الثلاثاء، 15 يوليو 2008

استيعاب الخريجين ... الانقلاب علي المعايير


تقرير: بله علي عمر
أسهمت مشكلة البطالة في تفاقم القضية الاجتماعية وزيادة نمو الفقر بصورة باتت تهدد السلام الاجتماعي بالبلاد. ورغم ان الفلسفة الحكومية ظلت تعمل على مراقبة الحراك الاجتماعي دون توجه للفعل الايجابي في مجال الحد من الفقر أو توظيف الشباب من الخريجين، إلا ان الحكومة قد انقلبت مؤخراً على فلسفتها الاولى، قد يكون ذلك خوفاً من أن تؤدي مآلات الفقر والبطالة الى تهديد للسلام الاجتماعي لا يبغي ولا يذر وربما جاء الانقلاب مجاراة للتوجه العالمي في الحد من الفقر والذي ربط بين حصول الدول على المنح والقروض ودرجة انفاذها لاستراتيجية الالفية في محاربة الفقر.أياً كانت الاسباب فقد جاء خيراً على اهل السودان من خلال برامج التوظيف منذ الموازنة الماضية 2005 والتي تضمنت خلق (13) ألف وظيفة تزايد عددها في ميزانية هذا العام 2006 لتبلغ (17) ألف وظيفة بالخدمة المدنية للولايات الشمالية والغربية والشرقية ووفقاً لرؤية لجنة الاختيار ان هذا التوجه في التوظيف متسقاً مع سياسة الدولة في تعزيز القدرات الولائية وتوفير الكوادر الكافية بما يتواءم مع متطلبات تنزيل السلطات والموارد الاضافية للولايات خلال هذا العام.توزيع الوظائف على الولايات وجد انتقاداً واسعاً لعدم التزام الجهات التي عملت على تقسيم الوظائف وفق المعايير المحددة التي وضعتها اللجنة الفنية العليا التي عمل على تكوينها وزير العمل والخدمة العامة وتنمية الموارد البشرية. وفي حديثه لي قال عبد الله بابكر من الهيئة البرلمانية لنواب الجزيرة بالمجلس الوطني إن تحديد عدد الوظائف مع ما يستصحب تلك المعايير خاصة المعيار الاول والرئيسي وهو عدد السكان فمثلاً ولاية الجزيرة يتجاوز عدد سكانها الثلاثة ملايين نسمة منحتها اللجنة 2000 وظيفة بينما منحت الولاية الشمالية والتي لا يتجاوز عدد سكانها نصف المليون نسمة عدد (1300) وظيفة وهنالك ولاية نهر النيل عدد سكانها (700) ألف مواطن منحت (1400) وظيفة وتلك قسمة ضيزى واختلال واضح وبين في توزيع فرص العمل وولاية اخرى مثل ولاية غرب دارفور وهي من ناحية عدد السكان تتفوق على نهر النيل والشمالية معاً وهي أبعد منهما عن المركز ورغم ذلك فقد خصصت للولاية (900) وظيفة.حدثني مزمل ابراهيم دياب وهو اداري سابق وقانوني ضليع ان تقسيم عدد الوظائف وفق الجدول الصادر عن لجنة الاختيار جاء مختلاً فمثلاً ولاية سنار التي يفوق عدد سكانها المليون نسمة منحت (1000) وظيفة فقط وذلك رقم دون استحقاقها مقارنة بالشمالية وكذلك ولاية النيل الابيض يفوق عدد قاطنيها (2.1) ورغم ذلك منحت (1000) وظيفة فقط. غير ان التوزيع لم يأتِ بأمر جديد وفقاً لرؤية محمد ابراهيم على التي وقفت عليها والتي تمضي للقول إن إلتحاق ابناء اقليم واحد بالوظائف يتجاوز النسبة المخصصة للولايات الى الوظائف المتاحة بالخرطوم. وذلك استنتاج خرجت به رانية عمر احمد وهي من شباب الخريجين الذين باتوا لا يولون مسألة التوظيف ادنى اهتمام رغم حاجتهم له..دكتور محمد التجاني اقتصادي اكد لي انه فوجيء بجدول الوظائف المتاحة للولايات قائلاً (كنا نأمل على عهد حكومة الوحدة الوطنية ان تعمل على علاج اسباب الغبن الناجم عن عدم عدالة التوزيع التام من الموارد بالتساوي ولكن فوجئنا ان القائمين على توزيع الوظائف مضوا على ذات الدرب الذي اورد البلاد ما وصلت إليه. واضاف دكتور عمر ان المطلوب العمل على إعادة تقسيم الوظائف بصورة تستصحب المعايير التي وضعتها اللجنة بدقة.وقبل طي التقرير نشير الى حديث وزير الدولة بوزارة العمل امام الملتقى التفاكري للمجالس الاستشارية الذي نظمته لجنة الاختيار تحت شعار (نحو منهجية علمية للاختيار) والذي تحدث فيه عن الشفافية وعدالة التوزيع واداء القسم من قبل اللجان وهو حديث يتطلب تجسيده على أرض الواقع بإعادة النظر في نسب التوزيع بسبب اختلالها الواضح.

ليست هناك تعليقات: