الثلاثاء، 12 أغسطس 2008

السودان .... المتاريس ليست كافية لسد الطريق امام الجوع


تحقييق: بله علي عمر
شهدت اسواق المحاصيل بالعاصمة والولايات الايام الماضية ارتفاعا كبيرا في اسعار الذرة والحبوب الغذائية الاخري شملت القمح والدخن ففي القضارف حيث اكبر صوامع الغلاب بالبلاد بلغ سعر الجوال من عينتي طابت وود احمد (210) جنيه فيما تجاوز سعر الجوال من العينة الفتريتة (108) جنبيها للجوال وفي ولاية الجزيرة بلغ سعر الجوال من العينات المذكورة اولا (200) فيما بلغ جوال الذرة من الصنف فتريتة (105) جنيها للجوال ومن نيالا وافانا مراسل الصحيفة عبدالرحمن ابراهيم امس بان سعر جوال الدخن (200) جنبه في وقت خفض فيه برنامج الاغذاء العالمي حصصه الاسبوعية للاسر بنسبة قد تصل الي (50%) كما شهدت اسواق القمح ندرة في الاسوق بمنطقة نيالابسبب تدهور العلاقات السودانية التشادية خاصة ان تشاد ظلت معبرا لشحنات القمح الي دارفور
موقف الحبوب الغذائية بالبلاد يتطلب الحذر خاصة في ظل بروز مؤشرات بفشل الموسم الزراعي في القطاع المطري بعد مضي مواقيت الامطار اما في القطاع المروي فلم تكن الصورة باحسن حال بعد التقارير الواردة من مشروع حلفا الزراعي حيث حذر اتحاد مزارعي مؤسسة حلفا الزراعية من ان عدم قفل الخزان يهدد باخراج اكثر من (200000) فدان من دائرة الانتاج في وقت اكدت فيه سلطات الري انها اضطرت لعدم التخزين نتيجة مخاطر التخزين علي جسم السد في ظل تراكم الاطماء مما دفع الحكومة الي ايفاد المهندس عبدالرحيم علي حمد وزير الدولة بالزراعة والمهندس عبدالجبار حسين الي حلفا الجديدة لازالة معيقات الموسم الزراعي بالمشروع
في مشروع الجزيرة ورغم محدودية المساحات المزروعة ذرة فان هنالك مخاوف عدم توفير الكميات المطلوبة من المياه وفيما يذهب محمد ابراهيم الحاج بقسم المكاشفي الي ان محصول الذرة ظل يعتمد بنسبة عالية علي مياه الامطار التي تراجعت معدلاتها هذا الموسم مما بذر المخاوف وسط المزارعين من ان يتعرض المحصول للعطش بيد ان جمال دفع الله القيادي البارز باتحاد مزارعي الجزيرة والمناقل رسم صورة ايجابية للاوضاع هناك و اكد (للصحافة ) ان جملة المساحات المزروعة ذرة هذا العام قد بلغت (500) الف فدان رغم ان الخطة لهذا العام تضمنت استزراع (400) فدان ولكن في ظل تصاعد مشاكل الغذاء ارتفعت المساحة الي (500) بناء علي رغبة المزارعين خاصة ان المزارع بات يلجا لشراء الذرة مقابل (200) علما انه باع ذات المحصول بقيمة لا تتجاوز ربع السعر الحالي وجميع المساحات تلقت حصتها الاولي من الري والمزارعين الان في مرحلة الكديب وبانتظار وصول السماد للتفاتيش علما ان الزراعة قد بدات منذ 15-6-2008 في كل اقسام المشروع ووصف دفع الله مرحلة انبات المحصول بالممتازة وتشجع بانتاجية عالية خاصة ان الموسم يشهد تطبيق مبيدات حشائش الذرة بمساحات معتبرة بالمشروع اضافة لاستخدام الزراعات الالية التي جاء استخدامها في اطار تطبيق برنامج التقانة بالمشروع . وحول العروة الشتوية فان مجلس ادارة المشروع خطة يتم بموجبها استزراع (400) الف فدان قمحا وقد تم توفير التقوي ووصلت لمحطة اكثار بذور الجزيرة ويدور حوار بالمشروع لزيادة المساحات لتصل (500) الف فدان )
الدكتورمصطفي ابراهيم الحاج خبير زراعي يري ان استزراع مليون فدان بمشروع الجزيرة ذرة وقمح يمكنها ان تنتج ما جملته مليون طن في احسن الاحول باعتبار ان الفدان ينتج في المتوسط (13) جوالا وبالنسبة القمح فان المتوسط خلال الخمس اعوام الماضية يؤكد امكانية انتاج نصف مليون طن من القمح علما ان حاجة البلاد تتجاوز (2) مليون طن من القمح ظلت البلاد تستوردها نسبتها الاعلي من خارج البلاد وحول محدودية المساحات المزروعة ذرة وقمح قال الحاج انه لا يمكن توفير الري لاكثر من (500) الف فدان في العروة الشتوية .
في ولاية سنار التي تعتبر من الولايات المساهمة في انتاج الحبوب في القطاعين المطري والمروي يري عباس الدراش من قيادات المزارعين ان موقف الموسم الزراعي بالقطاع المروي بالولاية يبشر بانتاج وفير خاصة في مشاريع النيل الازرق سابقا كما ان هطول الامطار بمعدلات جيدة في مناطق الدالي والمزموم واللكندي والصقيعة والعزازة والدندر مبشرة بانتاج وفير من الحبوب واختتم الدراش حديثه بان منطقة جبل موية والتي تعتبر من اهم مناطق انتاج الحبوب قد شهدت في الايام القليلة الماضية هطول امطار بمعدلات جيدة رغم ان تاخر الامطار قد اصاب المزارعين والرعاة بالمخاوف
في النيل الازرق طالب باكاش طلحة براهيم رئيس اتحاد المزارعين البنك الزراعي والقطاع المصرفي توفير التمويل اللازم للمزارعين بصورة تمكنهم من نظافة الحشائش ما يمكن المزارعين من تحقيق انتاجية عالية تساهم في توفير الامن الغذائي واكد طلحة ان الموسم الزراعي مبشر مؤكدا انه لا مخاوف من تدني الانتاجية ودخول البلاد دائرة الفجوات الغذائية .
هكذا برزت الاوضاع داخل البلاد وقبيل الخروج للمحيط الاقليمي والدولي نقف عند رؤية وتحليل الدكتور التجاني الطيب ابراهيم وهو خبير سوداني بصندوق النقد الدولي لاثار الازمة العالمية علي السودان . يقول الخبير الدولي ان السودان بات يشهد تناميا في معدلات التضخم ما يعني ان اسعار السلع ستشهد تصاعدا ملحوظا خاصة في ظل غياب الاجهزة المعنية بمراقبة الاسعار كما ان القطاع الزراعي السوداني يواجه اهمالا ملحوظا نجم عنه اعتماد البلاد علي شحنات الاغذية المستوردة التي تصاعدت اسعارها ومما يزيد المخاوف تدني قدرة الاقتصاد في ( تبريد درجة حرارة الاسعار العالمية ) معتبرا تراجع نسبة المخزون الاستراتيجي من الحبوب بنسبة 22% في العام الماضي عن سابقه مؤشرا سالبا يساعد في تفاقم الازمة .
في المحيط الاقليمي يشير برنامج الغذاء العالمي الي تصاعد حدة الجوع في اثيوبيا ما يهدد بنزوح الملايين من الاثيوبيين من الريف للمدن ويظل السودان وجهة ما لا يقل عن (400) الف مواطن هذا العام ودوليا فقد ارتفعت أسعار القمح والذرة وفول الصويا إلى أكثر من الضعف، وهو أمر من شأنه أن يؤدي إلى اندلاع أعمال شغب ويهدد بسقوط أكثر من 100 مليون نسمة في وهدة الفقر والجوع.
وفي تقرير رفعته احدي اللجان المتخصصة للكونغرس الامريكي كشف أن هناك خمسة عوامل وراء ارتفاع أسعار المواد الغذائية. أولها التغيرات المناخية ، حيث تسبب الجفاف في أستراليا وأوروبا الشرقية وسوء الأحوال الجوية في كندا وأوروبا الغربية وأوكرانيا في انخفاض الإمدادات من الحبوب.
ومضي التقرير الي إنه نتيجة لرداءة الأحوال الجوية، فقد انخفضت المخزونات العالمية من الذرة والقمح وفول الصويا إلى أدنى مستوياتها. وقد ووردت النتائج التي تم التوصل إليها في تقرير شعبة أبحاث الكونغرس المرفوع إلى الكونغرس الذي صدر بعنوان "ارتفاع أسعار المواد الغذائية والاحتياجات الغذائية العالمية: الرد الأميركي.
أستراليا التي تعتبر احد اكبر منتجي القمح تواجه أسوأ حالة جفاف منذ قرن من الزمن، قد شهدت انخفاضا وصل في بعض المحاصيل مثل الارز بنسبة 98 عن مستوى فترة ما قبل الجفاف. أما بالنسبة للقمح، فتنتج استراليا ما يصل إلى 25 مليون طن في السنة الجيدة، حيث تصدر معظم هذه الكمية. وهي من الناحية التاريخية، ثاني أكبر مصدر للقمح بعد الولايات المتحدة. وقد انخفض إنتاج القمح الاسترالي إلى اقل من 10 مليون طن في العام 2006 ولكنه انتعش إلى 13 مليون طن في العام 2007، وهي كمية تقل بحوالى 40 في المئة عن معدل ما كانت تنتجه على مدى السنوات الخمس الماضية، وفقا للمكتب الاسترالي لاقتصاديات الزراعة والموارد."
في اسيا فرضت الهند قيودا مشددة على صادرات الأرز كما حظرت فيتنام حظرا على صادراتها من الأرز. ومن المتوقع أن تصدر تايلاند، التي تعد أكبر بلد مصدر للأرز في العالم، كمية قياسية هذا العام في الوقت الذي ترتفع فيه الأسعار إلى مستويات غير مسبوقة. والجدير أن سعر الأرز التايلاندي قد ارتفع بمقدار ثلاثة أضعاف منذ يناير حيث يبلغ سعره الآن ألف دولار للطن الواحد.
في بروكسل قال رئيس البنك الدولي روبرت زاليك إن الوضع الغذائي يزداد سوءا من يوم إلى يوم في كثير من البلدان النامية، حيث تنفق الأسر الفقيرة مبلغا يصل إلى 75 في المئة من دخلها على الغذاء. وحذر من أن 33 دولة مهددة بخطر اندلاع اضطرابات اجتماعية فيها بسبب ارتفاع تكاليف المواد الغذائية.
وبعودة للوقوف علي الاوضاع بالداخل فقد استغلت الصحافة فرصة المؤتمر الصحفي الذي خصصه وزير الزراعة والغابات بروفيسور الزبير بشير طه لقضايا الغابات وسبل مواجهة الكثبان الرملية فسالناه عن الوضع الراهن للغذاء في ظل تصاعد الاسعار بالاسواق المحلية فاجابنا انه ووفقا للتقارير الواردة من اتحادات المزارعين فان الاوضاع مطمئنة ومراحل الانبات للحبوب بالقطاع المروي جيدة مطالبا (بالتبشير بدلا عن التكشير) مؤكدا ان السودان سيبقي مطعما لجيرانه
تلك هي الصورة فهل السودان في مامن من الفجوات الغذئية ؟ ولما كان الاجماع علي وجود مخاطر حقيقية فكيف يمكننا تجاوز الازمة ؟
البروفيسور الزبير بشير طه وزير الزراعة والغابات اكد (للصحافة ) ان الموقف الراهن بشان الغذاء جيد كما ان مراحل الانبات للموسم الجديد ممتازة وفقا للتقارير والزيارات الميدانية لفرق وزارته للمشاريع واكد الوزير قدرة السودان علي امتصاص اية فجزات غذائية لا لشعبه وانما لدول الجوار
ذات السؤال طرحته علي الدكتور مصطفي ابراهيم الحاج الذي اجب قائلا ( الحل ذي ثلاث ازراع انية ومتوسطة الاجل وبعيدته الانية تتمثل في توجيه المبالغ المالية التي رصدتها وزارة المالية لما يسمي بالنهضة الزراعية علي تجنب هذه الاموال لاستيراد الحبوب والافضل ان يتم شراء اكبر كميات من القمح والحبوب وبعد توفير المخزون الاسترتيجي يجب اعادة هيكلة الاقتصاد وتوجيه نحو انتاج الغذاء وتحفيز المزارعين واعادة ارتباطهم بالارش ولم يخفي الحاج تفاؤله في ظل الاهتمام الشخصي لرئيس الجمهورية ونائبه ووزير المالية لمتطلبات الامن الغذائي مستدلا بتوفير مبالغ ضخمة للنهضة الزراعية رغم ان الدولة قد تبنها بعد اجاز الموازنة
اما الدكتور التجاني الطيب ابراهيم الخبير بصندوق النقط الدولي فقد قدم في ندوة اقامتها الجمعية السودانية للامم المتحد بقاعة الشارقة مخرا خارطة طريق تتمكن البلاد عبرها من تجاوز مخاطر المجاعات وتتمثل محاور الخارطة في معالجات فورية تتمثل وضع تشريعات للاسعار ومنع الاحتكار ودعم الغذاء بصورة تضمن وصول الدعم للشرائح المستهدفة ومنح مساعدات عينية خارج الرواتب للعمال كما تتضمن رؤيته معالجات اسعافية تتمثل في ازالة الرسوم الجمركية عن عن الجبوب الغذائية واعطاء حوافز للمنتجين وتخفيض الضرائب علي القطاع الزراعي وادخال نظام التغذية المدرسية واصدار قوائم استرشادية بواسطة تجار الحبوب كمؤشر للاسعار وفي المدي المتوسط اوصي الدكتور التجاني باقامة شبكات الحماية الاجتماعية التي تستهدف الفقراء , الغاء الاعفاءات الجمركية التي تفقد الدولة 6% من موارد الناتج الاجمالي في العام وازالة معيقات الانتاج الزراعي ورفع قدراته التنافسية ودعم مدخلاته ونشر الوعي الاستهلاكي ووضع برامج علمية للنهوض بالاقتصاد وتوجيه عائدات النفط لتنويع الصادرات الوطنية وحذر الخبير الدولي من تنامي التوجه الراهن الخاص باستقطاب الاستثمار الاجنبي لتحقيق الامن الغذائي مؤكدا خطورة مثل هذا التوجه لانه يرهن ارادة امة وامنها الغذائي للجهات اجنبية غض الطرف عن امنتمائها وجنسياتها

ليست هناك تعليقات: