الخميس، 21 أغسطس 2008

الخبراء يطالبون باستحداث جهاز استشعار لمواجهة تصاعد الاسعار


انفلات في اسعار السلع الضرورية والحكومة تتفرج !
الخبراء يطالبون استحداث جهاز للاستشعار يحدد كيفية تدخل الدولة

تحقيق : بله علي عمر
اجتاحت البلاد منذ بداية النصف الثاني من العام الجاري حالة من الغلاء شملت كافة السلع الضرورية بداية بالذرة التي قفزت اسعارها لتتراوح اسعار (100-110) جنيها للعينة فتريتة فيما بلغت اسعار العينة الاكثر جودة مثل طابت ووداحمد لتتراوح اسعارها بين (200-210) جنيها للجوال الواحد وطالت الزيادة سلعا استراتيجية اخري فزيت الطعام يبلغ سعر الجركانة زنة (36) (85) جنيها بدلا عن (55 ) و بينما كان سعر جوال السكر (95) جنيها فقد ارتفع الي (110) وبلغ سعر الدقيق زنة (10)كيلو (19) جنيها بدلا عن (12) جنيه اما كيس لبن البدرة زنة (2.5) كيلو فقد وصل الي (50) جنيها واذا كان (90%) ولتقريب الصورة لدي المتلقي فان المواطن الذي يحصل علي احتياجاته من من تجار القطاعي واصحاب (الكناتين ) بالاحياء فان عليه شراء رطل الزيت مقابل (3) جنيهات بزادة جنيه بنسبة زيادة بلغت (33%) وبالنسبة للعدس فبينما كان سعر الكيلو (2) جنيه ليرتفع الي (7,5) جنيهات و بانسبة للبن البدرة فقد ارتفع الرطل من (6) جنيهات الي (12) جنيها بنسبة زيادة بلغت (100%) . الزيادة وحالة الغلاء الفاحش كانت قد طالت قطاع الانشاءات فبينما كان سعر طن الاسمنت قبل موجة الغلاء في حدود (480) جنيها فقد بلغ فقد استقر سعره عند (640) بعد ان فتحت ابواب الاستيراد من كل انحاء العالم استقر طن السخ عند ( 400) بينما كانت اسعاؤه في حدود (180) جنيها .
تباينت اسباب هذه الموجات من الزيادات عند الخبراء فبينما ربط بعضهم الزيادات بارتفاع اسعار السلع في الاسواق العالمية ذهب بعضهم الي انه ورغم الزيادات العالمية في اسعار السلع فان تجاهل الدولة للمشكل وترك امر الاسعار لحركة العرض والطلب شجع التجار والمضاربين علي الغلو في زيادة الاسعار خاصة ان الكثير من الدول التي تنتهج التحرير عمدت الي تكوين لجان فنية درست السوق ووقفت علي اسعار التكاليف وتقدمت بتقاريرها للاجهزة التنفيذية بهذه الدول لتقوم الحكومات بضخ السلع ثم تحديد اسعارها .
تصاعد نسبة التضخم وزيادة الاسعار ياتيان في وقت تبشر فيه الدولة بكبح الفقر وهو توجه يتطلب في حده الادني وقف التضخم واتخاذ التدابير التي تمنع تصاعد اسعار الحبوي الغذائية والسلع الاستراتيجية
قلت للخبير الاقتصادي ووزير المالية السابق عبدالريحم حمدي ان الاسعار باتت تتصاعد في وقت وقفت فيه الحكومة علي مقعد المتفرج فكيف يتجاوز الفقراء غول الاسعار ؟ فاجبني : ( ان تحديد الاسعار وفق القرارات الادارية سيكون خطيرا جدا ويجب ان يكون ذلك وفق نهج علمي يتم عبر استحداث زراع فني يقوم بمسح السوق لمعرفة موقف انسياب السلع والالمام بالاسعار والتكاليف علي ان ترفع هذه اللجنة او الزراع تقريرا الي فريق من وزارة التجارة وبنك السودان ووزارة المالية لدراسة الامر والوقوف عند اسباب تصاعد الاسعار فان كان السبب هو عجز المعروض عن تلبية الطلب تتم التدابير بزيادة الكميات من السلعة حتي يكون هنالك توازنا بين العرض والطلب , اما اذا كانت زيادة السعر ناجمة عن ارتفاع اسعار السوق العالمي فيتوجب علي الدولة ازالة كل الرسوم والضرائب والجبايات عن تلك السلعة مع توفير الدعم لبعض الشرائح مثل طلاب الداخليات ونزلاء المستشفيات والسجون . واكبر مهددات حراك السوق وفقا لعبدالرحيم حمدي هو اللجوء لتحديد الاسعار وفق النهج الاداري لان نتيجة ذلك التوجه هو دخول السلع للسوق الاسود ونتيجة ذلك عجز الفقراء عن الحصول علي السلع الضرورية واختتم حمدي حديثه قائلا : (ومن أجل معالجة هذا الارتفاع في الاسعار يجب تفعيل المكون المحلي للعرض بحيث يكون مرتفعاً ويكون مسؤولاً عن تغطية الطلب الكلي، خاصة ان مقومات توفير الغذاء من الانتاج الوطني متوفرة )
البروفيسور ابراهيم محمد احمد المستشار بوزارة الرعاية الاجتماعية وشئون المراة والطفل يري ان السبب يتمثل في زيادة اسعار القمح ومجمل المواد الغذائية بيد ان بروفيسور ابراهيم عاد للقول ان لزيادة الاسعار لبعض السع اساب محلية تتمثل في ان الموسم الزراعي السابق شهد ضعفا في الانتاج لبعض السلع كالحبوب الزيتية , كما ان السياسات المالية للدولة والتي ادت لزيادة القيمة المضافة من (12%-15%) بنسبة مئوية بلغت (25%) وقعت علي المستهلك واثقلت كاهله ودحض المستشار بالرعاية الاجتماعية ادعاءات واضعي السياسات المالية والتي ظلوا يؤكدون فيها عدم تاثير زيادة القيمة المضافة علي اسعار السلع بدليل اثارها الراهنة المتمثلة في زياداة الاسعار والتي انعكست علي المستهلكين والمنتجين ومقدمي الخدمات بسبب تباطوء الطلب وتقليل دوران السلع وبالتالي التاثير السالب علي الارباح ومجمل الحراك الاقتصادي وسيتد الاثر الي تراجع الايرادات حتي تكيف المستهلكين مع هذه الزيادات
وحول الاتهام الذي يوجهه الخبراء للحكومة بتجاهل خلق جهاز يعني بضبط الاسعار ومراقبتها يري بروفيسور ابراهيم ان اقتصاد السوق لا يتطلب قيام الدولة بخلق مثل هذه الازرع وانما يترك الامر للسوق في ظل المنافسة الحرة غير ان هذه المنافسة هذه الايام لا تتجاوز طيات كتب الاقتصاد وبرزت قناعات بان الاقتصاد الحر وحتي لا يتحول الي فوضي يتطلب حكومة قوية تضع سياسات سعرية سليمة وتضبط تفلت الجشعين والطارئين علي السوق كما انه يحتاج الي قطاع خاص مسئول اجتماعيا يضع ما يسمي بمدونات السلوك ويضبط سلوك عضويته ويستبعد الجشعين والذين لا يلتزمون باخلاقيات المهنة كما يحتاج الاقتصاد الحر لراي عام قوي ورادع ومظمات مجتمع مدني وصحافة قادرة علي كبح المتفلتين والذين يغالون في وضع الارباح وقبل هذه وتلك فان الاقتصاد الحر يحتاج الي حكومة تملك قاعدة معلوماتية تضخ كافة المعلومات عن المعاملات والنشاط الاقتصادي والتجاري بحيث يتم جبر هوامش الارباح الزائدة لمنع اي غلو في الاسعار .

قلت للدكتور محمد التجاني الخبير الاقتصادي ان الدولة تتحدث عن مناهضة الفقر فهل الزيدات التي شهدتها السلع تساعد في تحقيق اهداف الالفية ؟ وما هو اثر مثل هذه الزيادات علي اجتثاث الفقر؟ فاجابني ان الاستقرار الاقتصادي وكبح التضخم هو المدخل الرئيس لاتخاذ اية تدابير لمصلحة الفقراء كما ان اية زيادات في الاسعر والتي تصاحبها ارتفاع في نسبة التضخم يعتبر وأد لاي توجه يستهدف الفقر الا اذا اضطر الفقراء الي تقليل استهلاكهم وهذا يعني تراجع نسبة الحد الادني من الرفاهية التي وصلت اليها بعضهم اما الذين يعيشون الفقر المدقع فان ارتفاع الاسعار قد يخرجهم نهائيا من تناول الضروريات مما يعني المزيد من
طرحت الامر علي الدكتور محمد احمد علي دنقل الخبير الاقتصادي الذي عزا زيادة الاسعار الي تجاهل اقامة الاجهزة التنظيمية المعنية بضبط حركة الاسعار في ظل التحرير الاقتصادي ماضيا : اذا كانت مثل هذه الاجهزة فاعلة في الدول المتقدمة مثل اميركا وبريطانيا فانها هدفت لمواجهة اي انفلات كالذي يعانيه الاقتصاد السوداني هذه الايام مستصحا لتجربة الهند التي اقامت هيئة قومية للتكاليف والاسعار تعمل باستقلالية تامة عن اجهزة الدولة الاخري ويراسها عادة اكاديمي متميزيؤدي القسم امام رئيس الجمهورية قبل توليه مسئولية الهيئة ومهمة هذه الهيئة التدقيق في تكاليف واسعار المنتجات زراعية وصناعية وخدمية وتستفيد الهيئة من مؤشرات الاداء الاقتصادي ضمن تنفيذ مخطط التنمية المنجزة بالبلاد والتي تحتوي حركة الاستثمارات خاصة فيما يتعلق بتضييق الشقة بين الريف والحضر.
ويصف الدكتور دنقل ما يشهده السوق المحلي من غلو في الاسعار بانه فوضي امتدت اثارها علي المستهلكين خاصة وقد طالت هذه الفوضي السلع الضرورية مثل السكن والملبس والغذاء ومنصرفا خدمات التعليم والصحة علما ان الاخيرة كانت تقدم مجانا في السابق , اما واجب الدولة فكان حري بها ان تقوم بقراءة سليمة لانعكاسات سياساتها حتي يحس المواطن ويقتنع بانها تعمل لاجله , بيد ان ترك الامور بلا ضابط وتنظيم يزيد من مرارات المستهلكين علي جميع المستويات ويساهم في زيادة معدلات الهجرة من الريف للمدن ومن البلاد للخارج وفي ختام افادته اتفق الدكتور دنقل مع الذين سبقوه من ان التحرير لا يعني ان تقف الدولة دون اداء مسئولياتها في الرقابة وضبط السلع .
استاذ جامعي التقيته في ورشة وزارة المالية التي عقدتها بقاعة الشهيد الزبير حول تنمية الموارد القومية غير البترولية طلب عدم ذكر اسمه حدثني قائلا ( ارتفاع الاسعار وحالة الغلو الراهنة سببها السياسات الكلية التي تجاهلت تنمية الموارد القومية واعتمدت علي النفط والجبايات واخرها زيادة لقيمة المضافة التي اشعلت حريق السوق الراهن والذي يهدد بالسلام الاجتماعي واتهم الاستاذ الجامعي وزارة المالية والادارة العامة للسياسات الاقتصادية الكلية وقال انها فشلت في تنمية القطاعات الانتاجية مثل قطاع الزراعة والصناعة وقال الدكتور محمد التجاني الحاج – اقتصادي – ان حالة زيادة رسم القيمة المضافة هي السبب المباشر للزيادات مطالبا الكف عن الالتفاف حول الاسباب الرئيسة لزيادة الاسعار مطالبا القائمين علي السياسات الاقتصادية الكلية استصحاب توصيات العلماء والخبراء الخاصة بتنمية الموارد القومية خاصة تلك القطاعات التقليدية التي لها اثارها المباشرة علي النسيج الاجتماعي مثل القطاع الزراعي بشقيه الحيواني والنباتي مع ضرورة خفض الرسوم الجمركية للعديد من السلع الاستراتيجية واختتم دكتور محمد التجاني افادته بضرورة قيام زراع رسمي يعني بضبط الاسعار خاصة ان ذلك التوجه لا يتعارض مع حرية السوق
الدكتور التجاني الطيب ابراهيم الخبير بصندوق النقط الدولي فقد قدم في ندوة اقامتها الجمعية السودانية للامم المتحد بقاعة الشارقة مؤخرا خارطة طريق تتمكن البلاد عبرها من تجاوز مخاطر المجاعات وتتمثل محاور الخارطة في وضع تشريعات للاسعار ومنع الاحتكار ودعم الغذاء بصورة تضمن وصول الدعم للشرائح المستهدفة ومنح مساعدات عينية خارج الرواتب للعمال كما تتضمن رؤيته معالجات اسعافية تتمثل في ازالة الرسوم الجمركية عن عن الجبوب الغذائية واعطاء حوافز للمنتجين وتخفيض الضرائب علي القطاع الزراعي وادخال نظام التغذية المدرسية واصدار قوائم استرشادية بواسطة تجار الحبوب كمؤشر للاسعار وفي المدي المتوسط اوصي الدكتور التجاني باقامة شبكات الحماية الاجتماعية التي تستهدف الفقراء , الغاء الاعفاءات الجمركية التي تفقد الدولة 6% من موارد الناتج الاجمالي في العام وازالة معيقات الانتاج الزراعي ورفع قدراته التنافسية ودعم مدخلاته ونشر الوعي الاستهلاكي ووضع برامج علمية للنهوض بالاقتصاد وتوجيه عائدات النفط لتنويع الصادرات الوطنية وحذر الخبير الدولي من تنامي التوجه الراهن الخاص باستقطاب الاستثمار الاجنبي لتحقيق الامن الغذائي مؤكدا خطورة مثل هذا التوجه لانه يرهن ارادة امة وامنها الغذائي للجهات اجنبية غض الطرف عن امنتمائها وجنسياتها

ليست هناك تعليقات: