السبت، 28 مارس 2009

تدني اسعار الذرة وفرة ام شح سيولة ؟




تحقيق: بلة علي عمر
اصدر بنك السودان توجيهات صريحة للبنوك طالب فيها بحظر فيح الاعتمادات المالية لتصدير الذرة خارج البلاد , قرار البنك المركزي الذي جاء في فترة (الدرت) اي بداية تدفق المحصول نحو الاسواق
جاء قرار بنك السودان في وقت ذكر فيه تقرير رسمي أن حجم الانتاج فى الموسم الزراعي بلغ (4.2) مليون طن من الحبوب،مايعني يعني تحقبق فائض قدره (535) الف طن، حيث أن الاستهلاك البشري (2.3) ملايين طن، والحيواني (168) الف طن،
وفقا للتقرير فأن جملة المساحات التى زرعت بالمحاصيل خلال الموسم الزراعي الماضي فى القطاعين المطري والمروي بلغت (95%) من جملة المساحات المستهدفة والبالغة (40) مليون فدان بينما بلغ حجم التمويل للموسم الزراعي نحو (901) مليون جنيه تم توفير نحو (8.7) ملايين جنيه عبر البنك الزراعي بنسبة (89.5%) من التمويل الكلي. كما كشف التقرير ان السياسات الجديدة تنص على زراعة (40) مليون فدان بالمحاصيل الزراعية بالقطاعين المروي والمطري بواقع (380) ألف فدان قطن، (1.2) مليون فدان قمح، (1.2) مليون فدان زهرة شمس، (6.2) ملايين فدان سمسم، (323) الف فدان فول سوداني بالقطاع المروي، (3.9) ملايين فدان فول سوداني بالقطاع المطري، (72) الف فدان ذرة شامية بالقطاع المروي، (8.7) ملايين فدان دخن بالقطاع المطري، (16) الف فدان دخن بالقطاع الفيضي .
واذا كان ثمة فائض في انتاج الحبوب يبرز التساؤل لماذا منع مصدري الذرة من فتح الاعتمادات ؟ جاء التوجيه وفق اطر تعمل علي مواجهة اية ثغرات مرتقبة وتصعيد لقضايا سياسية خاصة ان السودان يعتبر دولة مواجهة مع دول أخرى تستهدف النيل منه وابقاء انسانه على وضعه الراهن خارج دائرة الفعل السياسي المؤثرسواء على النطاق الاقليمي الضيق او على مستوى الحراك السياسي العالمي؟ والسودان معروف على النطاق العالمي بامتلاكه الموارد الطبيعية الكثير من اسباب تصدره قائمة الدول ذات الاثر البالغ على الصعيد الدولي خاصة في مجال الزراعة، في وقت يعاني فيه الوطن العربي من فجوة غذائية تتراوح ما بين 11 -13 مليار دولار، مما يعني تبعية سياسية لموردي الغذاء، وارتهان إرادة الدول العربية لقوى خارجية اتضح حجمها عبر الاعتداء الاخير على قطاع غزة، فلم تنطق الدول العربية ببنت شفة ؟
يصف الخبراء السودان بأنه كنز العرب المفقود، وطريق الوصول إليه هو التكامل الاقتصادي العربي، خصوصا أن الوطن العربي لم يعد يراوده فقط حلم تحقيق الأمن الغذائي العربي، ولكن فرضت عليه الأحداث الدولية ذلك، خاصة مع تصاعد بطش دولة القطب الواحد «أميركا» وانحيازها لإسرائيل. كانت هذه مقدمة لا بد منها للوقوف على حقيقة انتاج البلاد من الحبوب الغذائية للعروة الصيفية، حتى يقف المسؤولون على الواقع باكرا، بعيدا عن التقارير التي تهتم بتجميل الصورة، كما حدث عندما شخص المزارعون في النيل الأزرق والقضارف والدالي والمزموم الاسباب الحقيقية لتراجع انتاج عباد الشمس، بينما جاءت تقارير وزارة الزراعة غير ذلك، في مفاجأة من العيار الثقيل عندما برأت التقاوى .
