الأحد، 13 يوليو 2008

النقل البري من لعنة التكدس الي الترهل الخانق2


قطاع النقل البري من لعنة التكدس إلى حالة الترهل (2-2)قلنا في الحلقة الأولى من تحقيق (الصحافة) ان غياب التخطيط العلمي وعدم وجود الخرائط الاستثمارية التي تعنى بالمسح العلمي لقطاع النقل وتحديد احتياجات البلاد من مواعين النقل دفع بالسلطات الى منح اعفاءات لمدة (6) شهور دخلت خلالها البلاد اكثر من (4000) شاحنة قد جاء وبالا على هذا القطاع وبرزت مجموعة (ضحايا الشاحنات) وهم الافراد الذين عملوا على استيراد شاحنات بلا اتباع نهج علمي ودراسات جدوى شجعهم على ذلك ارتفاع نولون الترحيل ابان ازمة التكدس بالميناء وكيف ان الانطباع الذي رسخ في عقليتهم بجدوى العمل في قطاع النقل ليتقدموا للمصارف وبيوت التمويل لنيل التمويل والتعهد باسترداده خلال فترة وجيزة من دخول شاحناتهم سوق العمل.. وان هي الا ايام أصيب بعدها القطاع بحالة الكساد الراهنة ليتراجع نولون النقل من (200) الف جنيه للطن الى (85) ألفا فقط.وفي هذه الحلقة وهي الثانية والاخيرة نواصل الغوص في هذه القضية في محاولة للخروج بسبل زوال الازمة.. ازمة الترهل التي تتجاوز شريحة ضحايا الشاحنات الى القطاع كله.تحقيق:بله علي عمردور القطاع في الدعم اللوجستيقطاع النقل هو الاداة النافذة عند اللجوء للنظم اللوجستية المعنية بتخطيط وتنفيذ ومراقبة التدفق والتخزين المثالي للبضائع وما يتعلق بها من خدمات بأقل تكلفة وخاصة في دولة مثل السودان حيث المساحة الشاسعة التي تبلغ (1) مليون ميل مربع تسكن غالبية اهله في مناطق فقيرة ووعرة تفتقر للطرق المسفلتة وخطوط السكك الحديدة، مما يحتم على الدولة ايجاد قطاع نقل مؤهل وقادر على تلبية متطلبات الخدمة في أي زمان ومكان وبالمواعين المتخصصة مع العمل على خفض تكلفة التشغيل اوأجرة النقل لاعطاء الصادرات السودانية ميزة تنافسية ويساهم في خفض الاسعار للمستهلك .ويضيف الدكتور محمد التجاني اختصاصي اقتصاديات النقل ان للدولة دورا محوريا في خلق الكوادر المؤهلة للعمل في قطاع النقل خاصة ان الدولة تدرك ان قطاع النقل هو احد الركائز الاساسية لمواجهة متطلبات تنامي الاقتصاد الوطني. وقد أدى غياب مراكز التدريب والمعاهد المتخصصة المواكبة لاحدث تقنيات قطاع النقل لتفويت فرصة التوظيف لعدد كبير من الشباب وذلك من خلال اضطرار العديد من الشركات لاستجلاب العمالة المدربة من الخارج ويمتد الحديث الى ضرورة تأهيل الطرق للمساعدة في تسريع دورة مواعين الشحن.. يأخذ بزمام الحديث عبد الرحيم النصري الامين العام لاتحاد غرف النقل ليقول ان حالة الترهل الراهنة والكساد الذي طال القطاع جراء فتح الباب امام الاستيراد دون استصحاب المشاكل الحقيقية يهدد القطاع ، مطالباً الدولة ببحث المعوقات الحقيقية مع الجهات ذات الصلة وفي تحديده للمعوقات قال النصري انها تتمثل في محاور اربعة أولها مستوى أداء الخدمة الذي يتأثر بحالة الطرق وحالة الشاحنة الفنية، سرعة دورتها ـ التأهيل والصيانة كفاءة العمالة والقيادة اضافة لمحور تكلفة النقل المتأثرة بتكلفة مدخلات التشغيل والميزات التشجيعية وسرعة دورة الشاحنة والرسوم المتعددة والجبايات اضافة لمحور نظم معلومات النقل وهي المعلومات الشاملة لمشغلي وسائل النقل عن حجم المنقولات، مواقعها، اتجاه حركتها على المستويين الداخلي والخارجي بالاسواق الرئيسية ومواقع الانتاج وبالموانيء البحرية والجوية بما يتيح للناقلين التخطيط الامثل لتقييم استخدام الاسطول.الافتقار للطرقوفي تقييمه لواقع شبكة الطرق الراهنة باعتبارها عنصرا رئيسيا ينعكس واقعها على قطاع النقل يقول المهندس عمر عبد الله ان البلاد تفتقر للطرق ذات المواصفات العالمية.. وان حالها الراهن (القطاع المرصوف) يؤثر سلبا على سلامة مواعين النقل لوجود المطبات والحفر وان معظم هذه الطرق لم تقم وفق رؤى علمية صحيحة مما يحتم توجيه مبالغ مالية ضخمة لتشييد طرق ذات كفاءة عالية ، اضافة لضرورة مراجعة الاداء بالموانيء البحرية بتوفير آليات المناولة المتخصصة ، والاسراع باجراءات التخليص الجمركي .ويضيف الدكتور التجاني ان التنسيق المحكم بين الجهات ذات الصلة لقطاع النقل له اثره الايجابي في استلام وتسليم البضائع.دعم الوحدة الوطنيةويرى طارق عبد القادر عضو المكتب التنفيذي لاتحاد غرف النقل ان ضعف الطاقات التخزينية ووجودها بالمواقع المكتظة داخل المدن والاحياء السكنية يؤدي لتعطيل عمل الشاحنات تضطر الشاحنة الواحدة لتفريغ حمولتها في اكثر من موقع بوسط المدن ،قائلا ان السبب في ذلك هو عدم استصحاب المخطط العمراني ، اهمية تخصيص مواقع مناسبة خارج المدن للمخازن المتخصصة ، وان تأتي طاقة استيعاب هذه المخازن عالية في ظل زيادة معدلات التدفق السلعي على البلاد. ويضيف طارق عبد القادر ان خدمات قطاع النقل تمتد لأقاصي البلاد حيث لا توجد الطرق المعبدة وحيث الطرق الوعرة والشرائح الفقيرة تمتد اليها مواعين النقل البري تنقل الغذاء والادوية ومقومات التنمية. وهذا يحتم على الدولة مراجعة التعديلات التي ادخلت على قانون الاستثمار لعام 1999م بعد اجازته وقد شملت التعديلات الغاء الميزات الجمركية على الاطارات التي تعتبر أهم المدخلات للتشغيل وهي الأعلى تكلفة والاكثر استهلاكا. كما جاء التعديل الثاني لسنة 2003م بالغاء اعادة التأهيل والتي تشمل في تفسيرها بالقانون (التعمير والتحديث والتوسع) علما ان اعادة التأهيل والتعمير تتم على فترات ادناها (3) سنوات وبتكلفة عالية تصل الى 30% من قيمة الشاحنة ويعني التأهيل بالنسبة للقطاع حماية وحفظ الاستثمار من الهلاك وانهيار الاصول والتدريب الداخلي للعمالة الوطنية ورفع قدراتها الفنية. كما ان العديد من الولايات تحجم عن تخصيص قطع اراض لمشروعات النقل والغلو في اسعارها اذا تم منحها وتخصيص مواقع تفتقر للخدمات الاساسية علما ان قطاع النقل له آثاره المباشرة في إعمار المدن واحداث نوع من الحراك الاجتماعي والتوظيفي.عودة الحياةوفقاً لرؤية الدكتور محمد التجاني فان الوضع الراهن يهدد بخطورة الموقف مما يتطلب اتخاذ تدابير عاجلة تتمثل في منح أصحاب الشاحنات فترة زمنية كافية قبيل البدء في انفاذ اتفاقيات التمويل واعادة النظر في الغاء إعادة التأهيل بالنسبة لقطاع النقل واعفاء مدخلات التشغيل بالقطاع عن الرسوم الجمركية وأي رسوم اخرى على أن تشمل هذه المدخلات (الإطارات، الاسبيرات، البطاريات، معدات الصيانة، عربات المتابعة خاصة ان هذا القطاع يدار عن بعد. كما تشمل الوصفة اصدار قرارات ناجزة تلزم الولايات والاجهزة الاخرى بالغاء الرسوم والجبايات المفروضة، على القطاع وتوجيه الاجهزة التنفيذية، عدم اعتراض مواعين النقل الضخمة بالطرق لتوقيفها بغية تحصيل الرسوم والجبايات وانفاذ قرار مجلس الوزراء الخاص بذلك مع العمل على اصدار قانون محاسبة الجهات غير الملتزمة بانفاذ توجيهات الوزير اضافة للعمل على تشجيع مشروعات المخازن الضخمة الواقع خارج الاحياء السكنية واقامة الموانيء البرية وتشجيع القطاع الخاص لاقامتها وانشاء معاهد التدريب المهني والتلمذة الصناعية لاستيعاب فواقد التعليم الاكاديمي وتخريج عمالة مؤهلة وقادرة على استيعاب التدريب الداخلي بورش الصيانات بالقطاع وتخفيض نسبة ضريبة ارباح الاعمال على القطاع اسوة بالقطاع الزراعي والتعويض الذي حظي به القطاع الصناعي عند الغاء اعادة التأهيل.رؤية وزارة الماليةالدكتور بابكر محمد توم رئيس اللجنة الاقتصادية بالمجلس الوطني امن على ضرورة اهتمام الدولة بقطاع النقل من خلال تجاوبها مع متطلبات نهضة القطاع ذلك لان نشاط هذا القطاع يمتد للارياف والمناطق ذات الطرق الوعرة. كما ان الدولة تدرك الأثر الايجابي للقطاع في القضية الاجتماعية من خلال استيعاب وتوظيف الآلاف من العمالة ، مضيفا ان الحديث عن أي اعفاءات يعوزه المنطق ولكن يمكن للقطاع ان يتقدم بمسوقات منطقية عن دوره في التكريس للوحدة الوطنية وتوفير السلع لأطراف السودان النائية مطالباً فيها بتخفيض الضرائب والرسوم وذلك قبل بداية وضع الميزانية وعندها يكون الأمر والقول لوزارة المالية والتي ستعمل ـ وفقا لرؤية رئيس اللجنة الاقتصادية بالمجلس الوطني ـ على منح اعتبار لهذه المسوقات وأمن على رؤية الدكتور بابكر قيادي بارز بوزارة المالية بعدم الافصاح عن هويته ان وزارة المالية تدرك اهمية تفعيل هذا القطاع من خلال مواقفها الرافضة للرسوم التي تتم جبايتها عبر الطرق ومن خلال الاسراع باجراءات تخليص مدخلات القطاع ومواعينه ومن خلال توفير التمويل بلا أي هامش للارباح.ü من المحرر:في الختام لابد من الإشارة الى ان التدفقات الاخيرة لأكثر من (4) آلاف شاحنة استوردها افراد بعيدا عن اجراء دراسات الجدوى جاءت بمردود سالب خاصة بعد فشل معظم الضحايا في الايفاء بالتزامات تجاه البنوك جراء الكساد الراهن الذي يعانيه القطاع وحتى لا تأتي التدفقات الاخيرة بمثابة الضربة القاضية للقطاع فلابد للدولة ان تولي الامر عنايتها خاصة في ظل الظروف الراهنة من وجود فجوات غذائية بغرب البلاد واعتماد اجزاء اخرى من الجنوب والشرق على تدفقات الغذاء القادم عبر برنامج الغذاء العالمي فان ذلك يتطلب ان يبقى هذا القطاع فاعلاً وفي أقصى درجات التأهب للقيام بدوره في الأمن الغذائي وأيضاً لتأدية دوره في مشاريع التنمية وذلك من خلال قيام الدولة بمعالجة التشوهات الناجمة عن القرارات الخاصة بادخال أي كميات من الشاحنات إبان تكدس الميناء وذلك بتوجيه البنوك منح المستوردين فترات كافية اضافة الى تخفيض الرسوم والضرائب على القطاع وتبقى الحلول طويلة المدى في إقامة طرق مطابقة للمواصفات اضافة لمراكز التدريب لتأهيل العاملين. وعورة الطرق وأهمية نقل الخدمات والسلع تحتم على الدولة الإهتمام بالقطاع

ليست هناك تعليقات: