الأحد، 24 يناير 2010

الاستثمارات العربية في السودان

عندما أرادت المملكة العربية السعودية تحديث اسطول طائراتها المدنية تنافست على الصفقة شركات عدة، لكن أوار المنافسة احتدم بين بين شركتي «ايربص» الفرنسية و«بوينغ» الأميركية.
قيمة الصفقة بلعت أربعة مليارات دولار،ما ادي لتدخَّل الرئيس الأميركي يومها بيل كلينتون. وأسهم في فوز الشركة الأميركية بصفقة الطائرات السعودية و في حرب تحرير الكويت، كانت قطاعات واسعة من الشعب الكويتي تعتقد بما يشبه اليقين أن «الدينار الكويتي» هو أساس في تحرير الكويت.

صانعو القرار السياسي لا شك أنهم أول من أدرك خطورة الاقتصاد فحاولوا بشتى الطرق دعم الاقتصاد فكان الاستثمار أحد المفاتيح المهمة في ذلك، فالاستثماربأنواعها الثلاثة، الكلي اوالاجمالي ( وهوعبارة عن كل ما ينفق في زيادة الأصول التي تستخدم في عمليات الانتاج في المجتمع)، والاستثمار الصافي ( وهوعبارة عن الانفاق لاستحداث أصول جديدة في المجتمع تستخدم في عمليات الانتاج)، ثالثها الاستثمار الإحلالي وهو الانفاق للحصول على أصول انتاجية جديدة لتحل محل أصول انتاجية قائمة في المجتمع استهلكت وأصبح استبدالها ضرورياً

لقد أسهمت الاستثمارات مساهمة مباشرة في انعاش الاقتصاد السوداني خاصة في مجال التنقيب واستخراج البترول، اذ قارب حجم الاستثمارات في هذا القطاع ن ستة مليارات دولار، وهو ما صنَّفه البعض أنه أكبر استثمار في البلاد منذ الاستقلال.
كما أدت السياسات الاقتصادية المالية والنقدية والاصلاحات المؤسسية التي تبنتها الدولة في الفترة الأخيرة إلى تحسين الأوضاع الاقتصادية، وتحقيق معدلات نمو اقتصادي ايجابي، الأمر الذي هيأ بيئة ومناخاً لجذب الاستثمارات الخارجية التي قطع السودان شوطاً كبيراً في جلبها وتحفيز القطاع الخاص المحلي والعربي..
عبد الرحمن العطية الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي توقع أن يتراوح حجم الاستثمارات العربية في السودان بين ثلاثة و أربعة مليارات دولار، مبيناً أن أعرق الاستثمارات العربية في السودان هي الهيئة العربية للإستثمار والإنماء الزراعي التي يتمثّل نشاطها في الانتاج الزراعي والحيواني وتشترك في رأسمالها (19) دولة عربية، براسمال يصل (500) مليون دولار، بلغ المدفوع من هذا المبلغ حتى نهاية عام 2004م نحو ( 100) مليون دولار(334) الف دولار، وبلغ اجمالي أصول الهيئة حتى نهاية 2004م نحو (211) مليون دولار، وبلغت نسبة استثماراتها حوالى (71%) في السودان (29%) في بقية الدول الأعضاء.
الامين العام لمجلس الاقتصاد بالجامعة العربيةاحمد الجويلى اكد ان السودان يمثل احد الاضلاع المهمة لهذه المنطقة وانه كان وسيظل سلة الغذاء للعالم العربى واشار الجويلى فى مؤتمرالقاهرة الذى ناقش قضايا الاستثمار فى السودان الى زيادة حجم الاستثمارات التى حظيت بها المنطقة العربية من (45,8) مليار فى عام 2005م الى (62,8) مليار دولار فى 2007م .
ويعد مشروع سكر كنانة نموذجاً للمشروعات الاستثمارية الناجحة في السودان، وقد قامت بتنفيذه شركة مساهمة بين حكومة السودان ودولتي الكويت والامارات العربية، ويعتبر سد مروي أحد أكبر السدود المائية في المنطقة العربية والأفريقية لانتاج الكهرباء وتصل تكلفته إلى مليار و(800) مليون دولار أميركي، وموَّل السد من الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي بحوالى (250) مليون دولار، والصندوق السعودي (300) مليون دولار، وصندوق ابوظبي (150) مليون دولار، والصندوق الكويتي (100) مليون دولار وسلطنة عمان (106) ملايين دولار، وما تبقى تمويل أجنبي وحكومة السودان
في المجال المصرفي يمثل الاستثمار العربي أحد الركائز الأساسية للتنمية بالبلاد اذ بلغت جملة الأموال المستثمرة في المجال المصرفي خلال الفترة من 2005-2008 أكثر من مليار دولار، تتمثّل في استثمارات مصرف السلام الاماراتي السوداني وبيت المال الكويتي. وأكد تقرير صدر مؤخرا من وزارة الاستثمار أن الأموال الخليجية التي تدفقت في هذا القطاع بلغت نحو (500) مليون دولار، الى جانب استثمارات في قطاعات اخرى (كنانة وسكر النيل الابيض). وأكد للصحيفة احد الخبراء مفضلا حجب اسمه أن الحكومة أبرمت أخيراً صفقة مع إحدى الشركات الكويتية لشراء (51%) من حصة شركة هجليج للخدمات البترولية والاستثمارية، اضافة إلى (60%) من حصة الشركة السودانية للنقل النهري في صفقة بلغت قيمتها (75) مليون دولار. وتشير الاحصاءات أن الاستثمارات الخليجية بلغت أكثر من مليارين و(670) مليون دولار.

سلمان سليمان الصافى وزير الدولة بالاستثمار قال ان لدى السودان امكانيات ضخمة ومتنوعة وجاذبة للراس المال العربى والاجنبى كما تتمتع البلاد بثروات متعددة بالاضافة الى الاصلاحات التى اقدمت عليها الحكومة والتى تضمن لاصحاب روؤس الاموال الامن الكامل.
وزارة الاستثمار وفي اخر تقاريرها الدورية كشفت عن حجم الاستثمار الاجنبى فى النصف الاول من 2009م الذي بلغ (2805) مليون دولار بنسة زيادة 70% عن العام الماضى فيما بلغت الاستثمارات فى قطاع الخدمات الاقتصادية (1,577) مليون دولار بزيادة 85% والقطاع الزراعى (545) مليون دولار بنسبة زيادة 99% .
وبلغ عدد الاستثمارات المصدقة خلال النصف الاول من نفس العام وفقا لواقع دراسة جدوى مستثمرين من وزارة الاستثمار وصل عدد الاستثمارات العربية فى السودان فى القطاع الصناعى (429) مشروعا براس مال بلغ (50,354,589) مليون دولار وفى القطاع الخدمى بلغت (474) مشروعا بتكلفة (78,086,169)مليون دولار حوالى 043) مشروعا فى القطاع الزراعى .
تدفقات الاستثمارات الاماراتية المباشرة نحو السودان بلغت (1.3) مليار دولارخلال الفترة من 2000 الى 2005م، ووصلت بنهاية 2006م الى ملياري دولار،.في اعقاب توقيع جملة من الاتفاقيات بين البلدين مثل اتفاقية تجنيب الإزدواج الضريبي على الدخل واتفاقية حماية انتقال رؤوس الأموال،.
دولة الكويت هي الاخري أسهمت في قيام مشاريع استثمارية وتبرزالشركة السودانية الكويتية للاستثمار، والشركة السودانية الكويتية للفنادق مؤكدتان علي وجود الاستثمار الكويتي ، اضافة الى ان قروض البنك التجاري الكويتي لبنك السودان التي بلغت في مجملها (350) مليون دولار.وخلال الفترة 2000-2005م بلغت استثمارات الكويت في القطاع الخدمي (13) مشروعاً والقطاع الصناعي مشروعاً واحداً، بجانب استثمارات شركة (ان.تي.سي) الكويتية في مجال الاتصالات التي بلغت ملياراً و(400) مليون دولار.
الاستثمارات السعودية بلغت في القطاع الخدمي (152) مشروعاً والصناعي (85) والزراعي (13) مشروعاً، بحجم استمثار تراوح (574-681) مليون دولار، ويشكل ذلك نحو (16.1%) من اجمالي التدفقات الأجنبية الواردة للدول العربية للعام 2003م. فيما بلغت جملة المساحات المصدَّقة للاستثمار بالقطاع الزراعي لعام 2003- 2004م حوالى (2،2) مليون فدان، نفذ منها (118) ألف فدان
ويستقبل السودان في هذه الفترة حوالي (861) مليون دولار من الاستثمارات العربية في العام غير أن الهيئة العربية للاستثمار والإنماء الزراعي، تؤكد أن السودان بحاجة ماسة لنهضة زراعية شاملة عبر عناصر محفزة للاستثمار الزراعي، وذكرت الهيئة أن حجم استثماراتها بالسودان بلغت نحو (276) مليون دولار، تشكل (7.4%) من اجمالي استثماراتها الآن. .
بروفيسور على عبد الله علي تحدث للصحافة قائلا ان الاستثمارات دائماً لديها اسبقياتها، مشدداً على وضع خطة واضحة المعالم لتضع من خلالها الاسبقيات للتدفقات التي تأتي من الخارج، إضافة لعمل خارطة استثمارية في اطار العمل لأن عدم تحديد اسبقيات يعني ستنفذ اسبقيات المستثمر القادم من الخارج. ويواصل بروفيسور علي حديثه فيقول قد لا تتفق اسبقيات المستثمر في عدم وجود خارطة مع احتياجات السودان والسؤال هنا.. هل السودان بحاجة الى المباني والعمارات أم أنه محتاج الى تحريك وتمويل البنيات الأساسية مثل الكهرباء والسكك الحديد والطرق لأن أهمية انجاز البنيات الأساسية سوف يساعد في توسع العملية الاستثمارية الى مناطق اخرى؟ مؤكداً أن مساهمة الدول العربية ضعيف في هذه القطاعات، مشدداً على أن البنيات الأساسية غير مكتملة لذلك لا نستطيع أن نستقطب المستثمر الأجنبي ولا السوداني، مشيراً الى ان مناطق الانتاج غير مرتبطة بالاستهلاك. وشدد بروفيسور عبدالله على أن وزارة الاستثمار يجب أن تقوم بمتابعة تنفيذ الاستثمارات في الواقع لأن حجم الاستثمارات المعروفة في الوقت الحالي عبارة عن التكلفة المقدَّرة في دراسات الجدوى، منوهاً إلى أنه لا بد أن تتفاعل الأجهزة الاقتصادية مع هذا الموضوع.
إلا أن بعض الخبراء الاقتصاديين أكدوا أن الانفتاح الاستثماري على البلاد خلق أشكالاً وفرصاً استثمارية متنوعة وخير مثال لذلك مشروع منطقة المقرن التجارية السكنية البالغ تكلفتها (4) مليارات دولار والذي تقف وراءه شركة السنط للتنمية المحدودة وصندوق التأمينات الاجتماعية مع ولاية الخرطوم. والمعروف ان هذا المشروع يهدف لانشاء منطقة تجارية مركزية في المرحلة الأولى، ومنطقة سكنية في مرحلة ثانية تستهدف (170) ألف نسمة، كما يحتوي المشروع على أبراج وبنوك وفنادق، وبدأ تنفيذ أربعة فنادق وعدد من الميادين الرياضية هذا المشروع يعد نقلة نوعية في قطاع البناء العمراني.
عبد الرحيم حمدي وزير المالية السابق أكد (للصحافة ) أن الاستثمارات العربية بدأت منذ الستينيات في قطاعات الزراعة المتمثلة في المشاريع الكبيرة والصناعة والنقل والعقار، مبيناً أنه منذ منتصف السبعينيات إلى منتصف الثمانينيات تدفَّق نشاط المؤسسات الرسمية وتميَّزت هذه الفترة بتدهور العملة السودانية وضعف القوانين المنظمة للقطاع الخاص، مشيراً إلى عقلية التأميم والمصادرة (اشتراكية فاشية في أجهزة الدولة)، ولهذا لم تسجل الاستثمارات العربية مساحات كبيرة إلا أنه ذكر في أوائل التسعينيات جاء قانون الاستثمار برؤية مؤيدة للقطاع الخاص، وبدأت تظهر بنص الجهود لإعادة الاستثمارات العربية خاصة بعد أن ركَّزت الحكومة في الاقتصاد وكبح جماح التضخم والسيطرة على سعر الصرف، اضافة الى تطبيع العلاقة مع المؤسسات العربية، مما فتح الباب أمام الاستثمار الخاص والعربي إلا أنه ظهرت بعض المعوقات تمثلت في القوانين الأساسية وهي عدم وجود السياسات الصحيحة والسياسات التحكمية بجانب سيطرة القطاع العام، إضافة إلى الجبايات والرسوم. ونفى حمدي أن يكون السودان هو الدولة الأولى في العالم العربي جذباً للاستثمار ولا حتى في أفريقيا، لكنه يمثل مكانة متقدمة قياساً بوضعه السياسي، مشيراً الى ان الاستثمارات العربية بلغت أخيراً اكثر من (5) مليارات دولار.
وأكد تقرير الاستثمار أن مساهمة الاستثمارات العربية في القطاع الصناعي بلغت نسبة (38%) من اجمالي الاستثمارات والقطاع الخدمي (26%) والأجنبية في القطاع الصناعي بلغت (15%)، والقطاع الخدمي (21%) من الاجمالي.
يلاحظ من خلال البيانات أعلاه أن نسبة مساهمة الاستثمارات العربية في القطاع الخدمي والصناعي أكبر من مساهمة الاستثمارات الأجنبية، وقد شكَّلت الاستثمارات السعودية أكبر نسبة مساهمة من بين الدول حين بلغت اكثر من (32) مليار دينار بنسبة (33%) من اجمالي رأس المال المستثمر من القطاعين.
وأوضحت التقارير الواردة من بنك السودان في ما يختص بميزان المدفوعات أن تدفقات الاستثمار في السودان أحدثت أثراً كبيراً من حيث زيادة الصادرات والتدفقات - القروض- الخارجية في السنوات الحرجة خاصة تلك المتصلة بتمويل مشروع سد مروي، باعتباره أكبر مشروع انمائي في السودان بعد مشاريع البترول ونتيجة لذلك شهد ميزان المدفوعات تحسناً حيث نتج فائض أدى إلى زيادة مضطردة في احتياطي البلاد من العملة الصعبة وصلت الى (1.754) مليون دولار.
السؤال الذي يفرض نفسه هنا لماذا تأخر تدفق الاستثمارات العربية سيما الخليجية الى السودان؟ بعض الخبراء الاقتصاديين يؤكدون أن الاستقرار السياسي وتحسن علاقات الدولة مع نظيراتها ذات أثر مباشر على مدى تدفق الرساميل المستثمرة لان (رأس المال جبان).كما لا يجب اغفال أن القوانين الاستثمارية المشجعة واستقرار السياسات العامة والنقدية في ذلك القطاع لها أثر واضح في جلب الاستثمارات وتوطينها.

ليست هناك تعليقات: