الثلاثاء، 15 يوليو 2008

يعملون في الهجير ويفتقدون لأبسط الحقوق


إالخرطوم بحري:بله علي عمر
ظل قطاع الحرفيين بمحلية شرق النيل وخاصة أولئك الذين يمارسون عملهم في الموقع الحالي بحلة كوكو شرق جامعة السودان، تحت هجير الشمس والادخنة المتصاعدة من عوادم السيارات، وموجات الاتربة من حين لآخر، ظل هؤلاء ولزهاء الـ (20) عاماً يعانون من عدم الاستقرار وكثرة التنقل من موقع لآخر. وكل ذلك بسبب عدم ايجاد مواقع ثابتة ودائمة في غياب كيان يدافع عن حقوقهم بمحلية شرق النيل كما يقولون. مما دفع بعضهم وعددهم (140) الى الانسلاخ عن النقابة ومتابعة اجراءاتهم مباشرة عبر المحلية، متجاهلين دور النقابة التي فشلت ولسنوات طويلة في توفير مواقع للحرفيين على حد تعبيرهم.وحتى نقف على أبعاد قضية تخصيص مواقع للحرفيين وآخر مستجداتها، التقت صحيفة (الصحافة) بعدد من الحرفيين، كما ذهبت إلى الهيئة العامة لنقابة الحرفيين، لمعرفة ما يدور داخل أروقة مكاتبها بشأن ذلك.الحرفيون ماذا قالوا؟يقول عطا محمد الحسن - حرفي:لقد طرح علينا الاخوة في الهيئة النقابية للحرفيين مشكلة اراضي الحرفيين وبحث مواقع دائمة ليمارس عليها الحرفيون عملهم. وقمنا بدفع مبلغ (50) ألف جنيه للهيئة النقابية كخدمات. وأنا كواحد من هؤلاء الحرفيين دفعت عدة مبالغ منها 5.000 دينار بتاريخ 19/1/003م، ومبلغ 000،20 ألف دينار بتاريخ 3/11/2003م. ومبلغ 000،5 دينار بتاريخ 29/1/2003م للمحلية. ولدي ايصالات ومستندات تثبت ذلك. وكل تلك المبالغ مقابل اعطائي كشكا في الموقع الحالي شرق جامعة السودان بحلة كوكو، إلا انني وكبقية زملائي استلمت انذاراً بالازالة ولم تشفع لنا المبالغ التي قمنا بدفعها. والآن نمارس عملنا الحرفي في الموقع شرق جامعة السودان بصورة مؤقتة. ونتوقع ان تتم الازالة في أي وقت.ويضيف عطا محمد الحسن قائلاً:علماً بأننا قد استلمنا انذارات بالازالة مقابل اعطائنا مواقع اخرى بديلة لهذه بالقرب من شارع القذافي، فلقد جاءنا مندوب من النقابة العامة للحرفيين وتمت زيارة ميدانية للموقع المقترح. وذهبنا معه وشاهدنا الموقع فوجدناه غير مؤهل وغير جاهز لعدم توفر الخدمات فيه من ماء وكهرباء (دورات صحية) وغيرها، كما ان الموقع يحتاج الى ردميات ترابية لتفادي تراكم المياه في فصل الخريف، نسبة لوقوع الموقع في منطقة منخفضة.ويستطرد عطا محمد الحسن قائلاً: وبدون معرفة الاسباب تم الاستغناء عن الموقع جوار شارع العقيد القذافي. وتم تحديد مواقع أخرى بمربع (7، 8) بالسوق الشعبي الحاج يوسف، ليكون بديلاً للموقع السابق شرق جامعة السودان. ولم يصلنا تنوير من الجهات المختصة بالاراضي ولا الاخوة في الهيئة العامة لنقابة الحرفيين لتوضيح آخرالمستجدات، مما اضطرني أنا وبعض الإخوة الحرفيين الى تكوين لجنة مكلفة بمعرفة ما يدور من اجراءات عن اراضي الحرفيين، إلا انه تم تجاهلنا بحجة اننا لجنة غير قانونية وان هنالك نقابة تقوم بذلك.أما دفع الله عز الدين - حرفي ورئيس النقابة الفرعية للحرفيين، فيقول: نعمل في هذا الموقع (شرق جامعة السودان) منذ ما يقارب الـ 27 عاماً. ولقد عانينا كثيراً بسبب التغيير الكثير للمواقع والتنقل من موقع لآخر، مما ترتب عليه فقدنا لكثير من زبائننا، بالاضافة الى ضعف العمل وقلة الدخل اليومي نتيجة لذلك. وأيضاً المشاكل التي تواجهنا من قبل التنظيمات والنقابات التي تمثلنا. والمتمثلة في جباية رسوم الارانيك وحصر العضوية والبطاقات التي تستخرج لنا مرتين في السنة، دون أن نمتلك او نتحصل على موقع ثابت. وكل تلك العقبات والمشاكل لا نجد لها حلاً او تفسيراً حتى الآن، كما نعانى من كثرة الوعود من قبل المحلية والتنظيمات النقابية.ويواصل دفع الله عز الدين قائلاً: قبيل شهر يونيو الماضي استلمنا انذاراً بالازالة من موقعنا الحالي (شرق جامعة السودان) من ضابط اداري بمحلية شرق النيل، على ان يتم منحنا مواقع بديلة بمربعي (7، 8) السوق الشعبي بالحاج يوسف. وعندما فرغ الضابط المخول بتوزيع انذارات الازالة من ذلك، جلسنا معه بحضور عدد من الحرفيين وسألناه عن كيفية تسليم المواقع الجديدة في غياب دور النقابة، إلا انه طلب اعطاءه مدة اسبوع. وتعهد لنا ألا تتم الازالة إلا بعد نقل الحرفيين للمواقع الجديدة بمربعي (7، 8). ولقد احتج بعض زملائي الحرفيين وعابوا على النقابة العامة للحرفيين بشرق النيل عدم تنويرهم بكل صغيرة وكبيرة. وما يدور بشأن اراضي الحرفيين من اجراءات. كما نعيب على النقابة ايضاً مطالبتهم برسوم البطاقات. ونحن ندفع منذ بداية استخراج الرخص المؤقتة، بالاضافة الى ذلك فوجئنا بوجود اشخاص بالموقع ليست لديهم أحقية في هذا الموقع، لذلك رفضنا دفع أي مبلغ للنقابة. ونتيجة لذلك امتنع عدد كبير من الحرفيين عن دفع الرسوم المقررة، كما قمنا برفع شكوى للمدير التنفيذي للمحلية بخصوص الاشخاص الذين ليست لديهم صلة بالموقع ولا يستحقون موقعاً.ويختم دفع الله عز الدين قائلاً: نحن الآن نقيم في هذا الموقع بصورة عشوائية وبدون تصاديق، خاصة بعد استلامنا الانذارات بالازالة. ونناشد الجهات المسؤولة بايجاد معالجات لمشاكل الحرفيين المتمثلة في عدم الاستقرار والتنقل من موقع لآخر لفترة امتدت لأكثر من 20 عاماً، كما أننا ولعدم تعاون النقابة معنا، قمنا بحصر عدد 142 حرفياً للتعامل والتخاطب مباشرة مع المحلية بخصوص مواقع الحرفيين.أما فضل الخير السيد بابكر - حرفي فيقول: أرجو من معتمد شرق النيل والهيئة النقابية لعمال الحرفيين بشرق النيل، ان يلتفتوا الى مشاكل الحرفيين على ارض الواقع، لأنهم عانوا كثيراً من دفع مبالغ مقدرة دون ان يجدوا أية نتيجة ملموسة، سواء من الهيئة النقابية للحرفيين أو من يمثلهم. واتمنى أن يسعوا لايجاد أراضي ثابتة.ويستمر فضل الخير السيد قائلاً: لقد عانينا من كثرة التنقل من موقع لآخر. وانعكس ذلك سلباً على عمل الحرفيين من فقدان لزبائن العمل، بالاضافة الى ان أدوات العمل غير متوفرة. ومن ناحية الخدمات فإن السلبيات تتمثل في عدم وجود كهرباء وبعد محلات قطع الغيار عن مواقع العمل.أين العهدحملنا أوراقنا التي تحمل في طياتها مواجع وغبن ومظالم الحرفيين بمختلف تخصصاتهم. وجلسنا مع نفر في الهيئة النقابية لاعمال الحرفيين لقطاع شرق النيل، لنتعرف على طبيعة ما يجري داخل النقابة والجهود التي تبذلها النقابة من اجل حل قضية مواقع الحرفيين.وفي البدء تحدث يعقوب علم الدين ابراهيم - عضو المكتب التنفيذي للنقابة العامة للحرفيين على مستوى السودان. والامين العام للهيئة النقابية للحرفيين بمحلية شرق النيل، حيث قال: نقابة الحرفيين الهدف منها بحث ومتابعة تخصيص مواقع ثابتة للحرفيين لممارسة عملهم، تفادياً لمطاردات حملات النظام العام. ولقد تم تكوين مكتب النقابة عام 2001م. ومنذ بداية عمل النقابة درجنا على مخاطبة المحليات والمحافظة لايجاد مواقع دائمة للحرفيين. وبالفعل توصلنا لعدة مواقع مقترحة بفضل تعاون المسؤولين ووقوفهم معنا. ومن ثمرة تلك الجهود أن التزم لنا محافظ شرق النيل آنذاك ألا يتم نقل وترحيل الحرفيين من موقعهم الحالي شرق جامعة السودان، ما لم يتم ايجاد مواقع بديلة. وان يتم تنظيم اكشاك للحرفيين مقابل دفع رسوم قدرها 000،50 دينار، تدفع 000،25 دينار نقداً وبقية المبلغ على اقساط لمدة ستة شهور. ويتم بموجب ذلك منح الحرفيين اكشاك في مساحة 5،3*3. وبعد أن تم التخطيط للمواقع بواسطة المهندس، لم نتمكن من تشييد المواقع. وذلك نسبة لتغيير المحافظ الى معتمد بعد تحويل المحافظة الى معتمدية.ويضيف فضل الخير السيد قائلاً: وعندما جاء المعتمد قال انه لا يريد حرفيين في الموقع شرق جامعة السودان، لأن هذا الموقع موازٍٍ للشارع وبالتالي فإنه يشوه المنظر العام للشارع. ونحن من جانبنا كنقابة للحرفيين طالبنا معتمد شرق النيل بمواقع بديلة، فوافق بدوره وحدد لنا الموقع رقم (1) مربع (2) بالحاج يوسف (الدرجة الثانية) التي تقع بالقرب من شارع العقيد القذافي. وكان ذلك في فصل الخريف حيث كان الموقع ممتلئاً بالماء. وطلب منا المعتمد مباشرة العمل في ميادين السوق لحين انتهاء فصل الخريف، فأذعن بعض الحرفيين للأمر بينما رفضت البقية الذين آثروا البقاء في الموقع شرق جامعة السودان.ويستطرد فضل الخير السيد قائلاً: في تلك الفترة تم إكمال بعض الاجراءات بتغيير الغرض من السوق من سوق خضار وفاكهة الى مواقع حرفيين. وقبل البدء في تخطيط الموقع الجديد جاءنا قرار آخر يقضي بترحيل الحرفيين على ان يتم منحهم مواقع في مربعي (7، 8) في السوق الشعبي بالحاج يوسف، علماً بأن الموقع (7، 8) توجد به بعض الموانع من زرائب ورواكيب في اماكن متفرقة من الموقع، مما اضطر مدير التخطيط الى نشر اعلان عبر صحيفة «أخبار اليوم» بتاريخ 1/7/2004م يطلب فيه من اصحاب الزرائب والرواكيب ازالتها في فترة اقصاها شهر من تاريخ الاعلان. وتم اعطاؤنا موعداً لمقابلته في يوم 3/7/2004م. وبالفعل ذهبنا إليه في الوقت المحدد فوجدناه مشغولاً، فحدد لنا موعداً بديلاً يوم السبت 10/7/2004م، حيث تمكنا من مقابلته. وتم ذلك في حضور معتمد المحلية إذ قمنا بمناقشة الأمر معهم بخصوص مواقع الحرفيين المقترحة بمربعي (7، 8) السوق الشعبي بالحاج يوسف. ومن جانبه قام المعتمد بتكوين لجنة تضم عددا من الاداريين بالمحلية وممثلين للنقابة والحرفيين وآخرين أوكلت إليهم مهمة حصر جميع الحرفيين بمحلية شرق النيل كاجراء أولي، حتى يتسنى للمحلية معرفة العدد الكلي للحرفيين، بالاضافة الى اعداد سجل للحرفيين بمحلية شرق النيل، حصر الحرفيين، رفع مقترحات المواقع لاستقرار الحرفيين، تأمين بطاقة الحرفيين المستخرجة من اتحاد نقابات السودان. واستثناء الحرفيين من حملات النظام العام لحين استقرارهم.التزام وانشقاقمحمد عبد الكريم - أمين الاتصال والتنظيم لنقابة الحرفيين قطاع شرق النيل يقول: كانت بداية عمل الحرفيين بموقف المايقوما الحالي بحلة كوكو. ووقتها تم استخراج رخص سنوية من المحلية مقابل دفع مبلغ من المال، ثم انتقل الحرفيون الى موقع آخر غرب جامعة السودان (ميدان النخيل). ولم يتم الاستقرار حتى جاءتنا انذارات بالازالة من المحلية (لم يتم دفع الرسوم)، الا اننا تمكنا من تسوية هذا الامر بعد الجلوس مع المحلية.ويضيف محمد عبد الكريم قائلاً: ولم يمض على ذلك وقت طويل حتى صدر قرار من والي الخرطوم يقضي بإزالة كل الاكشاك والمناظر التي تشوه الشوارع، كما جاءنا ضابط من محلية شرق النيل يحمل انذاراً بالازالة وفقاً لقرار الوالي. وهكذا استمر الحال حتى يوم 10/7/2004م، عندما اجتمعنا مع معتمد محلية شرق النيل بحضور بعض الاداريين وممثلين للنقابة والحرفيين، حيث اتخذ الوالي عدة قرارات من بينها تكوين لجنة لحصر كل الحرفيين بمحلية شرق وان تباشر عملها فوراً. واعداد سجل للحرفيين وتأمين البطاقة من قبل النقابة العامة.ويقول محمد عبد الكريم: ان الذين يطالبون بمواقع واكشاك في الكشف العام ولم يدفعوا الرسوم وقدرها 000،50 دينار عددهم (108)، أما الذين اكملوا المبلغ والمستحقون فيبلغ عددهم (117). وبالنسبة للذين يتابعون اجراءاتهم مباشرة فهؤلاء لم يدفعوا الرسوم المقررة، علماً بأننا نشرنا اعلانا ولمدة ستة شهور ولم يبادروا بالتسديد، بل قاموا بتكوين لجنة من (142) حرفيا وهي لجنة غير شرعية، لأنها تعمل خارج نطاق النقابة العامة لاعمال الحرفيين قطاع شرق النيل. وسبق ان رفعنا شكوى في ممثلهم. ونحن لا نمانع في انضمامهم للنقابة، لأن ذلك يمكنهم من متابعة واكمال اجراءاتهم عبر قناة شرعية (النقابة).هذه المناشدةأما طارق عبد الباسط محمد - أمين شؤون الولايات للنقابة العامة لعمال الاعمال الحرفية بالسودان فيقول: لأجل استقرار قطاع الحرفيين وليتمكنوا من المساهمة في التنمية المستدامة - علماً بأن عمال هذا القطاع هم الذين يدفعون عجلة التنمية الاقتصادية - نناشد معتمد شرق النيل النظر الى قطاع الحرفيين في دائرته الجغرافية. ونلفت انتباههم الى فك الحصار عن اراضي وورش الحرفيين الذي اصبح مزدوجاً من المحلية ووزارة الشؤون الهندسية، حتى ان هنالك ملابسات عامة حالت دون استقرار الحرفيين بولاية الخرطوم وولايات السودان الاخرى. ونأمل من المسؤولين حلها حلاً جذرياً لكي تستفيد الدولة من المنتجين. ونحن كقادة نقابات في انتظار إفاداتكم وتوجيهاتكم، لاسيما ان مرحلة السلام تحتاج الى سواعد الحرفيين. وهذا لا يتأتى إلا بإعادة ترتيب دولاب عمل الحرفيين. وايجاد معالجات ناجعة لقضية أراضي ومواقع الحرفيين.من المحرر:«الصحافة» قررت مواصلة البحث في قضية الحرفيين بشرق النيل، لاسيما أن هذه الشريحة تقوم بدور استراتيجي في السلام الاجتماعي الذي تتهدده مخاطر العطالة في دولة تخلت تماماً عن واجباتها في التوظيف وتقديم الخدمات الضرورية. وقد حاولت الصحيفة تكراراً الجلوس مع معتمد شرق النيل أو مساعديه لمناقشتهم في هذه القضية. ولكن للأسف لم تحظ الصحيفة بلقاء المعتمد، رغم يقيننا أن مثل هذه القضية المهمة لن تظل حبيسة مكتب علي جرقندي النعيم الذي يعتبر من أميز الكوادر التي عرفها الحكم المحلي. وربما غابت عنه هذه القضية.. وها هي «الصحافة» تضعها أمامه على وعد المعالجة.

ليست هناك تعليقات: