 123 مليار قليلاً اي ان ولاية الخرطوم تحظى بنسبة تزيد عن 37% من جملة الصرف الفعلي على الولايات.امافي عام 2003 فقد بلغ الصرف الفعلي لولاية الخرطوم حوالي 62 مليار دينار وهذا يساوي حوالي 40% من جملة الصرف الفعلي للولايات الشمالية وقد جاء هذا نسبة للدعم الاتحادي لولاية الخرطوم التي نالت من الدعم التنموي لعام 2003 مبلغ 2 مليار و417 مليون دينار وهو يساوي حوالي 26% من جملة الدعم الاتحادي لكل ولايات السودان شماله وجنوبه.ولاية الخرطوم التي نالت هذا الدعم تأهيلاً للبنيات الاساسية وعلى رأسها شبكة الطرق التي يتمتع بها أهل الخرطوم ولكن يبرز السؤال المشروع: ألم يكن من الافضل ان يوجه هذا الدعم الاتحادي لطريق الغرب او الطريق الدائري لجبال النوبة حتى ننعم بالسلام في الخرطوم؟ وحتى ننعم بالخيرات الزراعية لتلك المناطق لصالح سكان الخرطوم وغيرهم واضيف هنا اضافة صغيرة ان حمولة الشاحنة (ZY) من جنوب دارفور للخرطوم من منتجات المانجو تكلف ترحيلاً قدره 2 مليون جنيه سوداني في حين ان شراء تلك الحمولة من المانجو تكلف 500 ألف جنيه فقط!!نواصل

ليست هناك تعليقات: