الثلاثاء، 21 أبريل 2009

قام علي عاتق الدول الصديقة والمنظمات

التدريب المهني اساس السلام الاجتماعي يفتقر للدعم السياسي




تحقيق : بله علي عمر
تعتبر العمالة الاجنبية في كافة القطاعات المهنية ابرز ملامح خريطة العمل بالبلاد وجعلت الكثيرين يقفون عند مجرد عض بنان الندم على ضياع تلك الوظائف في ظل عجز العمالة الوطنية عن منافسة الاجنبي، بما في ذلك العمالة التي تخرجت في المعاهد ومراكز التدريب الوطنية التي كان حري بها ان تخرج كوادرا مؤهلة وقادرة على تلبية كافة المتطلبات المهارية التي يطلبها سوق العمل، بيد أنها ولعدم تلقي التدريب الكافي لا تستطيع المنافسة . فلماذا فشلت مراكز التدريب المهني الوطنية في تفريخ الكوادر والايدي العاملة القادرة علي تلبية احتياجات سوق العمل ؟
كانت البداية في قطاع الشاحنات اذ حدثني مسئول احدي ابرز شركات النقل بالبلاد مجيبا علي ملاحظتي عندما قلت له : ( لفت نظري وانا ادخل لمكتبك وجود عدد كبير من العمال الاجانب فما هو سبب هذا الوجود الكثيف للعمال الاجانب بالشركة ؟ ) فاجابني الرجل ( ديل سواقين تعاقدنا معهم للعمل معنا ) وعندما وقف الرجل علي اسباب دهشتي مضي للقول : ( لقد قررنا توظيف السائقين الاجانب لانهم مؤهلين والشاحنات مكلفة وبالتالي لابد من وضعها بين ايدي سائق مؤهل ) خارج مكتب مسئول الشركة وجدت االميكانيكيين وفني كهرباء السيارات اغلبهم من الاجانب ان هذا يعني ان معاهد ومراكز التدريب المهني والمدارس الصناعية الوطنية فشلت في تفريخ الكوادر الوطنية القادرة علي اقتلاع ثقة اصحاب العمل وعلمت لاحقا ان احدي شركات النقل اقامت مركز لتدريب السائقين وان ذلك التوجه جاء لدعم القضية الاجتماعية من خلال توظيف العمالة الوطنية كما جاء ذلك التوجه بدعم وتاييد ومباركة من وزارة العمل وزراعها المعني بالامر وهو المجلس الاعلي للتدريب المهني والتلمذة الصناعية .
في العام قبل الماضي وتحديدا في 4 -2 -2006 اعلن والي الخرطوم عن تبنيه ورعايته الشخصية لاعادة الحياة للتعليم المهني الذي وصفه بالركيزة الاساسية للنهضة الاجتماعية والاقتصادية مما دفع الولاية لتوزيع المعدات اليدوية الخاصة باكثر من (20) تخصصا وثمن عثمان احمد محمد من اللجنة الفنية للتعليم الفني جهود والي الخرطوم وتفهمه للدور الاجتماعي والاقتصادي للتدريب المهني ومنسوبيه ووعده برصد مليار دينار لاعادة تأهيل التعليم المهني وتنفيذ للالتزام الخاص باعادة تاهيل (6) مراكز بتكلفة (600) الف دولار وتوفير معدات واجهزة يدوية بتكلفة بلغت (850) الف دولار وسعيه لتاهيل (16) مؤسسة في التعليم الفني . الفريق مهندس محمد احمد رسمي الامين العام للمجلس الاعلي للتدريب المهني والتلمذة الصناعية اشاد بدور الولاية التي دعمت القطاع بعد ان ظل يعتمد علي الدعم الاجنبي منتقدا لسياسات الكلية التي تجاهلت التعليم الفني رغم اهميتة الاستراتيجية في تحقيق النهضة محذرا من ان تجاهل التعليم الفني يسهم في تدفق العمالة الاجنبية ليخسر الشباب السوداني مطالبا بالتدريب التحويلي الذي اعتبره المخرج من ازمة قلة الوظائف . وتحدث والي الخرطوم الدكتور عبدالحليم اسماعيل المتعافي تحدث في ذلك اللقاء مؤكدا ان الولاية تعمل على توفير (20) مليون دولار خلال عام للصرف علي التعليم الفني والمهني بالولاية مضيفا ان الولاية تتوقع ان تستلم من الاتحاد الاوربي (6) مليون يورو خلال ايام كما تجري الولاية مفوضات مع عدد من بيوت التمويل لتوفير (7) مليون اخري مؤكدا حرص حكومته على انشاء قاعدة متينة للتعليم الفني لتلبية حاجة سوق العمل الوطني والاجنبي بالكوادر الفنية المؤهلة كما ستقوم الولاية بابتعاث (20) من معلمي التدريب المهني الى تركيا للتدريب على احدث التقانات في مجال التدريب المهني واعلن والي الخرطوم استعداد الولاية لطباعة المناهج شريطة ان تأتي ملبية لكافة التطلعات وان يقوم بوضعها العلماء والمؤهلون والمواكبون.
بعد ثلاث اعوام من هذا اللقاء لازالت العمالة الوافدة تسد الطريق امام العمال الوطنيين ولا يخفي اصحاب العمل حرصهم علي توظيف العامل المؤهل القادر علي القيام بواجبه علي الوجه الاكمل فقررت ان اقف علي حال التدريب المهني فاتجهت صوب المجلس الاعلي للتدريب المهني واللمذة الصناعية بشارع الجامعة حيث التقيت اسماعيل الازهري الشيخ بري مدير الادارة العامة للشئون الفنية مستفسرا عن واقع التدريب المهني فكان مدخل الرجل للحديث التعريف بادارته التي تعني باعداد المناهج وتنفيذ كل البرامج المتاحة في مراكز التدريب المهني لنتقل بالحديث الي واقع الميزانيات المتاحة لتنفيذ برامج الادارة واصفا اياها بانها ضعيفة ومثل كافة مؤسسات الدولة فان الادارة تعتمد في الميزانية علي مال التسيير وهو خاضع لسياسات وزارة المالية وفقا لاولوياتها التي تمكنها من الايفاء بالتزامات الدولة ومال التسيير المخصص للامانة ياتي في دفعيات شهرية وهذه الدفعيات تتفاوت من شهر لاخر وقد يصل العجز في بعض الشهور الي نسبة 30%وهي بالتالي متارجحة وغير ثابته فضلا عن انها لا تكفي لتسيير برامج التدريب المهني .
ويمضي مدير الادارة الامة للشئون الفنية بالمجلس الاعلي لمراكز التدريب المهني الي ان التدريب المهني ظل يعتمد في انشائه ودعمه الفني علي الدول الصديقة مثل المانيا التي شيدت (3) مراكز بالبلاد والصين وكوريا الجنوبية وقد انشات كلا منهما مركزا واحدا اضافة لبرنامج الامم المتحدة الانمائي الذي شيد خمس مراكز للتدريب المهني وهناك منظمة العمل الدولية التي شيدت مركزين ولم يقف دعم هذه الجهات علي التاسيس فقط بل ظل دعمها متواصلا حتي العام 1988 التي توقف فيها الدعم ليعتري هذه المراكز الكثير من التصدع في بنياتها التحتية اذ تاثرت بوقف الدعم الفني الذي امتد للورش والمعامل وبالتالي كان طبيعيا ان يمتد الاثر الي مخرجات هذه المراكز فتخرجت العناصر غير المواكبة لمتطلبات وتقنيات سوق العمل فكان الطريق سهلا لدخول العمالة الاجنبية .

الدكتور عبدالرحمن الحاج باحث اجتماعي انتقد نظرة كبار المسئولين والسياسيين للتعليم الفني وقال انها ما زالت دون المستوى ولا توجد ارادة سياسية داعمة له منذ الاستقلال علما ان السودان من أوائل الدول التي اعتمدت الدراسة الفنية العام 1958م بعد خروج المستعمر و حدث النقص في الأيادي العاملة ، فلجأت الحكومة للاستعانة بعمال مدربين لتأهيل العاملين، فأنشأت مركزاً في الخرطوم في العام 1958م وسمي بمركز رفع المستويات والاسم التاريخي له البركس وهي ثكنات الجيش لرفع مستوى العمال الذين يعملون في القطاع الخاص والعام.. وبعد فترة برزت إلى الواجهة إشكالات جديدة أهمها المطالبة بتحسين أجور هؤلاء العمال فألحقوا نظاماً سمي بالاختبارات المهنية للقطاعين العام والخاص . وفي عهد حكومة الإنقاذ اهتمت جاء الاهتمام بالتدريب المهني ووضعت هيكلاً تنظيمياً لرفع القدرات بإنشاء مراكز جديدة بيد انها لم تلتفت لاستراتيجيتها الشاملة الصادرة في عام 1990 عندما رات ضرورة ان يشكل التعليم الفني نسبة 60% مقابل 40% للتعليم الاكاديمي بيد انه وحتي 2003 نهاية الاستراتيجية لم تتجاوز نسبة التعليم الفني 4% من نسة العليم بالبلاد

ويري دكتورعبدالرحمن ان محدودية المراكز وافتقارها الورش والمعامل تعيق تفريخ العنصر الوطني القادر علي تلبية متلبات سوق العمل في وقت يشهد فيه الاقتصاد الوطني نموا مضطردا كما ان هذه المراكز تفتقر للكادر البشري لعد وجود ما سماها بعناصر الجذب كفرص التدريب بالخارج منذ العام 1986
ياتي الخلل في وقت تشير فيه مشروعات الطلاب لقدراتهم الابداعية والعديد من الطلاب يتقدمون بمشروعات تكاد تكون نموذجية وفيها ابتكار
الصورة الغاتمة دفعتني للعودة الي اسماعيل الازهري مدير الادارة الفنية بالمجلس الاعلي للتدريب المهني فقلت له هل انفض سامر التدريب المهني بالبلاد بتوقف الدعم الاجنبي ؟ فاجابني وقد بدات ملامح الحزن البادية علي وجهه في التراجع ليقول في العامين الاخيرين بدات الاوضاع في التحسن في اعقاب اتفاقيات السلام اذ بدات المعونات الفنية والمنح تنشط لتبدا رحلة التاهيل فعلي سبيل المثال نجد ان مركز التدريب السوداني الكوري بجبرة يشهد الان عملية تاهيل كاملة وفرت لها الموارد الحكومة الكورية عبر وكالة التعاون الدولية الكورية بتكلفة تقدر بحوالي المليوني دولار ونتوقع عودة الحياة للمركز في العام القادم 2010 وهنالك اتفاقة مع الجكومة اليابانية لتطوير منظومة التدريب المهني وتاهيل مركز الخرطوم 2 وهذه الاتفاقية تمتد تي العام 2016 اذ تم عبرها توفير معدات حديثة بما قيمته المليار جنيه لتاهيل مركز تدريب الخرطوم 2 في اقسام اللحام الميكانيكا العامة والاليكترونيات . وهناك اتفاقية اخري ابرمت مع منظمة العمل الدولية تقضي بتطوير التدريب المهني في السودان اضافة لعدد من الاتفاقيات الثنائية الموقعة في شكل بروتوكولات فنية مع مصر والاردن وايران وجميعها تهدف لتطوير التدريب المهني في السنوات المقبلة

الثلاثاء، 7 أبريل 2009

الختناقات المرورية تطل مع الصيف

الخبراء يشخصون العلة ويقدمون الوصفات اللازمة

.تحقيق: بله علي عمر
احتفلت ولاية الخرطوم هذا الشهر بافتتاح جسر توتي وذلك في وقت بدات فيه ملامح الاختناقات المرورية مع اطلالة الصيف ليبرز التكدس من جديد , امس الاول شهدت شوارع الجامعة والجمهورية والمك نمر وبعض طرق العاصمة الاخري تكدساً غير مسبوق بسبب الاختناقات المرورية , ياتي التكدس هذه الايام ووزارة التخطيط العمراني والمرافق العامة بولاية الخرطوم مشغولة ايضا عبر الامانة العامة للمخطط الهيكلي للعاصمة خلال العشرون عاما القادمة بالاستماع لكافة قطاعات المجتمع بغية الوقوف علي ارائها لاستصحابها عند تنفيذ المخطط الهيكلي للمدينة
واذا كانت الولاية قد تمكنت من تشييد عدد من الجسور علي النيل وعدد من الانفاق فلا زالت ثمة المدينة البارزة هي الاختناق المروري ووفقا للمصادر الرسمية يبلغ متوسط كثافة السيارات علي الكيلومتر الواحد في بعض طرق الخرطوم ذات الكثافة العالية «170» سيارة على الكيلومتر الواحد من الطرق ذات الكثافة العالية، والتي لايتجاوز طولها «790» كيلومتراً من جملة طرق العاصمة البالغة (3) الف كيلومتر وهذا يعني ان الخرطوم ماضية لتكون احدي اكثر المدن اختناقا ما لم تتخذ سلطات الولاية التدابير الكافية لانسياب هذه السيارات
. ولما كان الاقتصاد الوطني يشهد ارتفاعاً مضطرداً في معدلات النمو جعلته يصعد بالبلاد للمرتبة الخامسة في قائمة اكثر الاقتصاديات نمواً وسط دول العالم مما يعني أن واردات البلاد من السيارات ظلت طيلة الخمس اعوام الماضية تتصاعد في عدد السيارات التي باتت تشكل عبئاً اضافياً على الطرق والجسور مما يهدد بحتمية الاختناق المروري ما لم تقم سلطات الولاية بإنشاء المزيد من الطرق والجسور والأنفاق.في المساحة التالية تعمل «الصحافة» على التحقيق في هذا الامر مستصحبة آراء ورؤى الخبراء والوقوف على استراتيجيات الجهات ذات الصلة في التخطيط العمراني وشرطة المرور
اعتمد التخطيط العمراني للعاصمة على ثلاث خطط عمرانية وذلك منذ عام 1958م، شملت مخطط دوكسايدس في 1958 والذي اوصى بضرورة انشاء عدد من الجسور على النيلين الابيض والازرق ونهر النيل الرئيسي، تم تنفيذ كبري شمبات وكبري القوات المسلحة، اما مخطط «مفت» الذي تم وضعه في 1976م فقد اوصى بانشاء ستة جسور، اثنان منها على النيل الازرق «سوبا، المنشية»، وجسران على النيل الابيض، وآخران على النيل الرئيسي.اما المخطط الاخير تقدم به دوكسايدس وعبد المنعم مصطفى عام 1990.
دكتور سيف الدين صادق حسن المحاضر بكلية الهندسة جامعة الخرطوم كان قد حدثني ان لكل من هذه الخطط رؤيتها المتكاملة وتوصياتها الخاصة بكيفية الربط الوثيق بين استخدامات الارض ومنظومة النقل والحركة ومع مراعاة خصوصية العاصمة المكونة من ثلاث مدن كل واحدة منها قائمة بذاتها.تراكم القضيةإن التعامل التخطيطي مع قضية الجسور في المدينة سواء العابرة منها أو الواصلة باتت قضية تراكمية بسبب عجز السلطات في السابق عن انفاذ التوصيات، مما دفع السلطات فيما بعد لإعادة صياغة كمية ونوعية للمتغيرات الحضرية والعوامل المؤثرة في قرار إنشاء وموضع وحجم اي جسر من الجسور. ومن سلبيات تجاهل المخططات السابقة وفقاً لرؤية الدكتور سيف الدين الإبقاء على المطار في موقعه الراهن رغم ان مخطط دوكسايدس الاول قد اوصى بضرورة نقله مع الثكنات العسكرية حتى تغدو منطقة المطار امتداداً لمركز المدينة علماً ان وجود المطار والثكنات يشكل عائقاً رئيسياً في الربط الشبكي والوظيفي بين اجزاء المدينة، وانعكس الابقاء على هذه المناطق في خنق الحركة وفصل للتكامل الوظيفي للمدينة.مهندس ياسر شيخ الدين اتفق في رؤيته مع دكتور سيف الدين، وقال إن عدم اخذ السلطات في الفترات السابقة بالرؤى الهندسية والـ (master plan) قد ادى لبروز العديد من الاخطاء تسهم الآن في الاختناقات المرورية فيما ذهب المهندس عبد الله الصادق الى ان محدودية مداخل الخرطوم التي لا تتجاوز التسعة مداخل قد اسهمت في بروز ازمة حقيقية اضافة لوجود ازمة تقاطعات وازمة مواقف، بيد ان المهندس زروق عبد القادر الذي عمل لفترة بإدارة التخطيط بوزارة الشؤون الهندسية ولاية الخرطوم يرى ان اختناقات المرور بالخرطوم سببها تمركز الخدمات بوسط المدينة وذلك ماذهب اليه المهندس عبدالله علي الحاج الذي يرى ان ازالة الاختناقات المرورية مرتبط بإعادة توزيع المؤسسات الخدمية داخل العاصمة، وهذه الرؤى لا تختلف مع استراتيجية دكتور سيف الدين صادق الذي يشير الى ان تحرك وتكدس هذا الكم الضخم من السيارات بمنطقة لم تزد سعتها منذ «50» سنة قد اسهم في تفاقم المشكلة
الخروج من الازمة كما اتفق عليها الخبراء يتمثل في اعادة توزيع المراكز الخدمية حتى لا يضطر المواطن للتوجه لمركز المدينة لقضاء كل احتياجاته التسويقية والديوانية «الاجرائية» اي نقل الخدمات المتمركزة، بوسط المدينة مع ضرورة ولوج الدولة وتشجيعها الاستثمار في المواقف، اضافة لاستغلال السكة الحديد والنقل المائي مع ضرورة الاعتناء بهندسة المرور وتنظيمها فيما اتفقت رؤيته في ضرورة المضي لانشاء المزيد من الجسور والكباري العلوية، فيما طالب المهندس زروق بضرورة البحث عن بدائل حقيقية وجذرية تصعد بالخرطوم لمصاف المدن العالمية خاصة في ظل توفر الموارد المالية التي اتاحها تدفق النفط، وفي ظل وجود كفاءات بشرية. ويمضي زروق في حديثه لنا أن المطلوب وضع خطة طويلة الأجل لإنهاء الاختناقات والتكدس المروري بدلاً عن الحلول محدودة الاجل، وان تستصحب تلك الرؤى مستقبل المدينة بالواقع الاقتصادي الذي يبشر بخير عميم خاصة في ظل وجود مساحات يمكنها مقابلة اي توسعات مرتقبة في مجال الطرق والانفاق، وذلك من خلال اعادة توزيع المؤسسات الحكومية والوزارات في منطقة الخرطوم شرق خاصة ان اعادة توزيع وانشاء هذه المؤسسات والتوجه للبناء الرئيسي يجعل الخرطوم سهلة التشكيل.من جانبه اكد المهندس ياسر شيخ والذي يبدو اكثر حماساً للجهود التي تبذلها الولاية في مجال الطرق والجسور، ويقول إن حكومة الولاية ورغم ما ورثته من مشاكل مزمنة في الطرق والجسور إلا انها اعطت هذا القطاع اهتماماً متعاظماً لإدراكها بأن الكباري هى المدخل لازالة الاختناقات المرورية الراهنة داخل الخرطوم، وفي الطرق الدائرية المحيطة. غير ان مهندس ياسر الشيخ استدرك قائلاً «التقاطعات داخل المدن تحتاج لجسور طائرة، صحيح انه تمت توسعة للشوارع ولكن تقاطعات الطرق الرئيسية تحتاج لمعالجة ان كانت انفاقاً او جسوراً علوية، ان هذه المشاريع تحتاج لتمويل ضخم، فالولاية قامت بتشييد الكثير من الطرق والجسور وهى تعتمد على مواردها الذاتية بما في ذلك جسرا الانقاذ والمنشية. ان المتطلبات المالية لتشييد الجسور العلوية والأنفاق وغيره يحتاج لدعم قومي ضخم».فيما يبدو مستقبل المرور بالعاصمة اقل حدة لدى دكتور سيف الدين صادق الذي يشير الى ان بدء تنفيذ نقل مطار الخرطوم لموقعه الجديد غربي ام درمان اضافة لنقل الثكنات العسكرية من موقعها الراهن مما يؤدي لتوسيع مركز المدينة واعادة هيكلة مركز المدينة القديم، كما ان نقل المطار والثكنات مع عمل الجسور العابرة والواصلة يضمن تكامل وظائف المركز من المدن الثلاث لتبدو العاصمة كمدينة ثلاثية المركز، وبذلك يسهل تكامل المركز مع بقية الوظائف الحضرية. وطالب دكتور سيف بضرورة بقاء المركز التاريخي مع تجديده خاصة ان بقاء المركز مهم جداً في المحافظة على شخصية المدينة ذات الاغراءات التي يجب استغلالها حضرياً وسياحياً واقتصادياً بما لا يضير اداء المركز.قول التخطيطجلست للمهندس اسامة عبد السميع مدير إدارة الطرق والجسور بوزارة التخطيط العمراني للإلمام برؤية الوزارة حول اختناق الخرطوم، فقال ان اي عمل تقوم به الولاية في مجال الطرق والجسور يأتي ضمن منظومة مدروسة حتى ينتهي الامر الى اقامة وتشييد شبكة طرق متكاملة تسهم في ازالة اي اختناق مروري. ومركز الخرطوم ليس بمعزل عن ذلك، فمثلاً هنالك الطريق الدائري الداخلي الذي يربط مراكز المدن الثلاث ستتم معالجة التقاطعات الرئيسية كافة به مع توسعته وتأهيله، ويقع ضمن هذا المحور جسر جامعة السودان.وهناك الطريق الدائري الاوسط الذي يقع في اطراف المنطقة السكنية ويشمل ثلاثة جسور على النيل، وفرعية هى «الحلفايا، الدباسين، سوبا»، وقد بدأت سلطات الولاية تشييد كبري الدباسين وجزء من الطريق الدائري بمنطقة بحري، وبقية المشروع بام درمان والخرطوم. فيما انتهت الدراسات بجسري سوبا والحلفايا وتجرى الآن عمليات التعاقد لتشييدهما.الغرض من انشاء الطريق الدائري الخارجي تحويل مسار الشاحنات العابرة الى طرق المدينة ومنعها من دخول وسط المدينة.وتمضي استراتيجية الولاية في ربط اجزاء المركز من خلال التنسيق مع القوات المسلحة لفتح شارع البلدية عبر القيادة العامة وربطه بشارع الزرائب حتى جسر المنشية. وتجري الوزارة تخطيط شبكة طرق بمنطقة المطار وسيتم تنفيذها في اعقاب نقل مطار الخرطوم.تتضمن رؤى واستراتيجية الوزارة لإزالة تكدس السيارات والاحتقانات المرورية خطة قصيرة المدى تتمثل في تعميم اشارات المرور واعادة تأهيل الطرق بالمركز، كما تتضمن العديد من الانفاق والجسور العلوية خاصة الطريق الدائري الداخلي وهي قيد التصميم، وستتم المعالجة وفقاً لحجم المرور على كل تقاطع حسب اشارة الدراسات، كما توجد خطط متوسطة الاجل وطويلة الاجل تستصحب مآلات النمو الاقتصادي المتزايد.من المحررمن خلال إفادات الخبراء في تخطيط المدن، والعمارة، وهندسة الطرق والجسور، المرور، والوقوف على استراتيجية وزارة التخطيط العمراني فإن اعادة توظيف الارض خاصة في ظل نقل المطار والثكنات العسكرية، وفي ظل مطالبة المؤسسات الحكومية التخلي عن «الحيشان» والتوجة للبناء الرأسي، فإن ذلك ينعكس ايجاباً من خلال توفر مساحات كافية لإنشاء وتشييد الجسور العابرة والواصلة، والأنفاق غير ان ارتفاع تكاليف انشاء مثل هذه المشروعات يتطلب دعماً ضخماً من الحكومة المركزية، وان لا تترك الأمر لموارد الولاية المحدودة، كما ان اعادة توظيف الارض يعني ان على الوزارات والمؤسسات الحكومية الاتجاه نحو البناء الرأسي، وذلك توجه لا تقبله المؤسسات الحكومية إلا بوقفة صلبة وصارمة للجهاز التنفيذي للحكومة المركزية خاصة ان هنالك عينات من المؤسسات «المستأسدة».

السبت، 4 أبريل 2009

الازمة المالية العالمية : المطلوب كمامات وقاية للاقتصاد الوطني




جاء الافراط في التمويل العقاري والاقراض واعادة تدوير الاموال واعادة الرهن والاتجار في المشتقات المالية وبيع الديون بصورة ادت الى اخفاق مالكي العقارات ومن ورائهم المؤسسات المالية الامريكية في الوفاء بالتزاماتهم مما ادى الى افلاس وانهيار عدد من البنوك والمؤسسات المالية وشح السيولة ومن ثم انحسار النشاط الاقتصادي في اهم جوانبه .امتد الحريق الى كل القطاعات المالية كشركات التأمين ومؤسسات الضمان واسواق الاسهم والبورصات وتراجع القطاع المالي بصورة اجبرت الحكومات في الغرب للتدخل باتخاذ التدابير من خلال برامج انقاذ مالي للبنوك والمؤسسات المالية لوقف الانهيار ..
هكذا بدأت الازمة المالية العالمية و التي تعتبر الابرز في التاريخ الانساني الحديث ومثل كافة الامراض الاجتماعية تسربت الازمة وباتت تهدد بخنق اقتصاديات كل دول العالم ..... ورغم ان اثر الازمة بات واضحا في الاقتصاديات العالمية الكبرى مثل الولايات المتحدة الامريكية وعصف بكبريات الشركات العالمية الا ان المراقبين فشلوا في شرح الصورة التي ستكون عليها الاقتصاديات الهشة في افريقيا والدول النامية .قبيل تسليط الضوء على انعكاسات الازمة على السودان لابد من الاشارة الى ان الخبراء في الغرب يتهمون النظام الرأسمالي لانه يفتقر الى عدم وجود الرقابة الحكومية الكافية على نشاط المؤسسات المالية وعدم الشفافية واسلوب ادارة هذه المؤسسات التي جعلت من المديرين اباطرة في مؤسساتهم لا تخضع ادارتهم ولا قراراتهم للمراجعة - وفقا لتشخيص الخبراء للازمة - بل ان بعض هؤلاء المسئولين الذين لا يتجاوز عددهم الـ(25)على رأسهم رئيس الاحتياط الفدرالي الامريكي يراهنون في كثير من الاحيان علي اموال خارج مؤسساتهم ربما لا تدخل مؤسساتهم . لقد بدأت الازمة من داخل الولايات المتحدة الامريكية ويجمع الخبراء على ان الازمة جاءت بمثابة اعظم صفعة تتلقاها مهندسة السياسة المالية العالمية فامريكا تمتلك 20-30% من الدخل العالمي لكنها بفضل المؤسسات المالية القوية والضخمة التي اسستها وقوامها البنوك وشركات التأمين العالمية واسواق المال الشهيرة وما خلقته من مناخ مالي جاذب نال ثقة المستثمرين حول العالم فصار 60% من دخل العالم يتجه الى مؤسساتها فاصبحت الولايات المتحدة تطبع الدولار كما تشاء وبتكلفة لا تتجاوز العشر سنتات للدولار الذي بات مقبولا في كل دول العالم ، لينعكس ذلك خيرا علي المواطن الامريكي والذي وجد نفسه امام اعظم الفرص منازل وسيارات وتوظيف ، ويذهب الخبير الاقتصادي الدكتور بابكر محمد توم رئيس اللجنة الاقتصادية بالمجلس الوطني والحائز علي الماجستير والدكتوراة في الاقتصاد من الولايات المتحدة حيث الوول ستريت الذي يحكم العالم ، يقول الدكتور بابكر ان الازمة هي اكبر صفعة لامريكا والنظام الرأسمالي الذي اسست دعائمه مؤسسات بريتن ودس التي قامت بموجبها مؤسسات البنك الدولي وصندوق النقد واتفاقية القات .وعن آثار الازمة على البلاد يرى الخبير الوطني الدكتور محمد الحسن الحاج ا ن الموازنة لهذا العام جاءت معتمدة على البترول بنسبة تتجاوز 50% وبقراءة في ارقام الموازنة نجد انخفاضا في مجمل الايرادات من 21 مليار جنيه الى 18 مليار وبالتالي فان ذلك يعني انخفاض معدلات النمو من 9% الى 6% ، لقد انخفض سعر برميل البترول الى 50 دولارا بدلا من السعر في موازنة 2008 والذي كان 65 دولارا بينما كان في الواقع يزيد عن 100 دولار لتذهب الزيادة الي الحساب الممركز الذي كان داعماً احتياطيا للموازنة وبالتالي فان الموازنة الحالية اتبعت نهج التقشف المعقول وتقوم علي خفض الانفاق العام وخفض معظم بنود التسيير مع التركيز علي مشروعات البني التحتية التي نرجو ان لا يطالها بطش الازمة .وزارة المالية والاقتصاد الوطني شكلت لجنة للمتابعة والدراسة والتقدم بمقترحات لمعالجة آثار التأثر وضمت اللجنة ممثلين للقطاع الخاص والمؤسسات المالية والدولة وتحدث للصحافة احد اعضاء هذه اللجنة الذي اكد ان لجنة دراسة ورصد الآثار الخاصة بالازمة المالية العالمية التي كونتها المالية ظلت تجتمع وترصد عن كثب اي تغيرات جوهرية مؤثرة علي حركة الموارد والايرادات وحركتي الصادر والوارد ، ففي محور الصادر قال ذات العضو الاقتصادي ان الطلب العالمي تأثر سلبا بالازمة ما يحتم علي المصدرين السعي والترويج للسلع الوطنية التي يجب ان تكون في اعلى جودتها لتطابق المواصفات القياسية العالمية واعدا بان الدولة ستقوم بتقديم المساعدة الممكنة من خلال ازالة كافة العقبات وتوجيه المؤسسات المالية وتوفير التمويل المطلوب كما تقع على الجهات المعنية في وزارة التجارة الخارجية تجديد معلوماتها الدورية حول السوق العالمي .وفي محور الواردات فقد شهدت الاسواق العالمية انخفاضا كبيرا في السلع بسبب تراجع الطلب وسعي الدول لاكتساب الاسواق مع تقديم اعلى مستوى من التسهيلات وعليه فقد وصلت للبلاد سلع عديدة وباسعار متدنية مما دفع بالدولة الي فرض رسم وارد 5% وزادت جمارك السيارات حماية للمنتج الوطني والمطلوب ضبط الوارد من السلع الزراعية حتي لا تهزم الدولة توجهها في النهضة الزراعية كما ان تدفق المنتجات الزراعية يضر بالقطاع الزراعي خاصة ان الدولة قد قدمت دعما ضخما للقمح وعليه المطلوب حماية انتاج القمح حتي لا يهجره المزارعون كما انه يتوقع وحال تجاوز الازمة المالية ان يكون هنالك توجها في الهيمنة علي سوق الغذاء ما يحتم النظر لامر زراعة القمح بالبلاد باعتباره توجها سياديا .واشار الدكتور بابكر محمد توم رئيس اللجنة الاقتصادية بالبرلمان الي اهمية الصرف علي النهضة الزراعية باعتبارها الكمامة الواقية للاقتصاد من استنشاق فيروسات الازمة العالمية قائلا : ( لقد بذلت الدولة مجهودات جبارة لتحقيق النهضة الزراعية وبات ذلك التوجه ملموسا من خلال دعم الاسمدة والمبيدات وخفض تكاليف الآليات الزراعية وما وجدته البحوث الزراعية والتمويل طويل الاجل وغيرها من معينات لا تقف فقط عند تحقيق النهضة الزراعية وانما يتجاوزها الي تنمية ريفية متكاملة ستجعل من الريف خلال السنوات القليلة القادمة مناطق جذب حقيقي للمواطنين يساعد علي تنميته شبكة الطرق القومية والسكك الحديدية التي تعمل الدولة لتشييدها خلال السنوات القليلة القادمة. ومن الاذرع التي اعتمدتها الدولة للوقاية من تأثير الازمة المالية العالمية مشروعات التمويل الاصغر ويرى ياسر جامع اقتصادي - ان الدولة اولت اهتمامها بالتمويل الاصغر لانه توجه اثبت فاعليته في الحد من الفقر ليكون بنك السودان قطاعا منفصلا خاصاً بالتمويل الاصغر كما يوجد بنك الاسرة الذي يوفر التمويل للمشاريع الصغيرة للمرأة والشباب واشار ياسر احمد حسن جامع الى ان هنالك دولا وصلت نسبة الاعمال الصغيرة فيها الى 50% من حجم الانتاج خاصة في المجتمعات الريفية الصغيرة وذلك لضمان توفر التمويل والاسترداد كما ان التمويل الاصغر يعتمد تدريب الشباب وبناء قدراتهم وتسويق منتجاتهم مشيرا الي تجربة قرافين بانك ببنقلاديش الذي خرج بالمرأة الريفية من دائرة الفقر .يخطئ من يعتقد بامكانية درء المخاطر بعيدا عن الاصلاح المصرفي والمالي فالخبراء الوطنيون المساهمون في صناعة القرار يرون ان سياسات التمويل خاطبت آثار الازمة وركزت علي توفير التمويل في القطاعات الهامة في الزراعة والصناعة والخدمات غير ان هنالك من يرى ان القطاع المصرفي في البلاد كان مسئولا عن الازمة التي عرفت بازمة الجوكية والتي استدان عبرها عدد من عملاء المصارف اموالا ضخمة ليفشلوا في الالتزام . عبدالماجد عبدالقادر اقتصاد زراعي انتقد القطاع المصرفي الوطني وقال انه بوضعه الراهن لا يعول عليه في حماية البلاد مطالبا بضرورة معالجة اسباب أقعدته التي شخصها في محدودية مؤسساته اذ لايتجاوز عدد المصارف بالبلاد (30) مصرفا لا يزيد عدد فروعها عن 560 فرعا تتركز 70% منها بالعاصمة وتعاني من ضعف رأس المال وتعتمد علي ودائع ضعيفة وهي بالتالي غير قادرة علي استقطاب ودائع واموال و استثمارات اجنبية تجعل منها آلية للاستثمار واعادة الاستثمار كما ان معظم هذه المصارف يملكها افراد يملكون ما يعرف بالاسهم الترجيحية ( VOTING SHARES ) كما ان الكوادر العاملة بالجهاز المصرفي السوداني لا تتلقى التدريب الكافي والجرعات اللازمة التي تمكنها من ترقية وتوظيف الموارد وينجم ذلك عن تدخل وهيمنة مجالس الادارات المالكة لغالبية الاسهم .عبدالماجد طالب بضرورة اعادة هيكلة القطاع المصرفي بما فيه البنك المركزي والناي به عن التسييس وان تكون وزارة المالية هي المسئولة بحكم ولايتها علي المال العام وذلك حتي تتمكن من مراقبة الجهاز ومراجعة ادائه بشفافية كما ينبغي انشاء مصارف جديدة تقوم بخدمة الولايات امرا حيويا مع توجيه اموال القطاع في مشروعات التنمية الحقيقية وعندها فقط يمكن للجهاز المصرفي ان يكون ذراعا اقتصاديا داعما للاقتصاد الوطني ولا يطاله شبق الجوكية .ومن المداخل التي يمكن ان تلج من خلالها الازمة المالية العالمية سوق العمال ويشير احمد علي مصطفي الي ضرورة استصحاب بعض الظواهر التي بدأت تطفو في السطح مثل العمالة الاجنبية ورغم ان سوق العمل الوطني يحتاج في بعض المهن والوظائف الي العمالة الاجنبية ولكن يجب ان يتم ذلك وفق ترشيد مع الزام اصحاب العمل تدريب العمالة الوطنية، وعلي الجهات الرسمية عدم اتاحة الفرصة للاجانب لولوج التجارة والاعمال التي يمكن ان يقوم بها العمال الوطنيون ففي حديث لرئيس منظمة العمل الدولية جوان سوما في اكتوبر الماضي اشار الي ان الازمة العالمية ستزيد العطالة في العالم بعدد 20 مليون من العمال من الجنسين مشيرا الي اهمية التنمية المستدامة ودعم الرعاية الصحية وتامين حصول المشاريع علي الائتمان لتجنب تسريح العمالة . وفي تقرير لوزارة العمل تراجعت فرص العمل بالبلاد بنسبة 15% عن حقبة التسعينيات ويزيد وقع الازمة علي الداخلين الجدد لسوق العمل حيث تقدر بطالة الشباب بنسبة 28% اي ضعف المعدل العام وتقدر بطالة الخريجين بنسبة 48% اي اكثر من ثلاثة اضعاف المعدل العام وتقدر العطالة وسط الاناث بنسبة 37% وتشير كل المصادر الي ان معدل نمو القوى العاملة اكبر من معدل نمو السكان (4%-2,6%) وحسب التقديرات السابقة فيقدر عدد المتبطلين بحوالي 1,9 مليون فيما يبلغ عدد الوافدين الجدد على سوق العطالة 350 الف وبذلك يصعد العدد الى (2,02) مليون عاطل وتبلغ نسبة المشتغلين باجر 23% من القوى العاملة .ومواجهة الامر والتخفيف من هذا الواقع الذي جسد عمق المشكل الاجتماعي متوفر، فاضافة للخروج بالنهضة الزراعية من المكاتب المكيفة للقيط فهناك مقومات العودة للتصنيع خاصة ان اسعار الكهرباء في السنوات الماضية كانت غالية وادت لارتفاع تكاليف الانتاج بصورة لم يتمكن معها المنتج الوطني من المنافسة ،اما وقد بدأت صناعة الكهرباء بالبلاد تتمدد وتتوسع مواعين توليدها ومع بشريات قرار خفض تكاليف كهرباء الصناعة بنسبة 25% فان اولى بشريات هذا التحول ستنعكس في الصناعة لتعود ماكينات المصانع سيرتها الاولى وفي ظل تمتع البلاد بالعديد من المميزات الايجابية فنتوقع ان تغدو الصناعات الوطنية خاصة التحويلية منها من اغذية ومشروبات ونسيج وزيوت وحلويات ان تعود لتشكل رئة صحيحة ومعافاة يتنفس عبرها الاقتصاد الوطني

الأربعاء، 1 أبريل 2009

عبر مخططها الهيكلي .. الخرطوم تتلمس سبيل الحداثة


عبر مخططها الهيكلي .... الخرطوم تتلمس سبيل الحداثة

الخرطوم: بله علي عمر امسية الاثنين الماضي عقدت الامانة العامة للمخطط الهيكلي لولاية الخرطوم اجتماعا بالاتحادت والنقابات ومنظمات المجتمع المدني بهدف الوقوف علي رؤيتها بشان المخطط الهيكلي الجديد للخرطوم حتي تاتي الرؤية النهائية للمشروع متكاملة ومستصحبة رغبات المجتمع وخصوصيته .
ان المخططات الهيكلية للمدن نهج علمي يُعنى بتحديد استخدامات الأرض لفترة زمنية معيّنة وفق رؤية المخطط مع مراعاة النمو السكاني والاقتصادي وحاجات المجتمع.. وكانت وزارة التخطيط العمراني بولاية الخرطوم وقّعت في أغسطس 2007 عقداً مع شركة مفت الايطالية لتنفيذ المخطط الهيكلي للخمسة والعشرين عاماً المقبلة. (الصحافة) ظلت تراقب عن سبل الخروج بمخطط يستجيب لكافة المتطلات ويراعي خصوصية المجتمع .
في هذه المساحة نقف مع التجارب السابقة لمخططات الخرطوم وافرازاتها ورؤية اللجان المتخصصة المنبثقة عن الهيئة العليا للمخطط. وقّعت ولاية الخرطوم وشركة مفت الإيطالية في الثالث من أغسطس 2007، على تنفيذ المخطط الهيكلي العمراني لولاية الخرطوم للخمسة والعشرين عاماً القادمة. وفي تعريفه بالمشروع يقول المهندس عبد الوهاب محمد عثمان إن أول تخطيط للخرطوم نفّذه المستعمر كتشنر عقب استيلائه عليها وخططها على شكل العلم الإنجليزي وجعل منطقة المسجد الكبير وسط المدينة، كما تم تخطيط الخرطوم للمرة الثانية -وهو الأول بعد الاستقلال- بواسطة احدى الشركات الاغريقية، وفي عام 1976م تم تخطيط هيكلي ثالث للخرطوم بواسطة شركة مفت الإيطالية، وتم وضع تخطيط رابع للخرطوم عام 1991م. ويذهب الوزير عبدالوهاب في حديثه للقول إن جميع هذه المخططات لم يتم تنفيذها كما خطط لها لظروف الحروب والجفاف والتصحر والنزوح المتواصل على العاصمة، و لو قدر ان يتم التخطيط كما وضع لأصبح شكل الخرطوم الآن مختلفاً جداً. ويري المهندس عبدالوهاب محمد عثمان وزير التخطيط العمراني بالخرطوم أن التخطيط الهيكلي الجديد للخرطوم يأتي في مرحلة استقرّت فيها البلاد بعد الحروب واعدا تنفيذه بنسبة (100%) كاشفا انهم يعملون منذ اكثر من عامين لإعداد الإجراءات لتوقيع عقد المخطط، وقد طرح عطاء من قبل لوضع هذا المخطط، إلا أن الشركة التي رسا عليها العطاء لم تلتزم وطرح مرة أخرى، ويضيف الوزير إن المخطط الجديد سيلبي احتياجات المواطنين مما دفع بالوزارة الالتقاء بالقاعدة الشعبية لاستصحاب رارء المواطنين في المخطط الهيكلي الجديد للولاية .

جاء اجتماع الاثنين مع القيادات الشعبية والاتحادات ومنظمات المجتمع المدني وسبقته (7) اجتماعات مشابهة مع المحليات لتلمس مقترحاتها , كانت ولاية الخرطوم قد كوّنت سابقا لجنة عليا للمخطط ضمت عدداً من الخبراء والمتخصصين لتكون بمثابة الذراع المساعد حتي يأتي المخطط بتصور يستصحب حاجة المجتمع عند تنفيذه ، وقد تم تقسيم اللجنة إلى عدد من اللجان المتخصصة التي تقدمت كل منها برؤيتها للمشاكل والمنهجية وتصورها للحل.
كانت لجنة المرأة قد أكدت أن اهم المشاكل تتمثّل في عدم وجود مرافق نسائية شاملة بخدمات ذات كفاءة عالية مع عدم وجود مراكز تدريب مهني مهاري على مستوى وسيط وأندية نسائية متكاملة وعدم وجود مراكز لزيادة دخل الأسرة، وتمثلت المنهجية في مراعاة القيم والأعراف والتقاليد والاستفادة من المسطحات المائية والإستفادة من الاحصاء السكني وتحديد المناطق الأكثر نمواً وفقراً فيما جاءت موجهات الحلول متمثّلة في مراعاة البعد البيئي والتكلفة الاقتصادية التي تناسب دخل الأسر وتغيّر السلوك الاستهلاكي ونشر خدمات الرعاية الصحية ونشر مرافق الترفيه.
من جانبها فقد قامت لجنة الأمن والتأمين بتشخيص المشاكل في السكن العشوائي ووجود ثكنات المؤسسة العسكرية داخل المدينة إضافة لوجود المؤسسات التعليمية والخدمية الكبرى فيما تتمثّل المنهجية في المعالجة المرنة لاستيعاب المتغيّرات واستيعاب السكن العشوائي في السكن الشعبي والخروج بالثكنات العسكرية لخارج المدن وتحويل المؤسسات التعليمية والخدمية الكبرى لأطراف المدينة وعمل ترع وسدود تحيط بالولاية مع مداخل محدودة وتطوير خدمات الريف.
لجنة احتياجات الأطفال وذوي الحالات الخاصة خلصت إلى أن أهم المشاكل تتمثّل في عدم مراعاة هذه الشرائح في المخططات والتصميمات والقوانين الهندسية وعدم توفير المرافق والمساحات المخصصة لهم في المخططات فيما جاءت مؤشرات الحل مطالبة بضرورة مراعاة هذه الشرائح في جميع المخططات وعلى مستوى التشريعات والقوانين الهندسية وتوفير مساحات لهم وعدم التعدي عليها مع مراعاة تسهيل الوصول لهذه المرافق.
لجنة ترقية ريف الولاية كانت قد خلصت إلى أن أهم المشاكل تتمثّل في التدهور البيئي والإنساني وتفشي الفقر اضافة الى التفلت العمراني بالقرى وعدم التخطيط والتسجيل وما ينتج عنه من ضياع للحقوق كما أن القرى ظلت ملاذاً لتفريخ السكن العشوائي ووجود عدم تنسيق في الاستخدامات الزراعية والسكنية للأرض وأشارت مقترحات المنهجية إلى ضرورة جمع كل المعلومات الوصفية والمساحية والحيزية والعمرانية للقرى ووضع مخطط متكامل للريف فيما تمثّلت الحلول في توفير البنيات التحتية والخدمات والاهمام برفع الكفاءة الاقتصادية لمنشط الزراعة ووضع رقابة قوية لضبط النمو العمراني وتسجيل اراضي القرى والاراضي الزراعية والامتدادات السكنية والاهتمام بإنسان الريف واعتباره المؤشر للتنمية الاقتصادية الاجتماعية،
في مجال العلاقات البينية والبعد القومي للخرطوم أشارت اللجنة ؤلى أن المشاكل تتمثّل في تمركز الخدمات بالولاية مما يجعلها وجهة لإنسان الولايات الأخرى في ظل عدم وجود ضوابط للتنقّل بين الولايات فيما ترى اللجنة في مقترح الموجهات ضرورة التنسيق في أطر العلاقات البينية مع الولايات الأخرى وإجراء الدراسات والبحوث للمشكل فيما تتمثّل موجهات الحلول في توزيع الخدمات بين الولايات بصورة عادلة للحد من الهجرة للعاصمة وجعل النمو متوازناً بين الولايات مع إقامة المدن المحورية مع الأخذ في الاعتبار التجارب العالمية. استخدامات الأراضي في مراكز المدن كانت لها لجنتها التي خلصت إلى ان أهم المشاكل تتمثّل في عدم الاستخدام الأمثل للواجهة النيلية وعدم توفر المواقف الخاصة والعامة بمراكز المدن الثلاث وعدم التناسق في تطبيق الموجهات العمرانية إضافة الى وجود ملكيات- ملك حكر- مما يؤدي الى تعطيل عمليات اجراءات التحسين لهذه الملكيات وعدم خضوع الاراضي السكنية لقوانين البناء نسبة لوضع مركز ام درمان التاريخي.
لجنة البيئة رات أن أهم المشاكل تتمثّل في امداد سكان العاصمة بالخدمات الحضرية وعدم المحافظة على الغطاء النباتي وندرة المساحات الخضراء وتلوث مياه النيل في ما تتمثّل الحلول في دراسة النمو السكاني ومقارنته بالموارد المتاحة واستصحاب البعد البيئي لاي مشروع تنموي واستخدام احدث التقانات العالمية الصديقة للبيئة وصون المباني التاريخية والمباني ذات النمط المعماري المميز واتخاذ نمط عمراني مميز مستمد من البيئة والتراث ووضع حدود للمدن باستخدام الأحزمة الشجرية والمساحات الخضراء ومراجعة التشريعات ووضع الضوابط لاستخدامات الأراضي.
لجنة ترقية الحياة الاجتماعية والثقافية، كانت قد أشارت الى ان النزوح وتدفق اللاجئين واطفال الشوارع والمشردين وعدم توفر الحمامات العامة في المناطق المكتظة بالسكان تعتبر ابرز المشاكل، فيما رأت أن الحلول تكمن في توفير البنيات التحتية والخدمات الاساسية والاهتمام بالجماليات والبيئة السكنية، ووضع رقابة في مراحل تنفيذ الخطة العمرانية والحفاظ على الميادين العامة في الأحياء السكنية ووضع الحوافز التشجيعية والتنافسية بين الأحياء السكنية وتشييد شبكة مواصلات بأحدث المواعين. لجنة محاربة الفقر الحضري هي الاخرى سلّطت الأضواء على المشاكل المتمثّلة في عدم توفر فرص العمل ومحدودية نشاط المنظمات القاعدية التي تتعامل مع الفقراء وقصور الخدمات الأساسية وصعوبة الحصول على السكن المأمون وعدم المشاركة الشعبية في اتخاذ القرار واهمال القطاع غير رسمي خاصة العمالة الهامشية اضافة الى التباين المخل على المستويين الاجتماعي والاقتصادي.. فيما تتمثّل الحلول في اقامة مشروعات التنمية التي توفر فرص العمل والتوجه لاقامة مشروعات الإسكان قليلة التكلفة مع إقامة مشاريع إسكان ترتبط بمواقع الإنتاج وتوفير الخدمات الضرورية والتوجه نحو الصناعات التحويلية والتطبيق الصحيح للفدرالية ومحاربة الفساد واشراك الفقراء في اتخاذ القرار وتأسيس المنظمات القاعدية التي تساعد الفقراء مع توفير الدعم لها من الدولة وزيادة الاستثمار في القطاع الزراعي مع التركيز على الصناعات التحويلية والوسيطة. ورغم أن القرار الوزاري الذي تم بموجبه تكوين اللجان، قد تضمن لجنة تعنى بالإعلام لتقديم تصور يتضمن مشاكل القطاع وسبل مواجهتها، إلا أن تقرير اللجان لم يتضمّن أية إشارة لمتطلبات الإعلام في وقت باتت فيه مدن الإنتاج الإعلامي ومعارض الكتب لا تقل عن مجمل القضايا الاجتماعية الأخرى.
. وزير التخطيط العمراني المهندس عبد الوهاب محمد عثمان أكد أن الخطط الهيكلية السابقة لم تنفّذ بصورة كاملة نسبة لغياب آليات وأدوات التنفيذ في المخطط «الأمر الذي تحسّبت له الوزارة في هذه الخطة بتصميم الآليات ومعينات التنفيذ». وقال إن التعاون الوثيق مع منظمة المستعمرات السكانية (الهابيتات) التابعة للأمم المتحدة أسهم كثيراً في رفع كفاءة العمل في تصميم المخطط الهيكلي. المدير التنفيذي للمخطط الهيكلي د. صلاح عمر.. ذكر أن الخطة التنفيذية تسير بصورة مرضية .
عقدت
واستعرض الدكتور محمد علي عبد الحليم مستشار وزير التخطيط العمراني للبيئة مخطط الخرطوم الهيكلي في لقاءً لجنة المخطط الهيكلي مع ممثلي الفئات الشعبية والتنفيذية والتشريعية بالولاية بهدف المشاركة الشعبية في المخطط الهيكلي للولاية موضحا ان الخريطة الهيكلية للمخطط العام للمدينة وسيلة اساسية لتوجيه عملية التنمية في المدن بغرض ترسيم البيئة الطبيعية فيها، وجعلها نظيفة وصحية ولتنظم العلاقة بين الاستخدمات المختلفة للارض بهدف تحقيق المنفعة العامة للسكان وتوفير المعلومات لاستخدامها في التنمية وتوسيع القاعدة الاقتصادية.
من جهته قال الدكتور صلاح عثمان النص مسؤول الخريطة الهيكلية بالولاية ان المخطط بهدف الي توفير بيئة سكينة صحية وتحديد المواقع التجارية والصناعية والزراعية وتوفير شبكة طرق ووسائل مواصلات حضارية اضافة الي توفير الخدمات والمرافق العامة
ودعا عدد من المشاركين للحفاظ علي شكل وتراث المدن السودانية عند التخطيط والاستفادة من تجارب المدن المتقدمة في التخطيط

التهمت عائدات النمو : العمالة الوافدة تهدد الامن الاجتماعي




تحقيق : بله علي عمر
بكم تشتغل لي متر البياض ؟ سأل الرجل جاره الذي يمتهن البياض - والتبييض للذين يجهلون من مراحل البناء وهو يعني اعمل ( تخشين ) الجدران بالاسمنت – فاجاب الاسطي علي ان الاسعار مختلفة بين بيض الجدران وتبييض السقوفات وكل بسعره , متر الجدران باربع جنيهات للمتر وثلاث لمتر الجدران . لم يصدق صاحب البناية هذه الاسعار لتواضعها ولانها تقل كثيرا عن اسعار العام الماضي فاقسم علي ان يقوص في عالم عمال الانشاءات لمعرفة اسباب الانخفاض وان هي الا ايام فلقيني الرجل مستبشرا وهو يصيح : ( ينصر دبن العمالة الوافدة ) كنت قد نسيت ان الرجل كان قد وعد ببحث اسباب انخفاض اسعار اعمال البياض وعندما قرا ملامح الدهشة علي وجهي قال : ( ان العمال الوافدين وراء انخفاض اسعار البناء والتشييد انهم يشتغلون بنصف اجور العمال الوطنيين وعملهم اكثر جودة وكفاءة ) احساس مرير انتابني وانا استمع للرجل ففي الاسبوع الماضي حدثني جاري النجومي بابكر ان عدد كبيرا من البنايين وعمال التشريد باتوا اقرب للتشرد بعد تدفق عمال البناء والتشطيب من احدي الدول المجاورة , لقد تصدر الحديث عن الوجود الاجنبي كافة الوسائط الاعلامية خلال الفترة الماضية
(الصحافة ) تعمد عبر المساحات التالية للعودة للتحقيق في الامر مع التركيز علي محور العمالة الاجنبية واثارها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية خاصة بعد تنامي مخاطر الازمة المالية العالمية التي تجتاح العالم ودفعت الشركات العالمية الكبري الي تسريح عمالها وفي داخل البلاد فاضافة لما تشكله العمالة الوافدة من استنزاف للموارد الاقتصادية نظير الأجور التــي تتقاضاها وإلى التكلفة المالية غير المباشرة لهذه العمالة المتنامية نتيجة لتحمل الدولة الجانب الكبير من هذه التكلفة عن طريق الدعم المباشر وغير المباشر للخدمات (الرعاية الصحية والتعليمية ، والمواصلات ، الكهرباء ، المـواد الغذائية … الخ ) واضافة لذلك فهناك تكلفة ما يسمي بأجر الظل (Shadow Wages) بأكثر من ضعفي الأجر النقدي ومن مخاطرها انها تتزايد في وقت تتزايد فيه نسبة البطالة في المجتمع .
واضافة لما يردده الخبراء من ان الطفرة النفطية خلال السبع سنوات الأخيرة و ازدياد العائدات النفطية وراء استجلاب العمالة الوافدة الماهرة والعادية ، وذلك للرغبة في توفير الحياة العصرية الحديثة للمواطنين وتهيئة الظروف المناسبة للتوسع في مشروعات الإسكان والطرق وغيرها من مشروعات البنية الهيكلية ومختلف الخدمات الأخرى فان تدني أجور العمالة الوافدة و الموقع الاستراتيجي للسودان.


العمالة الموجودة في السودان من قارات العالم كلها تقريبا وتشكل آسيا نسبة 54% من جملة العمالة المؤهلة الوافدة حيث يبلغ عددهم في (16274) ويتمركزون في قطاعات حيوية مثل (البترول والكهرباء والطرق والجسور) وتحتل الصين المرتبة الأولى بنسبة عمالة وصلت إلى (51%) من إجمالي عدد الآسيويين بالسودان. وهناك عمال من باكستان والهند وبنغلاديش والفلبين وأغلب عمال هذه الدول يعملون في القطاع الصناعي كالسكر والصناعات الغذائية والمهن اليدوية التي تتطلب مهارة عالية في مجالات كالبناء والتشييد والنسيج والمجالات الطبية كالمستشفيات ومهنة خدم المنازل والمربيات. لدينا في الس
وتوجد بالبلاد عمالة من دول آسيوية عربية مثل سوريا ولبنان التي ارتفع عدد عمالها المقيمين بالسودان من (288) عاملا في العام 2003م إلى (311) في العام 2004م فيما ارتفع عدد العمال السوريين من 642 عام 2003م إلى 653 في العام 2004م الي اكثر من (5000) في 2007 وفقا لبعض التقديرات . ويعمل أغلبهم في تجارة الأطعمة والكافتيريات والفنادق وقيادة الشاحنات والبصات السفرية.

العمالة الإفريقية وفقا لسجلات مكتب العمل الخارجي وهو الزراع الرسمي المعني بتنظيم العمالة الوافدة معظمها من مصر وأثيوبيا واريتريا والنيجر والصومال ونيجيريا ويعمل معظم المصريين الذين تجاوز عددهم في السنة الماضية (50) الفا في مجال التدريس والبناء والتشييد بينما تتركز العمالة الإثيوبية والاريترية في العمل بالمطاعم وقيادة الشاحنات والحلاقة وخدم المنازل والمهن البسيطة مثل بائعات الكسرة والشاي... ويعمل عمال النيجر ونيجيريا في مهن هامشية كالعتالة (حماليين ) وصيانة الساعات والأجهزة الكهربائية وأعمال الدجل والشعوذة.وأما العمالة الأوروبية فقد ارتفع عددها من 5785 عاملا في العام 2003م إلى 6670 في العام 2004م وقفز الرقم الي ما يقارب (100000) في 2008 ومعظمهم من تركيا وبريطانيا ويعمل هؤلاء في مجالات النقل والمطاعم والمخابز والكافتيريات والمهن الحرفية الماهرة كالبناء والتشطيب والديكور وصناعات الألمونيوم والأخشاب.

و الوافدون من الأمريكتين وهم غالبا من كندا وأمريكا يعملون في المنظمات الدولية والاغاثية ويعملون أيضا كخبراء في المجالات الحيوية بالبلاد.
سالت شرف الدين احمد حمزة المدير السابق لادارة العمل الخارجي وهي الادارة المعنية بتنظيم ووضع التخطيط الاستراتيجية للعمل على المستوى الاتحادي ما هي اسباب كثافة وجود العمالة الاجنبية بالبلاد؟ فاجابني قائلا : (في ظل ارتفاع معدلات نمو الاقتصاد فان المخطط الاقتصادي عمد لتنفيذ خارطة متنوعة رأسيا وافقيا في مجالات التنمية المستدامة خاصة في قطاعات الطرق والجسور والسدود اضافة لمشروعات السكر والاسمنت والحديد والصلب والاسمنت وصناعة السيراميك اضافة لثورة الانشاءات العقارية التي تشهدها البلاد، كل ذلك حتم ضرورة استقدام العمال المهرة لتنفيذ وادارة هذه المشروعات، كما ان تدفق العمالة الاجنبية يمثل احدى السمات الرئيسة للعولمة الاقتصادية اضافة الى ان حركة الاموال لا تقف عند الكتلات النقدية فقط وانما تشمل العمالة المدربة والمؤهلة لادارة هذه الاموال اينما حلت
الدكتور بابكر محمد توم رئيس اللجنة الاقتصادية بالمجلس الوطني قال في المنتدي الشهري لوزارة العمل والذي عقد الاسبوع الماضي بقاعة اتحاد اصحاب العمل قال ان هنالك بعض المهن تحتاج لعمال من الخارج مشترطا ان يتم ذلك وفق ترشيد مع تدريب الكوادر الوطنية وعدم اتاحة الفرصة للاجانب للعمل بالتجارة المحلية ومنعهم من ممارسة المهن التي يجيدها السودانيين الاستفادة من العمال الاجانب في اكتساب قدراتهم والاهتمام بتدريب العمالة الوطنية ومحاربة البطالة .
مصطفي ابراهيم الحاج - اقتصادي لا يتفق في رؤيته مع بعض النقاط التي اثارها المدير السابق لادارة العمل الخارجي خاصة قوله كان يمكن ان تأتي حالات النمو المتصاعد للاقتصاد الوطني بردا وسلاما على اهل السودان وتساهم في امتصاص جيوش الخريجين الذين وجدوا الطريق مسدودا امام الحصول على الوظائف بسبب قصر نظر المخطط الاقتصادي الذي لم يول قضية العمل ما تستحق من اهتمام. فقد كان يمكن تأهيل احد مراكز التدريب الفني ومده بأحدث التقنيات واسباب التدريب لتخريج المئات من العمال المهرة لقطاع النقل على سبيل المثال وبذلك فإن صاحب الشاحنة لا يجد نفسه مضطرا لاستقدام الاجانب وكذلك في مجالات الانشاءات والبناء
ويري محمد الامين الحاج المقاول في قطاع الانشاءات ان هنالك انفلاتا في سوق العمل سببه ضعف القوانين والنظم وافتقار الجهات المعنية بضبط ومراقبة العمالة الوافدة التي تدفقت بكثافة علي البلاد وباتت تسد الطريق امام العمالة الوطنية حتي في الوظائف الدانيا والهامشية مضيفا : ( ان ان الدول التي لديها اعظم الاقتصاديات تمر الان بمنعطف الازمة المالية الذي اجبرها علي تضييق الخناق علي العمالة الاجنبية بل انها تعمل علي تسريح عمالتها الوطنية فلماذ لا نلجا لذات الامر خاصة ان معظم العمال الوافدين يحتاجون الي تحويل حقوقهم فهل لدينا من النقد الاجنبي ما يفي ؟
سالت مصطفي ابراهيم الحاج (هل كل العمالة الوافدة من العمال المهرة الذين يسهمون في دفع الاقتصاد ؟) فاجابني : (يجب ان نفرق بين العمالة الرسمية التي تأتي عبر القنوات الرسمية وتلك الهامشية القادمة عن طريق المنافذ الحدودية المتعددة للسودان.فالاولى تمثل الحاجات الاساسية المطلوبة وفق معايير العمل الوطنية والاحتياجات الحقيقية لسوق العمل وهذه بالتالي داعمة للاقتصاد الوطني وذات اثر ايجابي عام اما المجموعة الثانية فغالب منسوبيها بلا قدرات وعمال هامش بعضهم متفلتين من معسكرات الايواء، وهو بذلك يتفق مع الاستاذ السماني احمد الحاج المتخصص في اقتصاديات العمل الذي يشدد على اهمية العمالة الوافدة خاصة في قطاعات النفط وصناعات الانشاءات كالطرق والكباري والبنايات الرأسية رغم ان مجيئها كان خصما على العمالة الوطنية وبالتالي انعكس مجيئها سلبا على القضية الاجتماعية.ولا يخفي المدير السابق ادارة العمل ازعاجه لكون الوظائف التي تحصل عليها العمالة الوافدة جاءت خصما على العمالة الوطنية وشباب الخريجين قائلا :(ان العديد من اوجه الانشطة الاقتصادية تعتمد على العمالة الوافدة بصورة كاملة كتلك التي تأتي عبر اتفاقيات ما يسمي بتسليم المفتاح حيث تستحوذ العمالة الاجنبية على جل الوظائف في هذه مشروعات هذه الاتفاقيات باعتبار ان تمويل وتنفيذ هذه المشروعات يتم بواسطة تمويل وتنفيذ اجنبيين وقد ارتفعت معدلات مثل هذه الاتفاقيات) وهنا قاطعت محدثي متسائلا: ولكن لماذا لا نطالب بنصيب من العمل للعمالة الوطنية ؟ فاجابني شرف الدين احمد حمزة ( تقدمت وزارة العمل لكل الجهات المعنية بالتخطيط الكلي والسياسات لضمان حصة مقدرة من فرص العمل للعمالة الوطنية في هذه المشروعات).
مكاتب استقدام الاجانب ظلت تواجه بانتقادات حادة لانها تستقدم عمالة اجنبية دون استصحاب الابعاد الاجتماعية والثقافية وموروث اهل السودان ويذهب البعض الي انها تنتهج الفوضى ما دفع الادارة العامة للعمل لمراجعة النظام وقد تم تعديل لوائح وشروط منح التصديق والرقابة المباشرة علي ادائها الفعلي وبعد التنظيم بلغ عدد هذه المكاتب في بداية 2008 حوالي (46) مكتبا لاستقدام الاجانب كما قررت لجنة الحسبة العامة بالمجلس الوطني حظر استقدام بعض العمالة لاجل الحفاظ على القيم والتقاليد كما صدر قرار من لجنة ضبط العمالة الاجنبية التي يرأسها وكيل العمل بحظر استقدام المربيات من الخارج.

بين العمالة الوافدة لتقديم ما ينفع الناس وتلك المتسللة وهي تحمل معها العديد من الظواهر الاجتماعية غير المألوفة بون شاسع فهل تحركت الجهات المختصة لمواجهة الموقف ؟ دعونا نبحث عن الاجابة في حلقة قادمة