في الايام الماضية شهدت اسواق المحاصيل ومناطق الانتاج في القضارف والدالي والمزموم تراجعا في اسعار الذرة وبعد ان كان سعر الاردب (170) الف جنيه لتراجع الي (140) الف بمنطقة الدالي الاسبوع الماضي فماهو السبب في تراجع الاسعار الذي جاء في وقت وجه فيه بنك السودان البنوك بعدم فتح اعتمادات لتصدير الذرة ؟ تباينت رؤي الكثيرون حول اسباب تراجع الاسعار وقرار وقف اعتمادات تصدير الذرة وقبل الاجابة علي هذه الاستفهامات تذكر الصحافة بواقع انتاجية الحبوب وفقا لجولات الصحافة الميدانية بمناطق الانتاج
اشارت جولات الصحافة الي ان ولاية النيل الازرق التي تعتبر من الولايات ذات المساهمة الحيوية في دعم الامن الغذائي بالبلد، وفي العروة الصيفية الماضية وجه المزارعون جل عنايتهم لمحصول عباد الشمس باعتباره محصولا نقديا، وكانت شركة صافيولا قد أعلنت استعدادها لاستلام المحصول وشراء كل الكميات المطروحة، وباستصحاب أعمال تسويق الذرة وعائده غير المجزي في كثير من الاحيان، فقد توجه المزارعون نحو زراعة عباد الشمس، خاصة ان شركة صافيولا كانت قد وفرت التقاوى عبر البنك الزراعي. يقول العمدة ضو البيت نائب رئيس اتحاد مزارعي النيل الازرق الذي التقيت به في الدمازين، إن انتاجية الذرة هذا العام دون السنوات الماضية، كما انه لا توجد اية جهة داخل الولاية تملك مخزونا يفي بالمتطلبات، وعليه يتوقع أن تشهد الولاية في نهاية العام فجوة يتطلب سدها من خارج الولاية في اول سابقة في تاريخ الولاية التي ظلت تصنف باعتبارها احدى الولايات التي تساهم بنسبة كبيرة في توفير الأمن الغذائي. وقال المزارع صديق احمد أمين مال اتحاد مزارعي المحلية، إن انتاجية الذرة بالمحلية وعموم انحاء الولاية كانت ضعيفة، بسبب التباين في الامطار، فبينما شهدت المناطق الزراعية سيولا جارفة في بعض الاحيان نجدها عطشى في بعض مراحل النمو، وكانت نتيجة هذه المعطيات تدني الانتاجية. وقال البشير أحمد ادريس من كبار المزارعين بالنيل الازرق وقد قام بزراعة «2» الف فدان بمحصولي الذرة والسمسم، إن محصول الذرة تعرض للغرق بمساحات واسعة، وكان نتيجة ذلك تراجع غير مسبوق في الانتاج. وايده في الحديث علي محمد أحمد آدم من رموز المزارعين بالنيل الأزرق. وطالبت قيادات المزارعين بالولاية هيئة المخزون الاستراتيجي بالتحوط مبكرا لتغطية أية فجوات تحدث بالمنطقة. في ولاية القضارف ظلت مناطق الفشقة وباسندة والقبوب وكمسور من أكبر مناطق الانتاج على مستوى البلاد، وبقراءة لواقع الانتاج وفقا للمزارعين فإن انتاجية الخريف بمناطق كسمور ضعيفة ولا ترتقى لمتوسط انتاج المنطقة من الحبوب، كما ان منطقة الفشقة خرجت عن دائرة الانتاج بصورة تامة بسبب وجود المزارعين الاثيوبيين، أما مناطق القبوب وباسندة فرغم أنها افضل نسبيا الا ان مساهمتها على مستوى الأمن الغذائي القومي لن تكون مثل سابق السنوات. وفي جولتنا داخل سوق المحاصيل بالمدينة الذي يعتبر من أكبر اسواق الذرة، وجدنا ان الاسعار مرتفعة، اذ يتراوح اردب الذرة الذي قوامه جوالين من زنة «100» كيلوجرام بين «170- 185» جنيه وفقا لعينة الذرة. وحدثني مصطفى الحاج الذي يعمل تاجرا للمحاصيل إن هذه الأسعار مرتفعة خاصة في هذا التوقيت من العام الذي يشهد في المعتاد تراجعا في الاسعار، غير أن السمة العامة ونحن في بداية موسم تدفق المحاصيل هي كثرة العرض، وبالتالي ووفقا للنظريات الاقتصادية فإن اول معطيات كثرة العرض هو تدني الأسعار، بيد ان الاسعار حاليا عالية جدا، وهذا يؤكد أن انتاجية هذا العام لم تكن بالكثافة المطلوبة. طلبت من المزارع عبد الرؤوف عيسى أحمد، وهو من اصحاب المشاريع الزراعية بالولاية، تقييم وضع انتاجية الحبوب لهذا الموسم، فقال إن انتاجية ولاية القضارف من الذرة هذا العام تعتبر ضعيفة ودون مستوى الانتاجية للمواسم الاربعة الاخيرة. وعزا عبد الرؤوف الاسباب الى عاملين رئيسيين، اولهما تباين الامطار بين سيول جارفة وتراجع اسهم في عطش المحصول خلال مرحلة الانبات، اضافة لضعف التمويل وعدم تقديم المتاح منه في المواقيت المناسبة. وعن امكانية سد الفجوة من المخازن والصوامع والتجار، قال عبد الرؤوف إن الكميات الموجودة لدى التجار محدودة، ولا يتوقع لها ان تشكل مخزوناً قادراً على مقابلة متطلبات الأسواق من الذرة. وفي ولاية سنار حيث توجد مناطق الدالي والمزموم وقلي التي تعتبر من أكبر مناطق الانتاج بالقطاع الاوسط، بلغت جملة المساحة التي زرعت في ريف هذا العام تقريباً «2» مليون فدان. وحدثني عمر النور نور الدين رئيس اتحاد مزارعي الزراعة الآلية بولاية القضارف قائلا إن واقع الانتاج بمنطقة الدالي يعتبر مبشرا، اذ تمت زراعة «700» الف فدان تقريباً بالذرة الدخن، وبدء الحصاد بمتوسط انتاج تراوح بين «4-8» جوالات للفدان، اما في مناطق شرق الدندر فقد تراوح انتاج الفدان بين «3-4» جوالات للفدان، اما في منطقة المزموم فقد كان التركيز على محصول عباد الشمس الذي زرع بمساحة بلغت «270» الف فدان وكانت الانتاجية جيدة، إذ أن موسم الامطار كان جيدا في معدلاته وتوزيعه.
قلت لمحمد مصطفي ابراهيم وهو من كبار منتجي الذرة بمناطق الدالي والمزموم وكنت قد هاتفته امس مستفسرا عن اسعار المحاصيل فاجابني ان القليلة الماضية قد شهدت انخفاضا في الاسعار بلغ بموجبه سعر الاردب بمنطقة الدالي الي (135) الف جنيه وعندما قلت له كيف الاسعار بمنطقة المزموم الواقعة الي الجنوب من الدالي فاجابني اسعار المزموم اقل من الدالي وقد وصل الارد فيها حتي (130) الفا للاردب قلت للحاج محمد لماذ تراجعت الاسعارهل السبب هو كثافة المعروض من البضاعة ام تري وجود سبب اخر فاجبني تراجع الاسعار ربما يكون سببه هذا الكساد الذي بات سمة عامة ويمكن القول اننا نعتقد ان الازمة المالية وعدم توفر السيولة وراء تراجع الاسعار ورفض ان يكون السبب هو الوفرة قائلا ان انتاجية هذا العام ليست في مستوي السنوات الماضية بمنطقتي الدالي والمزموم رغم ان الاوضاع احسن نسبيا بالمزموم .
كنت قد تلقيت ذات الاجابة من المزارع صديق علي مصطفي ابان زيارتي للقضارف عندما اكد لي ان انتاجية هذا العام اقل من السنوات الماضية خاصة ان منطقة الفشقة ظلت خارج دائرة الانتاج لانها مستزرعة بواسطة الاثيوبيين وثمن مصطفي القرار الخاص بمنع فتح الاعتمادات الخاصة بتصدير الذرة . وحول تقارير التي تؤكد ان انتاجية البلاد من المحاصيل عالية وفي مستوي المتوسط قال مصطفي ان هذه التقارير غير صحيحة فكل مزارعي القضارف .. وفي سوق محاصيل الابيض اشار مراسل الاذاعة السودانية من سوق محاصيل الابيض امس الاول الي ان ارز علامات الحراك التجاري امس الاول هي الركود التام وحالة الشلل التي كادت ان تخنق الحياة بالسوق وفي جميع المحاصيل والسلع.