الخميس، 16 أكتوبر 2008

الرزيقات والمسيرية .. صلح بلا تنمية دعوة للدواس

الرزيقات والمسيرية .......التنمية اساس الصلح
تجاهل المركز وغياب الخدمات وتوفر السلاح عوامل تهدد بعودة الدواس

تحقيق : بله علي عمر

شهدت مدينة الابيض في العشر الاواخر من رمضان الماضي عقد مؤتمر الصلح بين قبيلتي الرزيقات والمسيرية وفي نهاية المؤتم اعلنت القبيلتين تجاوز تداعيات الاحداث الاخيرة ، وفتح صفحة جديدة ووقعتا اتفاقا بذلك ، علي ان تبدأ لجنة مشتركة من الطرفين تنفيد بنود الاتفاق .ووقدر المؤتمر الذي التأم لاربعة ايام برعاية رئيس البرلمان أحمد ابراهيم الطاهر ، القتلى من الرزيقات بـ «50» قتيلا ، ومن المسيرية بـ «21» قتيلا ، اضافة الى جرحى وبعض المسلوبات واتفق الطرفان على دفع الديات عن المتوفين بواقع 71 بقرة للفرد ، يدفعها الطرفان ، وستبدأ لجنة مشتركة من الجانبين عقب عيد الفطر تنفيذ الاتفاق وبموجب الاتفاق تدفع قبيلة المسيرية للرزيقات ديات تبلغ 1 ، 3 مليون جنيه، بينما تدفع قبيلة الرزيقات للمسيرية مبلغ 700 ألف جنيه .
وحدد الطرفان ديسمبر القادم كسقف نهائي لدفع الديات ، كما اتفق الجانبان في الاتفاق الذي وقع عليه من الرزيقات وكيل ناظر القبيلة محمود موسى مادبو، وعن المسيرية الامير اسماعيل محمد يوسف ، مندوب القبيلة للمؤتمر ، وواليا جنوب دارفور وجنوب كردفان والمعتمدون ، وشهد عليه رئيس البرلمان أحمد ابراهيم الطاهر ، على ترسيم الحدود بين الولايتين، وتحديد منطقة عازلة بعرض عشرين كلم، عشرة كيلومترات في كل ولاية ، وتغاضى الطرفان عن القبض على متهمين جدد، واعتمدا قائمة تقدمت بها حكومة جنوب كردفان لموقوفين علي ذمة الاحداث .
, المؤتمر المشار اليه قوبل بانتقادات واسعة لصلح غير مقنع لكثير منهم، بل كاد في كثير من الاحيان ان يعلن للملأ بنود الصلح قبل التئام جمع المختصمين، صلح يقفز على الاساسيات والمسلمات المنطقية لاي عملية تراضي وتصالح. فذكروا ان الصلح يوم 5 رمضان، ثم بدلوا الى 10 رمضان ثم استدكوا بان الصلح سيكون بعد شهر رمضان للنتفجأ بان مؤتمر الصلح عقد يوم 25 رمضان.
ورغم التاكيد علي اهمية مؤتمر الصلح الا ان بعض منتقديه يرون فيه التعجيل اذ كان من الضرورة بمكان لاي متخصمين ان يتعرفا اولا على الاسباب التي ادت الى الخصام والجفاء قبل القفز الى المصالحة وذلك على مستوى ابسط انواع الخصامات ناهيك عن قتال مرير زهقت فيه ارواح الابرياء ويذهب هؤلاء الي ضرورة البحث عن الاسباب الحقيقية ومعالتجها قبل الجلوس الي مؤتمر التصالح لضمان استدامته .
الصحافة في هذه المساحة تعمد الي تسليط الضوء علي اسباب الصراع خاصة ان الصحيفة كانت قد انتقلت الي المنطقة في معية المهندس ابراهيم موسي مادبو رئيس مفوضية اعادة التاهيل واعادة التوطين بالسلطة الانتقالية باقليم دارفور .

اولي الحقائق التي تلفت الزائر لمنطقة ام حرز التي شهدت الاحداث الماساوية بين بين اولاد ابوسلمة من قبيلة الرزيقات واشقائهم الفيارين من بطون المسيرية يجد ان المنطقة حدودية تقع بين ولايتي جنوب كردفان وجنوب دارفور وهذه الميزة التي كان من الواجب ان تنال قسطا وافرا من الخدمات من الولايتين جاءت عكس ذلك اذ باتت مهملة من الجانبين كما ان غياب رسم الحدود والذي تتم وفقه تحديد مسئوليات الولايات في تقديم الخدمات ادي للافتقار لهذه المقومات الاساسية , وابلغ دليل علي ذلك افتقارها للمياه خاصة انها تقع في حوض البقارة الجوفي الذي يعرف وفقا لتصنيف الجيولوجيون بان مياهه عميقة ما يتطلب تقنيات معينة لضخ مياهه الجوفيه ولما كانت سمة مواقف حكومتي الولايتين اللامبالاة فقد ظل اهل المنطقة يعانون العطش , لقد ظللنا طيلة الرحلة البرية من الضعين الي ابوجابرة – والتي امتدت لاكثر من ابرع ساعات ذهابا وعودة نحلق في القري والفرقان ونادرا ما كنا نرصد صهريجا يؤكد ان ثمة حياة هناك ليبقي التساؤل كيف لهؤلاء الناس الحصول علي الماء الذي جعل الله منه كل شيئ حي , لقد توفرت مقومات الصراع بالمنطقة خاصة ان الاسلحة متوفرة بصورة تري الناس يحملونها داخل القري وذلك ما حدث صباح ارباعء الحادي والعشرون من اغسطس الجاري عندما وقع ا(72) قتيلا من الطرفين وجرح (40) فردا من المجموعتين ,
اسباب الصراع كما شخصها المهندس ابراهيم محمود موسي مادبو رئيس مفوضية اعادة التوطين تتمثل في غياب التنمية والخدمات بالنطقة مما دفع المفوضية لتبني مشروع توطين الرحل الذي وضعت دراسته العلمية جامعة الجزيرة وسيبدا تنفيذ المشروع في محلية الضعين بحفر (19) بئر سيبدا العمل فيها خلال الايام القادمة بعد ان وصلت الحفارات الي حاضرة المحلية فيما سيبدا العمل بالمدارس عقب الانتهاء من حفر الابار مباشرة مؤكدا ان اولي الابار ستكون جاهزة لضخ المياه في اوائل رمضان المقبل وقال مادبو ان المفوضية التي تلقت (7%) من مال السلطة قد وجهته لانجاز اعمال ضخمة ممت يتطلب من الدولة دعم جهود المفوضية وعتبارها الزراع الرسمي لتنفيذ مشورعات المياه في المناطق الادارية التابعة لولاية جنوب دارفور.
لنقطع المسافة شرقي مرحال المسيرية الشرقي حيث ابناء عمومتهم الفياريين من بطون المسيرية يقول الامير مختار نمر من قيادات قبيلة المسيرية : اذا كنا نريد تشخيص اسباب الصراع فلا بد من الوقوف عند الشريحة التي سببت حالة الانفلات هنا وهناك لنجدهم من الشريحة العمرية التي لا تتجاوز العشرين عاما وهي شريحة كان يجب ان تكون في مراحل التعليم ولكن لان الدولة عمدت الي تجفيف داخليات المدارس دون استصحاب خصوصية الرحل فكان النتيجة ان ترك هؤلاء الابناء التعليم وباتوا يتحركون مع الثروة الحيوانية كما ان المنطقة الفاصلة بين القبيلتين تمتد الي اكثر من (100) كيلومتر تفتقر لاي نوع من اسباب ان العابر لهذه الوهاد لايجد اثرا للدولة الخادمة فلا دونكي للمياه و نقطة غيار وكان الدولة قد اقتنعت بان تلك الادغال من افريقيا لا تستحق اي نوع من الخدمات وقال نمر ان الحل له شقان هما التنمية وتوطين الرحل فيما يتمثل الحل العاجل في اعادة الداخليات للمدارس لمواجهة الفاقد التربوي المصاحب للماشية مستدلا علي ان الوزراء من ابناء العرب الرحل الذين حضروا المؤتمر هم من الذين حرصت الدولة علي توفير بيئة التعليم لهم بما فيها الداخليات في كافة المراحل وذلك قبل اكثر من (40)عاما , من جانبه يذهب مريدة محمد حمدين عضو المجلس الاستشاري للادارة الاهلية الي ان الصلح بين القبيلتين امر يتطلبه بسط الامن والابقاء علي اواشج القربيخاصة ان الطرفين اشقاء وابناء عمومة بيد ان المطلوب من الدولة العمل علي ازالة الاسباب التي تؤدي لهكذا اقتتال ومن الاسباب ندرة المياه ما يدفع الرعاة من الطرفين الاحتكاك عند مداخل مصادر المياه المتمثلة في بحر لعرب ولمعالجة الموقف لابد من تنفيذ مشروعات استقرار الرحل التي قوامها الابار والحفائر الكافية لكميات الثروة الحيوانية مع رسم الحدود الادارية بين الولايتين وتوجيه الولايتين لاقامة المشروعات التنموية الداعمة للاستقرار وحتي تكتمل هذه المشاريع المطلوب في الوقت الراهن تحديد المسارات المؤدية لمصادر المياه مع تقوية الوجود الاداري وتحديد السلطات للادارات الاهلية مع اعادة نظام الضباط الاداريين الرحل المرافقين للادارة الاهلية كما ان الوجود الكثيف للدولة ممثلا في الاجهزة المعنية بضبط القانون والادارة يبقي امرا حيويا)
الصحافة التي انتقلت في معية وفد المواساة قبيل مؤتمر الصلح تابعت لقاء الوفد بمشائخ وعمد الرزيقات بمنطقة ابوجابرة وورغم ان جميع المشاركين في اللقاء كانوا حريصين علي ضرورة التصالح بما فيهم ذوي عدد من الشهداء الا ان الجميع شددوا علي ضرورة قيام الدولة بما يليها من ازالة اسباب الصراع وقال رئيس مجلس شوري الرزيقات محمد عيسي عليو ان العلاقة بين القبيلتين راسخة تدعمها اواصر القرابة ووشائج الدم بيد ان تجاهل الدولة رسم الحدود بين ولايتي جنوب دارفور وجنوب كردفان اضافة الي ضعف الضبط القانوني والاداري ادي الي حدوث حالات من التفلت اخرها تلك التي شهدتها المنطقة
الدكتور محمد الخاتم مصطفي اكاديمي حدثني قائلا ان استدامة السلام بتلك المناطق يتطلب ( اطالة ) زراع الدولة لتلك المناطق من البلاد خاصةخاصة ان زراع الدولة ظل غائبا لا يحسه المواطن اذ يلاحظ العابر لتلك الجهات افتقارها لكافة انواع الخدمات التي تشعر المرء بوجود الدولة بدليل انه اي المواطن بات لا ينتظر خدمات الدولة والخطورة تكمن في انه بات يعتمد علي ذاته ومتقوقعا داخل البناء القبلي الذي يوفر له اهم المقومات وهي امنه واملاكه وقد ساعد انتشار كافة انواع السلاح في ديومة الصراعات القبلية بدليل ان مناطق دارفور وجنوب كردفان شهدت عشرات الاحتكاكات القبلية يتعامل معها المركز بصورة غير مسئولة وتتحدث الالة الاعلامية الحكومية علي انها احتكاكات عابرة بين الرعاة علما ان بداية ازمة دارفور كانت هي الاحتكاكات بين الرعاة والمزارعين ويري دكتور الخاتم ان الدولة تملك من الموارد المادية ما يمكنها من اقامة مشروعات التوطين وتحقيق التنمية بهذه المناطق النائية كما ان وجود النفط وتخصيص حصص لمناطق الانتاج يساهم بصورة قاطعة في اقامة مشروعات التنمية شريطة توفر الارادة السياسية والرغبة لدي المركز .

ليست هناك تعليقات: